الدلالات النورانية فى قوله تعالى " وسراجا منيرا "0
لم يجتمع - كما نفهم - لأحد فى العالمين نور الشمس والقمر فى عين واحدة كما اجتمع لسيد ولد آدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد جمع الله سبحانه وتعالى له صلى الله عليه وسلم من أنوار الوجود والعلم والمعرفة ومكارم الأخلاق ما تمم به كل نور بدا ، وختم به كل علم سما ، وجمل به كل كون نشا ، وغرد به كل صوت شدى !
يقول عز من قائل فى وصف نبيه وحبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم " يا أيها النبي إِنَّا أرسلناك شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً " ( الأحزاب : 45 ، 46 )
والثاني : كونه رسولاً. وهنا صفات ست له صلى الله عليه وسلم وهي " 1- الوصف الأول : كونه نبياً. والثاني : كونه رسولاً3- والثالث : كونه شاهدا. 4- ً
والرابع : كونه مبشراً و نذيراً. 5-
والسادس : كونه داعياً إلى الله تعالى بإذنه. 6-
والسابع : كونه سراجاً منيراً .
والإمام الفخر الرازي فى ( فتوح الغيب ) جعلها ثمانية صفات ، فقد عد مبشرا صفة ، ونذيرا صفة ، كما عد سراجا صفة ، ومنيرا صفة.
وفهمنا – مع استرشادنا بما قاله الرازى – أن مبشرا ونذيرا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم صفة واحدة .
وكذلك فهمنا وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه سراجا منيرا.
وذلك لفهمنا أنها صفات مقابلة ، فهو صلى الله عليه وسلم مبشرا من وجه ، ونذيرا من وجه ، فالعين واحده هي ذاته صلى الله عليه وسلم ، فيكون مبشرا للمن اهتدى ، ومنذرا لمن ضل وغوى فى ذات الوقت ، فيبشر المؤمنين بأن لهم الجنة ، وينذر الكافرين من عذاب يوم شديد.
وكذلك وصفه بأن سراجا منيرا ، فهي من الصفات المتقابلة ، فهو سراج من وجه ، وهي صفة جلال ، ومنير من وجه ، وهي صفة جمال ، والعين واحدة موصوفة بالكمال الخلقي والخلقي ، وهو ما لم يتوفر لمخلوق سواه صلى الله عليه وسلم .
والحق يقال أن نور الشمس والقمر كلاهما من نوره نشا ، فليس نورا جعل فى الكون الأعلى أو الأدنى إلا من نوره صلى الله عليه وسلم ، فمن نوره صلى الله عليه وسلم ظهر الوجود ، ومن جماله أزينت الموجودات ، واكتست الأكوان حسنها ، واهتزت الأرض وربت ، فهو غيث لكل الخلائق ، ورحمة الله للعالمين ، بدأ الله سبحانه به الوجود ، وبه ختم النبوة والرسالة ، فجاءت شريعته عالمية فى الزمان والمكان ، على أحسن ما تكون عليه وجوه الوسطية من خصائص التمام والكمال والشمول والعموم و الفطرية التى لا تتوفر فى غيرها من الشرائع الكتابية ، فكانت شريعة بسيطة سهلة ميسره ، فى وزن وقسط وعدل وخير فاضل ؛ فلا عوج فيها ولا أمتا.
