وقف الزوج يرن جرس الباب ، وزوجته بالداخل جالسة لا تفتح ، وحجّتها في ذلك أن معه مفتاحًا للباب ، فلماذا يرن الجرس ويزعجها بالنهوض لفتح الباب له واستقباله ؟! ، وتعتبر ذلك نوعًا من الاستعباد لمجرد السيد الرجل وسيطرته ، وظلت تهذي بهذه الأفكار المنكرة على الرغم من أنها تعرف أنه حاملاً في كلتا يديه بعض طلبات البيت من خبز وفاكهة وخلافه ، وأنه كان يستعين ببعض ما تبقى له من أجزاء يده في رن الجرس، وظلت تبادله الحجّة بالحجّة وتجادله وتردّ عليه كلمة بكلمة، وأنه كان بإمكانه وضع ما معه على الأرض حتى يفتح الباب بالمفتاح ثم يحمل هذه الأشياء مرة أخرى ،
فهل هذه زوجة تنشد الاستمرار والنجاح مهما كان زوجها صبورًا واسع الصدر ؟!
· قد لا نضيف جديدًا إذا قلنا إن نجاح الحياة الزوجية يتطلب قدرًا من التفاهم والتسامح والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن الزلات والتعالي على الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء، أما إن قامت العلاقة بين الزوجين على الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء والمشاجرات المستمرة على كل صغيرة وكبيرة، فإن ذلك يسرع بتصدع الأسرة وتفككها، ويشتت شمل أفرادها، وقد يقضي على كيانها، فأكثر الأزواج والمقبلين على الزواج يعرفون ذلك لكنهم كثيرًا ما يعجزون عن تحقيقه ..
· والعناد في الرجل والمرأة على السواء لكنه في المرأة أوضح، ويعتبر أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم المشكلات بينهما، ولا يخفى ما يترتب على صفة العناد من آثار نفسية وتربوية وانفعالية تخلفه على الزوجين وأولادهم.
· وخطورة عناد الزوجة أنه قد يبدأ بمشكلة صغيرة تتطور مع العلاج السلبي لها إلى مشكلات قد تنتهي بالطلاق حفظ الله بيوتنا من شر الطلاق إذ تشير الأبحاث الاجتماعية إلى أن العناد بين الزوجين أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم المشكلات بينهما، وأنه يلقي بظلال نفسية وتربوية وانفعالية على الزوجين، وقد تمتد إلى أولادهم .
من أين يأتي ؟!
· أصل في تربيتها فهناك عناد تكتسبه الزوجة من إقتدائها وتشبهها بوالديها لأنه أسلوبهما في تربيتها، فالعقاب القاسي في الصغر يب صرامة وصلابة وعناداً وإصراراً على تحقيق الرغبات، وقد يكون عناد الزوجة بسبب التعزيز الأسرى لهذه الصفة في مرحلة الطفولة بأن تكرر الأم في وصفها: أنها عنيدة ورأسها يابسة، فتترسخ هذه الصفة في داخلها، ثم تستغلها في تحقيق أغراضها..
· وقد يكون صفة أصلية فيها لم تقوم ولم يتم التعامل معها بطريقة سليمة .
· قد يأتي العناد من قبل الزوجة تقليداً لسلوك أمها
مع أبيها، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بيت تتحكم فيه الأم وتسيّر دفته، تحاول أن تحذو نفس الحذو في بيتها ومع زوجها، بل وربما تختار الزوج حين تختاره بحيث يكون ضعيف الشخصية، حتى يسهل لها ما تريد.
· وقد تعاند بسبب التدخل المستمر لكل ما تفعله دون مبرر ، فتظهر تذمرها ثم تعاند..
· تسلط الزوج وعدم استشارته للزوجة في أمور المعيشة وتحقير رأيها أحياناً الاستهزاء به مما يدفع الزوجة في طريق العناد، فهناك بعض الأزوج لديهم أفكار خاطئة عن خيبة وفساد رأي المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت، وهذه الأفكار فوق أنها حمقاء فهي بعيدة عن هدي الإسلام الحنيف .
· الشعور بالنقص وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج نتيجة
المعاملة الأسرية لها من أهلها، والتي لم تتسم بالاحترام والتقدير وبعث
الثقة في النفس، وقد تكون وليدة ظروف الزواج، فمعاملة الزوج زوجته معاملة قاسية وعدم وضعها في مكان التقدير والاحترام كإنسانة لها حاجات نفسية واجتماعية يجب أن تلبى ، وقد يكون ذلك من أسباب الشعور بالنقص عند المرأة، فتلجأ لوسيلة العناد للتغلب على هذا الإحساس ، وللشعور بالذات وبالأنا .
· عدم التكيف مع الزوج فيأتي العناد نتيجة لذلك .
