الإشاعة من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للأشخاص والمجتمعات وقد لجأ لها الأعداء كوسيلة من وسائل الهدم والتدمير للمجتمع الإسلامي فكم أقلقت الإشاعة من أبرياء وحطمت عظماء وهدَّمت وشائج وتسببت في جرائم وفككت من علاقات وصداقات وكم هزمت من جيوش ولكي أكون دقيقاً في وصفها تعالوا بنا نأخذ مثالاً واحداً من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم هو حادث الإفك فهو يعتبر حدث الأحداث في حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ولم يمكر بالمسلمين مكر أشد من تلك الوقعة وهي مجرد فرية وإشاعة مختلفة بيَّن الله كذبها في قرآن يتلى إلى يوم القيامة ولولا عنايته سبحانه وتعالى لبيت نبيه صلى الله عليه وسلم لكادت هذه الإشاعة أن تعصف بالأخضر واليابس ولا تبقى على نفس مستقرة مطمئنة ولقد مكث مجتمع المدينة بأكمله شهراً كاملاً وهو يصطلي نار تلك الفرية وتعصره الإشاعة الهوجاء حتى نزل القرآن يغسل آثار هذه الفتنة ويعتبرها درساً تربوياً نجح فيه أقوام ورسب فيه آخرون وليبقى هذا الدرس لكل مجتمع بعد المجتمع المدني إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وصدق الله العظيم [لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ].
وللإشاعة قدرة على تفتيت الصف الواحد والرأي الواحد وتوزيعه وبعثرته فالناس أمامها بين مصدق ومكذب ومتردد ومتبلبل وتتناقض الأخبار أمام ناظريك وسمعك فهذا ينفي وذاك يثبت وذاك يشكك وآخر يؤكد فكم من حي قد قيل إنه ميت وكم من ميت زعموا حياته وكم من ضالٍ شاع أمره بأنه من الأولياء وأصحاب الكرامات وكم من رجل صالح شاع أمره أنه نكص على عقبيه وفعل الأفاعيل وكم من بريء قد اتهم وكم من متهم حوله قرائن كثيرة تدل على جريمته تأتي الإشاعة فتبرئه براءة الشمس في رابعة النهار فيختلط الحابل بالنابل والصحيح بالمريض والسليم بالعليل والأحمر بالأسود.