يقول عز من قائل فى وصف خاتم أنبيائه ورسوله المصطفى المختار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا مبشرا ونذيرا *
وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " ( الأحزاب : 45-46 )
وهنا لطائف ومناسبات جليلة وجميلة بين وصف النبى صلى الله عليه وسلم بأنه سراج ، وبين اسمه محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد ذكر لفظ السراج فى القرآن الكريم مرات أربع ، وهو نفس العدد الذى ذكر به النبي صلى الله عليه وسلم باسمه محمد ، فقد تكرر ذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم على عدد لفظ السراج أربع ( 4 ) مرت فى أربع آيات0
وذلك فى قوله تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ "
( آل عمران : 144 )
وقال سبحانه "
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً " (الأحزاب : 40 ) وقال تعالى " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ " ( محمد : 2 ) وقال عز وجل " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً "( الفتح:29) أما لفظ السراج ، فقد تردد ذكره فى القرآن الكريم أربع ( 4 ) مرات فى أربع آيات أيضا0 وذلك فى قوله تعالى " يا أيها النبي إنا أرسلناك مبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " ( الأحزاب : 45-46 ) و قال تعالى" تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا و وقمرا منيرا " ( الفرقان :61 ) و قال سبحانه " وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا " ( نوح : 16) و قال تعالى جده " وجعلنا سراجا وهاجا " ( النبأ : 13) هذه أربع آيات جاء فيها ذكر كلمة سراج ، ولكنها ليست جميعا على نحو واحد ، أو نسق واحد ، أو وصف واحد0 وتمهل معنا أيها الكيس الفطن ! وتأمل أيها المحب القريب ، وانظر ، فهاهنا ثلاث آيات من الآيات الأربعة جاءت فى وصف الشمس الكونية بأنها سراج . إلا أن آية واحدة من الآيات الأربع تصف الشمس بالإحراق بحسب طبيعتها. وهو ما تبين للعلم والعلماء المحدثين ، فالشمس نجم ملتهب نارا ، فهى كما قال ربنا سبحانه وتعالى " سراجا وهاجا ". وهنا آيتين تميزان الشمس عن القمر ، فقد وصفتا القمر بالنورانية ، فليس محرقا كالشمس ، بل هو نور ، كما وصفه ربنا سبحانه وتعلى " و قمرا منيرا " ولا شك أن وظيفة الشمس والقمر فى استمرار الحياة على سطح الأرض والكواكب الأخرى باتت معلومة هذه الأيام بسبب تقدم العلوم الكيميائية والفيزيائية النووية ، فقد أمكن التوصل إلى معرفة بعض المعلومات عن الشمس وأهميتها البالغة بالنسبة للحياة على وجه الأرض وهذه المعلومات لم يدركها أحد من العلماء من قبل. وهذا من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ! فلا تدهش ، فالدليل قرآني وعلمي أيضا . ودليلنا أن الله سبحانه وتعالى قد جعل ضوء الشمس ذاتي لها ، فقد وصفها سبحانه بأنها " سراجا وهاجا " ، فهي حارقة محرقة ، تمد غيرها بالدفء والضوء. أما القمر ، فإنما يستمد من الشمس نوره ، فيعكسه علينا بالليل نورا ، وسلاما ، وأمنا ، ومحبة ! فما وصف القمر بالنور إلا لذلك الاستمداد ، فنوره ليس ذاتيا ، بل هو من انعكاس ضوء الشمس على سطحه. تأمل أيها المحب الفطن واقرأ قول ربك العظيم تعرف نبيك أكثر مما كنت تعرف وتزداد علما إلى علمك ! قال له ربه سبحانه وتعالى يصف طبيعته صلى الله عليه وسلم " وسراجا منيرا " إنه صلى الله عليه وسلم ما وصف بهذا الوصف إلا لأن نوره رحمة وهداية وبردا وسلاما على العالمين . ولكن- إياك أن تغفل ما فهمت ، فما زال فى الوصف للوصافين بقية إلى يوم الدين " وقل رب زدنى علما " لا تنسى ، فنور نبيك صلى الله عليه وسلم ليس كنور القمر ، بل