اتهم النائب علي لبن عضو مجلس الشعب، الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأنه اختطف مخطط ثورة يوليو- التي أطاحت بالأسرة العلوية من الحكم في عام 1952- من جماعة "الإخوان المسلمين" التي قال إنها كانت صاحبة فكرة الثورة والمخطط الأول لها، وإنه كان على اطلاع بالمخطط بحكم انتمائه إليها آنذاك، لكنه بادر بتنفيذه من خلال تنظيم "الضباط الأحرار"، بتعليمات من جهاز المخابرات الأمريكية (CIA) خوفا من قيام الجماعة بالثورة والسيطرة علي الحكم في مصر.
وأضاف لبن إن عبد الناصر نفذ الثورة كما رسمها "الإخوان" ثم انقلب عليهم بعد نجاح الثورة ونسب الفضل لنفسه ونكل بكل من كان يوالي الجماعة وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد نجيب وقام باعتقال أكثر من 45 ألف من أعضاء الجماعة التي تم حظرها في عام 1954، وأودعوا السجن الحربي، وأشار إلى أنه كان واحدا من هؤلاء المعتقلين وكان عمره وقتذاك 19 سنة وأمضى فترة طويلة معتقلا داخل السجن الحربي.
وقال إن رئيس المخابرات الأمريكية إبان ثورة يوليو أكد هذه المعلومات في مذكراته التي كتبها مؤخرا وأكد فيها أن الـ (CIA) هي التي دبرت وخططت ونفذت الثورة من خلال مجموعة من العملاء التابعين لها بالجيش المصري حينذاك، وذكر منهم الرئيس جمال عبد الناصر لقطع الطريق أمام جماعة "الإخوان" التي كانت تتأهب وقتذاك للقيام بالثورة بالتعاون مع حركة "الضباط الأحرار".
وأكد لبن أن التاريخ يشهد بدور جماعة "الإخوان" في الثورة حيث ساندت وبقوة حركة "الضباط الأحرار" قبل وبعد الثورة، وكان هناك اتصال ورسائل متبادلة بين حسن الهضيبي المرشد العام للجماعة آنذاك واللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة، وكان للجماعة دور في تأمين المرافق العامة والبنايات الهامة وحراستها خلال الأيام الأولى للثورة، كما لعبت دورا كبيرا في القناة عبر حركة الفدائيين، ما شكل ضغطًا شديدًا استغلته لصالح القيادة العسكرية المصرية خلال مفاوضات الجلاء مع الاحتلال البريطاني.
وأوضح أن الخلاف ظهر على السطح بين عبد الناصر و"الإخوان" حين ساندت الجماعة قرار الرئيس الراحل محمد نجيب بعودة الحياة الديمقراطية والنيابية للبلاد، وعودة الجيش إلى الثكنات، إضافة إلى رفضهم القاطع للاتفاقية التي وقعها عبد الناصر مع الاحتلال البريطاني، وزادت سخونة الأحداث بعد مظاهرة عابدين الشهيرة في عام 1954 والتي نظمها "الإخوان" لمطالبة الرئيس محمد نجيب بتطبيق الشريعة الإسلامية ولم يفلح أحد في صرف تلك الجموع إلا الراحل عبد القادر عودة ووقتها استشعر عبد الناصر مدى خطورة وقوة الإخوان على موقعه من الثورة فبدأ الصدام الحقيقي وفتحت المعتقلات والسجون للإخوان وكافة الناشطين السياسيين.
ويرتبط الصراع بين عبد الناصر و"الإخوان" بصراعه مع محمد نجيب الذي اشتعل بين شهري فبراير ومارس 1954، عندما زادت شعبية الأخير في الشارع المصري بعد تحالف الجماعة معه وهو ما قال لبن إنه أشعل نار الغيرة في قلب عبد الناصر الذي يعتبر نفسه الصانع الحقيقي للثورة ولهذا بدأ في التخطيط منذ منتصف عام 1953 لإزاحة نجيب عن السلطة.
وأشار إلى أن أولى خطواته للانفراد بالحكم هو السيطرة على مقاليد الحكم في القوات المسلحة، فحرص قبل إعلان إلغاء الملكية وقيام الجمهورية في 18 يونيو 1953 وتولي نجيب للرئاسة على انتزاع قيادة القوات المسلحة ليتولاها صديقه الحميم وموضع ثقته عبد الحكيم عامر الذي أصر على ترقيته من رائد للواء دفعة واحدة، على الرغم من اعتراض باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة.
وقال لبن إنه في أعقاب ذلك انفجرت أزمة فبراير 1954 عقب تقديم محمد نجيب لاستقالته، نتيجة لتعرضه لسلسلة متصلة من التجاهل وعدم الاحترام من أعضاء مجلس قيادة الثورة بتدبير من جمال عبد الناصر، وتم قبول استقالته وأصبح عبد الناصر رئيسًا لمجلس الوزراء ورئيسًا لمجلس قيادة الثورة.
وعلي إثرها بدأت أزمة "الضباط الفرسان" الذين مارسوا ضغوطا شديدة لعودة الرئيس محمد نجيب وعقدوا اجتماعا عاصفا مع عبد الناصر حول موضوعين أساسيين، هما" التصرفات المعيبة لبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة، والثاني هو قضية الديمقراطية والإصرار على عودة محمد نجيب.
ونتج عن الاجتماع ما عرف بقرارات 27 فبراير 1954 وهي حل مجلس قيادة الثورة وعدم عودة أعضائه لصفوف الجيش، وإعادة محمد نجيب رئيسًا لجمهورية برلمانية وتعيين خالد محيي الدين رئيسًا لوزارة مدنية وإعادة الحياة النيابية في اقرب وقت، واستقالة عبد الحكيم عامر من منصبه، لكن هذه القرارات لم تعجب جمال عبد الناصر والمقربين منه بطانته فقام عدد من ضباط الصف الثاني من "الضباط الأحرار" الذين اعترضوا على حل مجلس قيادة الثورة وحاصروا معسكر سلاح الفرسان ببطاريات من المدفعية المضادة للدبابات وسرايا من المشاة.
ومضى النائب الإخواني في روايته قائلاً إنه عندما تسربت هذه الأخبار للشارع المصري اندلعت المظاهرات وتجمع المواطنون في حشود هائلة وعمت المظاهرات أيضًا شوارع الخرطوم وبعض المدن السودانية هاتفين "لا وحدة بلا نجيب"، وطالب الجميع بعودة محمد نجيب للسلطة، فاضطر جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة إلى إعادته مرة أخرى رئيسًا للجمهورية بعد يومين فقط من استقالته.
لكن جمال عبد الناصر وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة لم يكفوا عن تدبير المؤامرات والمكائد – كما يقول لبن- حتى تمكنوا من إقالة الرئيس محمد نجيب في 14 نوفمبر 1954 حيث أصدر مجلس قيادة الثورة قرار بإعفائه من منصب رئيس الجمهورية وتم تحديد إقامته خارج القاهرة وحرمانه من حقوقه السياسية لمدة عشر سنوات