الشباب.. يوم لاستعراض القوة

الشباب.. يوم لاستعراض القوة

ستصل أعدادهم إلى 1.8 مليار بحلول عام 2010.. ثلثهم في الدول النامية

نيو دلهي: براكريتي غوبتا
تجمع مجموعة من الشباب في العاصمة النمسوية في عام 1991 للمشاركة في اول جلسة في منبر شباب العالم التابع للامم المتحدة، ولم ينته ذلك الاجتماع من دون ان يضع بذرة ميلاد يوم عالمي للشباب، الذي انتظر 9 اعوام أخرى لإعلانه دوليا. وفي 12 اغسطس (اب) الجاري، يحتفل نحو 1.25 مليار شخص بيوم الشباب العالمي، وهو اليوم الذي يدعو الى الاعتراف بقوة الشباب ويلفت انتباه الحكومات وغيرها من المؤسسات الى قضايا الشباب عالميا، ويحتفل بإنجازاتهم ويخطط للوسائل الكافية بتحسين مشاركة الشباب لاتخاذ خطوات لتطوير بلادهم.
وطبقا لدراسة جرت أخيرا فإن عدد الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 الى 24 سنة سيصل الى 1.8 مليار شخص بحلول عام 2010، ويعيش 1.5 مليار شخص، أي ما يقرب من ثلث هؤلاء الشباب والشابات، في دول نامية. وتجدر الاشارة الى ان شرق اسيا والمحيط الهادئ وجنوب اسيا بها اعلى نسبة من الشباب تليها افريقيا. اما الشرق الاوسط واوروبا واميركا فبها نفس نسبة الشباب.
وطبقا لتقرير للولايات المتحدة فإن 51 في المائة من مجموع سكان الدول النامية والاقل تنمية هم تحت سن الخامسة والعشرين، وان 20 في المائة منهم تتراوح اعمارهم بين 15 و 24 سنة. وفي كل من الدول النامية والدول الصناعية لا تتحقق احتياجات وتطلعات الشباب بصفة عامة. فالصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها العديد من الدول النامية هي اكثر خطورة بالنسبة للشباب. كما يتأثر الشباب بتزايد معدلات استخدام المواد المخدرة وسط الأحداث. ويشكل الشباب في الدول الصناعية مجموعة اجتماعية تواجه مشاكل خاصة بها وعدم ثقة بالمستقبل، بسبب الحد من فرص العمل.
ويوم الشباب الدولي هو ظاهرة شابة في حد ذاته. فقد طرحت الفكرة في عام 1991 من قبل مجموعة من الشباب خلال اجتماع بفيينا، اوصى بإعلان يوم للشباب الدولي بغرض جمع التبرعات والترويج للفكرة ولدعم صندوق الشباب التابع للامم المتحدة بالاشتراك مع منظمات الشباب. وفي شهر ديسمبر 1999، تبنت الامم المتحدة استراتيجية دولية لمواجهة العديد من مشاكل الشباب في عديد من انحاء العالم، والمساعدة على زيادة فرصهم للمشاركة في حياة مجتمعاتهم عبر البرنامج العالمي «للعمل من أجل الشباب حتى عام 2000 وفيما بعد». ولذا تم اعلان 12 اغسطس يوما للشباب الدولي. وعقد اول يوم للشباب الدولي في 12 اغسطس من عام 2000. وتغطي هذه الخطة 10 نقاط رئيسية: التعليم والعمل والجوع والفقر والبيئة واستخدام المخدرات وانحراف الاحداث ونشاطات الترويج عن النفس والفتيات والنساء، والمشاركة الكاملة والفاعلة للشباب في حياة المجتمع وفي اتخاذ القرار.
وكانت الامم المتحدة قد اعلنت عام 1985 سنة دولية للشباب للتركيز على قضايا الشباب. وتجدر الاشارة الى ان شعار السنة السابعة من يوم الشباب الدولي هو «مشاركة الشباب في التنمية» ويركز شعار يوم الشباب على المساهمة الهائلة للشباب والشابات في كل مكان نحو الدعوة من اجل الاعتراف بهم كشركاء ملتزمين بالجهود العالمية لتحقيق التنمية والسلام. ويتأثر الشباب بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حول العالم. ولكن في عديد من الدول لا يسمح للشباب بالمشاركة في اتخاذ القرارات التي تشكل مجتمعاتهم. وبالتالي فإن يوم الشباب الدولي هو فرصة عظيمة لجمع الدعم وخلق الظروف التي تشجع خيال الشباب ومثلهم ورؤيتهم لمصلحة مجتمعاتهم. ومن المشاكل التي يعمل يوم الشباب الدولي على حلها هي «عدم المساواة في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتفرقة بين الجنس والحياة غير الآمنة والمعدلات العالية للبطالة والنزاعات المسلحة والتعصب العرقي والتشرد، واستمرار تدهور البيئة العالمية وزيادة معدلات الامراض والجوع والتغييرات في دور الاسرة ونقص فرص التعليم والتدريب».
وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في رسالته بمناسبة يوم الشباب انها فرصة سنوية للاعتراف بـ 1.2 مليار شاب والاحتفال باجازاتهم والعمل على مشاركاتهم في كل جوانب الحياة. وقال ان صانعي القرار في الحكومات وأصحاب القرار في المجتمعات يتحملون مسؤولية مواجهة القضايا التي تؤثر على شباب تلك المجتمعات وضمان مشاركتهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشكل حياتهم في السنوات المقبلة.