هو نور ذاتي ، فهو ( سراج منير ) ، فلا يستمد نوره كما فهمنا من أحد سوى ربه سبحانه وتعالى ، أما القمر الكوني فيستمد نوره - كما هو معروف - من ضوء الشمس . وهذا يعنى أن كل من يستمد علما أو معرفة أو مكرمة أخلاقية أو محاسن وفضائل ربانية إنما يستمدها منه صلى الله عليه وسلم ، فهو السراج المنير، شمس بلا إحراق أو أذى ، فهو رحمة للعالمين ، فيه اجتمع النور الذاتي والنور المستفاد فى عين واحدة ، فهو يقسم أنواره على كل من يقترب منه ؛ نبيا كان أو وليا أو عالما بالله وارث ، فكلما ظهر من أنوارهم من نوره يستمد ويستفاد ، كما تستمد الكواكب فى المجموعة الشمسية وتوابعها نورها من الشمس ، فإذا ما ظهرت الشمس ، فما يرى لهذه الكواكب أثر نور، ولا عين. يقول البصيري مدحا له صلى الله عليه وسلم فى بردته : وَكُلُّ آيٍ أَتَى الرُّسُلُ الْكِرَامُ بِهَا فَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ مِن نُّوْرِهِ بِهِمِ فَإِنَّهُ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَوَاكِبُهَا يُظْهِرْنَ أَنْوَارَهَا لِلنَّاسِ في الظُّلَمِ حَتَّى إِذَا طَلَعَتْ في الْكَونِ عَمَّ هُدَاهَا الْعَالَمِينَ وَأَحْيَتْ سَآئِرَ الأُمَمِ أَكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهُ خُلُقٌ بِالْحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالْبِشْرِ مُتَّسِمِ ولا يكون تكرارا أنه صلى الله عليه وسلم فى إمداده لغيره واستمداده ليس كالشمس ، فهو لا يستمد من أحد ، فمدده من ربه سبحانه وتعالى ، فهو كما نفهم كمن وجد الكنز، فهو له ملك ، وهو عليه حفيظ عليم ، فيقسم منه على الخلائق بالعدل وبما أراه الله من الحق ، فالله معطى وهو صلى الله عليه وسلم قاسم أو كما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم . روى البخاري فى صحيحه - بَاب قَوْلِ اللَّه تَعَالَى " فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ " يَعْنِي لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ وَاللَّهُ يُعْطِي " وأيضا جاء فى رواية أخرى فى ( صحيح البخاري ) 00 قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا يقول " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله يعطي ، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله " فيا الله ، بحق أبا القسم صلى الله عليه وسلم وجاهه عندك ، كن لنا يا ربنا على من عادانا وعاداه ، أو آذانا فيه أو آذاه ، أو آذانا وأساءنا فى آل بيته المطهرين الأطهار وآذاه ، أو آذانا فى أصحابه وحملة العلم من الورثة من بعده ، فأساء إليهم ، وآذاه. صلى عليك الله يا شمس الليل ، ونجم النهار، وقمر الضحى وعلى آلك وصحبك وسلم تسليما كثيرا 0 تلك بعض ما تنبهنا إليه من دلالات قوله تعالى " وسراجا منيرا " وذلك فى وصفه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم . ولا شك أن مثل هذه الدلالات الهامة وغيرها من دلالات تزكى ما سبق أن كشفنا عنه فى كتاباتنا فى سلسلة ( الحقيقة المحمدية00 ) فلقد انتهينا فى كتابنا ( نشأة العالم وأول خلق الله ) إلى أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أول الخلق أجمع ظاهرا وباطنا ، شريعة وحقيقة 0 وهو الحق الذى تواطأ عليه أهل اللطائف والإشارات من أمثل الإمام أبو حامد الغزالى .