· ستار زائف وقد يكون ستارًا زائفًا تدعي من خلاله القوة لتداري ضعفها، ويشير علماء النفس إلى أن العناد صفة موجودة في الرجل والمرأة لكنه أكثر وضوحًا عند المرأة، فهو سلاحها الوحيد الذي تدافع به عن نفسها أمام ما تعتبره قوة للرجل واستبدادًا لا قبل لها بمواجهته، فتلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه لا يتوافق مع أسلوبها ومشاعرها فيترجمه الزوج على أنه عناد وتبدأ المشكلات.
علاجات مقترحة ..
أيتها الزوجة .. إذا لم يكن بمقدورك تحويل عنادك إلى طاقة إصرار لتحقيق أهداف إيجابية أو التخلص من صفات سلبية فيجب على الأقل أن تمنعي عنادك من أن يقوض حياتك الزوجية وذلك بعدة وسائل:
· حب الزوج لزوجته وعطفه عليها واحترامها وعدم إهانتها بأي كلمة أو إشارة، فإنه بذلك يحننقلبها ويساعدها على احترامه وعدم المكابرة والعناد معه .
· التمسك بآداب الحوار البناء مع الزوج – ومع غيره أيضًا – وعدم التشبث المريض بالرأي والاستماع إلى حجة الطرف الآخر وتقديرها .. ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح، والعفو بين الزوجين حتى تسير الحياة في أمان واستقرار.
· ترك الجدال والخلاف حول الأمور الصغيرة والحرص على الاتفاق حول الأمور الكبيرة كأسلوب تربية الأولاد أو شراء بيت أو التوظف في عمل.
· إبعاد الأطفال من دائرة الخلاف بين الزوجين الناجم عن العناد وعدم الاستعانة بهم للانتصار لرأيك أو موقفك.
· تذكرا الميثاق الغليظ الذي ربطكما فأنتما لستما شريكين في تجارة تختلفان حول أرباحها وخسائرها وما بينكما ميثاق غليظ تصغر أمامه كل أنواع العلاقات الاجتماعية الأخرى ، وهذا يتطلب منكما شيئًا من التنازل والعفو وليس في ذلك إهانة أو تقلل من قدر .. كانت أمامة بنت الحارث توصي ابنتها أم إياس عند زواجها: " كوني له أمة يكن لك عبدًا " .. وأخرى أوصت ابنتها فقالت: " كوني له أرضًا يكن لك سماءً " ..
· استحضار نية حسن التبعل عند وقوع الخلاف مع الزوج ؛ فعن حصين بن محصن أن عمة له أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها: أذات زوج أنت؟ .. قالت: نعم .. قال: كيف أنت له ؟ .. قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه .. قال: فانظري أين أنت منه , فإنه جنتك ونارك
· ذكاء وفطنة .. أن يتصرف الزوج بذكاء وهدوء عند عناد الزوجة ويحاول امتصاص غضبها وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعها إذا كانت مخطئة.
· انظر للجانب الإيجابي .. هناك جانب إيجابي في عناد الزوجة حيث تدفع الزوج للعمل والنشاط والتفوق والبحث عن مجالات جديدة لزيادة الدخل
· وفى بعض الأحيان .. يكون العناد رغبة من الزوجة في السيطرة مما يتعارض مع رغبة الزوج ، وفي هذه الحالة عليه توضيح الأمور لها قبل أن تستحيل الحياة بينهما ويتحول منزل الزوجية إلى حلبة صراع .
همسة في أذن الزوجة
أيتها الزوجة الكريمة .. اعلمي أنك بعنادك هذا تسعين نحو خراب بيتك بيدك .. فالزوج له طاقة وقد ينفذ صبره وتجنين من وراء فعلك ما تكرهين .. ثم إن هذا الذي تفعلين من عناد لا يقره شرع ولا دين .. قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا صلت المرأة خمسها , وصامت شهرها , وحفظت فرجها , وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أبواب الجنة شئت ) رواه أحمد ..
أيتها الزوجة الكريمة .. إن التراضي بينك وبين زوجك ولين الجانب تنعكس آثارها عليك في بيتك أولا بحب زوجك لك وعلو قدرك عنده .. ثم رضا الله سبحانه وتعالى عنك وهو خير ما ييظفربه المرء في الدنيا ..
أيتها الزوجة الكريمة .. الزوجة الواعية هي من لا تستثير غضب زوجها ، وإذا عرفت أن أمرًا ما يغضبه فلا تأتيه، حفاظًا على مشاعره، وإن أخطأت فعليها بالاعتراف بالخطأ وأن لا تأخذها العزة بالإثم وترفض اعتبار نفسها مخطئة، فالزوج بطبيعته لن يقبل هذا.. ما أجمل أن تتنازلي قليلاً عن كبريائك وتذهبي إلى زوجك لترضيه وتصيغى ذلك في أسلوب رائع، بأن تأخذي يده بيدك وتقولي: لا ترى عيني النوم حتى ترضى، يعني لن أتركك تنام وأنت بهذه الحالة من الغضب ..
تحياتى السمان