وذكر تقرير للبنك الدولي حول التأثير السلبي لسلوك الشباب على اقتصاد البلاد أن نشاطات الشباب الخطرة تخفض التنمية الاقتصادية في اميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة 2 في المائة سنويا، ما يجعل تلك الدول تخسر مليارات الدولارات. ولجعل الحكومات المعنية تركز اكثر على مشاكل الشباب حاولت الامم المتحدة الترويج لبعض المشاكل الرئيسية مثل البطالة والفقر وتأثيرهما على الشباب في كل مجتمعات العالم تقريبا من خلال ايام الشباب. وكان شعار يوم الشباب الدولي عام 2003 هو تشغيل الشباب.
وكشفت دراسة ان هناك 74 مليون شاب عاطل عن العمل في العالم اليوم، يصارع العديد منهم للحياة بمرتبات منخفضة وفي ظروف عمل سيئة في قطاعات غير رسمية عادة ، بلا حماية تذكر ولا إعانات. وتجدر الاشارة الى ان البطالة بين الشباب هي واحدة من اكبر التحديات التي تواجه دول العالم. وطبقا لمنظمة العمل الدولية مثّل الشباب والشابات، في عام 2005، نسبة 41 في المائة من العاطلين عن العمل في العالم، ومعدلات البطالة في العالم أعلى مرتين او ثلاثا في الدول الافريقية، بينما توجد في شرق اسيا اقل نسبة بطالة.
في عام 2003 كانت رسالة كوفي أنان، الامين العام السابق للامم المتحدة، بمناسبة عيد الشباب، تحمل قلقا جادا حيث كتب: «ارتفاع البطالة بين الشباب بشكل هائل يجعلهم أكثر استعدادا لارتكاب الجرائم وتعاطي المخدرات والمشاركة في النزاعات الأهلية بل وحتى الإرهاب». وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن واحدا من كل خمسة شبان يعيشون على أقل من دولار أميركي في اليوم بينما يعيش 45% منهم على أقل من دولارين في اليوم. ويقدر وجود 209 ملايين شاب يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم وهناك ما يقرب من 515 مليون شاب يعيشون على أقل من دولارين في اليوم.
وهذه الأرقام تعكس أبعادا متعددة للفقر: الجوع وسوء التغذية وغياب التعليم والخدمات الأولية، وزيادة الأمراض والتشرد والسكن المزدحم، والبيئة غير الآمنة وغياب المشاركة في صياغة القرارات التي تنظم الحياة الاجتماعية والثقافية. وكان شعار يوم الشباب الدولي لعام 2006 «الشباب وإزالة الفقر من خلال التوثق من حصول الشباب على الاهتمام الذي يستحقونه على المستوى العالم والوطني والمحلي من حيث بذل الجهود لزيادة عدد فرص العمل للشباب وتحسين قدراتهم».
وتجعل الفاقة الشديدة وسوء التغذية الشباب معرضين للأمراض، وتعزى لهذين العاملين الإصابة بفيروس نقص المناعة. وللتركيز على هذه القضية كان ليوم الشباب الدولي لعام 200 شعار «كلما كان الشباب أصح كانت الأمة أصح». التهديد المتزايد للإيدز وسهولة تعرض الشباب للمرض قضية مقلقة جدا. فكل دقيقة هناك خمسة أشخاص ما بين العاشرة والرابعة والعشرين يصابون بفيروس نقص المناعة المكتسب«اتش آي في».. وعلى المستوى العالمي فإن هذا الصنف من الأعمار مصاب ثلثه بالايدز أو بفيروس نقص المناعة. وفي يوم الشباب تم تنظيم الكثير من الحفلات الموسيقية وورشات العمل ومناسبات ثقافية على المستوى العالمي مع مسيرات وحملات جمع تبرعات. ويعمل قسم الشباب التابع للامم المتحدة لتعزيز المعرفة بالوضع العالمي للشباب وزيادة تعريف العالم بحقوق وطموحات الشباب. وطرحت سياسات تخص الشباب مع تحديد آليات للتنسيق بين الجهود الدولية والوطنية كأجزاء من تنمية اجتماعية واقتصادية بالتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية وتعزيز مشاركة الشباب في صياغة القرارات على كل المستويات.
مع ذلك فإن الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بيوم الشباب العالمي للشبان الذين يحتفلون ويتعرفون على دينهم. وجرى أول احتفال بيوم الشباب العالمي في روما عام 1986 وأصبح الاحتفال منذ ذلك الوقت سنويا. ويجري كل عامين أو ثلاثة تجمع عالمي في مدينة ما. وتشمل المناسبة التعرف على ثقافة البلد المضيف. وفي هذه السنة جرى الاحتفال بمدينة بالم سنداي في أبريل (نيسان) الماضي وتقرر إجراء الاحتفال لسنة 2008 بسيدني في استراليا. ليس مهما من يحتفل بيوم الشباب بل المهم هو جلب الشباب إلى مقدمة التحولات على مستوى العالم وعلى مستوى الإبداع. وهم قادرون إن منحوا الامكانية أن يلعبوا دورا في التطور والسلام. لكن إن هم همشوا فنحن جميعا سنتضرر. دعونا نعمل من أجل منح الشباب فرصة المشاركة في التغيير بشكل كبير بالنسبة لحياة المجتمعات.