، فقد ذهب الإمام أبو حامد الغزالى فى ( مشكاة الأنوار ) مستخدما المنهج الصاعد فى إثبات أولوية النور المحمدي صلى الله عليه وسلم ، وأنه أحق المخلوقات باسم النور. هنا بدأ الإمام أبو حامد أولا بتجريد النور الحسي ، ثم يقارن بينه وبين نور البصر الذى يدرك النور ، فالبصر بهذا أولى باسم النور ، لأنه يدرك النور الحسي ، والنور الحسي لا يدركه. ثم ينتقل إلى نور العقل ، فوجد أنه أولى من نور البصر باسم النور ، لأن العقل يدرك غيره ، ويدرك أنه يدرك ، وهذا لا يكون للبصر . ولكنه - يلاحظ أن العقل لا يستطيع ، ولا يتمكن من سبر غور بعض مدركاته ، لذا فهو يحتاج إلى تنبيه ، وذلك لا يكون إلا بنور الحكمة ، نور الشرع والدين. ولما كان كلام الله تعالى ومن جملته القرآن خاصة أعظم الحكمة ، كان القرآن أولى باسم النور من العقل ، لأنه يعين العقل على معرفة الحقيقة ، فهو بمنزلة نور الشمس عند العين الباصرة. ثم ينتهى الإمام الغزالي إلى القول بأن النور الذى هو أولى وأحق باسم النور هو ذلك النور الذى تفيض أنواره على غيره ، فهو النور المقصود لذاته ولغيره ، وهو نور النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخاصة ، وأنوار الأنبياء عليهم السلام ، وكذا أنوار العلماء من الورثة بعامة. يقول " أن ما يبصر نفسه ، ويبصر غيره ، أولى باسم النور . ثم يتابع تلك المقابلة البديعة فيقول : فإن كان من جملة ما يبصر به غيره أيضا ، فهو بذلك واسطة فى إبصار الآخرين ، مع أنه يبصر نفسه وغيره ، فهو أولى باسم النور من الذى لا يؤثر فى غيره أصلا ، بل بالحرى أن يسمى ( سراجا منيرا ) بفيضان أنواره على غيره . وهذه الخاصية توجد للروح القدسي النبوي ، إذ منه تفيض أنواع المعارف على الخلائق. وبهذا نفهم تسمية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سراجا منيرا ، والأنبياء كلهم سرج ، وكذلك العلماء ، ولكن التفاوت بينهم لا يحصى ، كما يقول الإمام الغزالى. وذلك إشارة إلى قوله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " إنا أرسلناك هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " ( الأحزاب : 46 ) ومن هنا – ولكن - بأسلوب عصري يسير الشيخ محمد متولى الشعراوى على نهج الإمام الغزالى خطوة بخطوة . و كأنى أراه وأسمعه وهو يقرأ قوله تعالى " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين " ( المائدة : 15 ) إنه يريد بالنور محمد صلى الله عليه وسلم " ، وهو ما سبق إليه معظم المفسرون من أمثال الإمام البيضاوي فى تفسيره ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) عند تفسيره لسورة المائدة . يقول فضيلة الشيخ الشعراوى " يقول الله تعالى " نور وكتاب" فلا بد أن النور غير الكتاب. ونحن نعرف الكتاب الذى يشمل على المنهج ، و الذى سيخرجنا من الظلمات إلى النور ، إنه القرآن ، فإذا كان المقصود ( بالنور ) النور المعنوي ، فهذا موجود بالكتاب . ولكن – هل الكتاب أتى أولا ، ثم دلنا على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أم محمد صلى الله عليه وسلم هو الذى دلنا على الكتاب ؟ إذن محمد صلى الله عليه وسلم هو النور . ولعل فى صعوبة تصور هذه المسألة بالعقل الإنساني الكسبي ، ما دفع الشيخ الشعراوى إلى القول بأننا قبل أن نتعلم العلم التحليلي لم يكن النور فى عرفنا مادة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ظهر لنا ماديا فى صورة مشخصة 0 الناس لم يره نورا وإنما رأوه إنسانا ....... ! ولكن فى عصرنا هذا وفى أواخر القرن العشرين لا يصح أن نقف عند هذا التصور للمادة ، لأنه بات من الممكن تحويل أى مادة إلى إشعاعات ضوئية ، وكذلك العكس صحيح 0 وبعد ذلك يقول الشيخ الشعراوى : " وها هو العلم يؤكد ذلك المعنى ، فالنور هو البداية ، ثم عملت منه الماديات. ثم يلفت النظر إلى المنهج الذوقي والعلم الوهبي بقوله : أما الكلام المشهدى ، فهو شيء آخر ! وكما يبدو لنا أنه يريد أن هذا أمرا لا يمكن إدراكه بالعقل الكسبي ، بل بنور باطن وفضل من الله ومنة. منقول *****