دعا فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى عقد قمة إسلامية طارئة لبحث الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة ضد المسجد الأقصى، كما دعا القمة العربية المقبلة في ليبيا إلى وضع قضية الأقصى على رأس أولوياتها، وسحب مبادرة السلام العربية، مناشدًا المسلمين بضرورة اليقظة والاستعداد للدفاع عن الأقصى.
وقال القرضاوي خلال خطبة الجمعة في مسجد عمر بن الخطاب: أنادي الملك محمد السادي ملك المغرب بصفته رئيس لجنة القدس إلىدعوة الدول الإسلامية إلى قمة طارئة لبحث العدوان الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى والمخاطر التي يتعرض لها، ومحاولات تهويد مدينة القدس الشريف، كما أنادي القمة العربية المقبلة في ليبيا إلى وضع قضية الأقصى على رأس أولوياتها، وسحب مبادرة السلام العربية التي لم يعد لها وجود على أرض الواقع.
وأوضح أن هناك العديد من المخاطر المحدقة بالمسجد الأقصى، مضيفًا: إن الأقصى يتعرض للخطر الداهم وسط صمت العالم الإسلامي، الأقصىى الذي ارتبطه ذكره في القرآن بالمسجد الحرام، واللذي انتهت إليه رحلة الإسراء، وبدء منه المعراج، وكأنها إشارة إلى أن من يفرط في المسجد الأقصى يوشك أن يفرط في المسجد الحرام، فالمقدسات لا تتجزأ ولا تقبل التنازل، وإن كان فضلها يتفاوت فيما بينها.
وقال: إن القدس وكل فلسطين أرض عربية إسلامية تاريخًا وشرعا وواقعًا، فاليهود لم يكن لهم وجود في القدس، وعندما فتحها المسلمون اشترط النصارى ألا يساكنهم اليهود وهو ما أقره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكن بعد قرون عن طريق الحيل والمكر والخداع والرشوة لقادة الغرب دخل اليهود الأرض المقدسة.
وأضاف: لقد حاولوا رشوة خليفة المسلمين السلطان العثماني عبد الحميد بملايين الليرات الذهبية، ولكنه رفض وقال سندافع عنها بدمائنا، وإذا متنا فخذوها مجانًا، ورفض أن يتنازل عن شبر واحد منها وعن أي ذرة تراب، ولكنهم اتخذوا طريقًا آخر من خلال الاحتلال البريطاني ووعد بلفور الشهير الذي مهد الطريق لإنشاء وطن قومي لليهود في أرض فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني، وقد علق الحاج أمين الحسيني على ذلك بقوله إن فلسطين ليست أرض بلا شعب ليأتي إليها شعب بلا أرض.
وتابع: وبعدها بدأت العصابات الصهيونية مثل الهجانا وغيرها في ترويع الناس وسفك الدماء وارتماب المجازر الوحشية، وقد ساعدهم الاحتلال بالتسليح وفي الوقت ذاته منع السلاح عن أهل فلسطين، وهو ما اضطرهم إلى الهرب والنجاة بحياتهم، وهي الغلطة التي وقع فيها أهلنا، فكنت أتمنى أن تتحول البيوت إلى قبور وألا يغادرها أهلها، ولكننا في النهاية لم نكن هناك ولم نتعرض لما تعرضوا له.
وأردف: وفي 15 مايو 1948 قامت الدويلة المزعومة، وبعده بدقائق اعترفت بها واشنطن وقالت إن اسرائيل خلقت لتبقى، وتوالت الاعترافات الغربية إثر ذلك، كل الغرب اعترف بها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبدأ الكفاح منذ ذلك اليوم ولن يتوقف حتى تعود فلسطين إلى إسلامها من جديد.
وبنبرة حزينة تذكر لحظات الإعلان عن سقوط فلسطين في يد العصابات الصهيونية، وقال: كنت وقتها في الثانوية وكنا نستمع إلى المذياع وهو يرثي المدن الكبرى الواحدة تلو الأخرى، ويقول سلام عليك يا يافا سلام عليك ياحيفا سلام عليك يا عكا.
وتعجب القرضاوي من الصمت العالمي عن قضية فلسطين وهي أعدل قضية على سطح الأرض، حيث يدافع الأبرياء المستضعفين عن ديارهم وأرواحهم وأرض أجداهم، أمام احتلال عنصري بغيض جاء من مختلف بقاع الأرض ليطرد أهل البلاد ويحل محلهم ويسفك الدماء.
وحول الموقف العربي من القضية، قال: كان العرب على صوت رجل واحد يقولون إن إسرائيل كيان باطل يجب إزالته لأن ما بني على باطل فهو باطل، ولكن بعد النكسة في عاك 1967 واحتلال الضفة الغربية وسيناء والجولان والقدس؛ بدأت النغمة تتغير، واتخذت السياسة العربية خطًا جديدًا بالقول نريد إزالة آثار العدوان، وهو العودة إلى حدود ما قبل النكسة، في 4 يونيو 1967، وكأن العدوان الجديد يمحو القديم ويعطيه الشرعية، ونسى العرب نكبة فلسطين الكبرى.
وأوضح أن إسرائيل لا تتنازل عن أي شيء رغم تنازل العرب عن معظم مطالبهم، مضيفًا: إسرائيل تأخذ ولا تعطي، ولا زالت حتى يومنا هذا تملي الشروط، وما زلنا نقبل ونتنازل، وهي تستمر في الطلب والضغط، وكلما تنازلنا أكثر كلما طلبت إسرائيل المزيد. وحتى هذه الأيام في عهد أوباما الذي قدم إلينا خطب عنترية حول السلام، ينادي العرب بمفاوضات غير مباشرة، والعجيب أن اسرائيل تفرض، بل وتعلن في وجود ممثل أوباما أنها ستبنى آلاف المستوطنات الجديدة في قلب القدس.
وأضاف: وبعدها جاءت الخطوة الأحدث بإنشاء كنيس الخراب - خرب الله بيوتهم بأيدهم وأيدي المؤمين - وهي حلم وأمنية لأحد الحاخامات القدماء بأن بناء الكنيس هو بداية لبناء الهيكل المزعوم، وهو قرب الباب الغربي للأقصى، وهو بشير عندهم لبناء الهيكل وهدم الأقصى، وإن شاء الله سيكون نذير الشؤم عليهم.
ولفت إلى أن هناك اعتداءات يومية على الأقصى، كا يمنع أهل القدس أقل من 50 عاما من الصلاة هناك، مضيفًا: هذا هو حال المسجد الذي لا تشد الرحال إلا إليه مع المسجد الحرام والمسجد النبوي، إسرائيل تفعل ما تريد وأمة الإسلام، أمة القرآن، أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأحفاد الصحابة، الأمة الاسلامية التي تبلغ مليار و600 مليون مسلم في أنحاء العالم في صمت رهيب.