منتدى منارة دشنا
عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي GWGt0-n1M5_651305796
منتدى منارة دشنا
عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي GWGt0-n1M5_651305796
منتدى منارة دشنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابن السمطا
عضو جديد
عضو جديد
ابن السمطا


ذكر

العمر : 41
عدد الرسائل : 65
تاريخ التسجيل : 28/11/2015

عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي Empty
مُساهمةموضوع: عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي   عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي I_icon_minitime11/12/2019, 8:08 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رفع العلماء إلى أشرف الأماكن وأعلى منهم أسماءالصالحين، واختصّ من خلقه من أحب، فهداهم للإيمان، ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب، فتفضل عليهم، فعلمهم الكتاب والحكمة وفقههم في الدين، وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين، ففتح عليهم بمعرفتة فضلا منه، فمن هؤلاء الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب وعلماء الدين، فنشر في الخافقين أعلامهم، وأجرى بالأحكام أقلامهم، فأوضحو لنا سنه سيد الأنام من الحلال ومن الحرام، والحق من الباطل، والضار من النافع، والحسن من القبيح، ففضلهم عظيم، فهم ورثة الأنبياء، وقرة عين الأولياء، وهم نور في الدنيا ومصابيح لأنهم استمدوها من سيد الخلق وحبيب الحق، فلا يسلك أحد مسلكًا إلا بضوء تلك المصابيح، بهم نهتدي، وبطريقهم علي سير نبينا نقتدي، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ النِّعم كلها دون من سواه، وأنه لا فلاح إلا لمن هداه، ولا صلاح إلا لمن عصمه من اتباع هواه، وأن محمدًا عبده الذي ارتضاه، ونبيه الذي اختاره واجتباه، ورسوله الذي ائتمنه واصطفاه، ورفعه وأعلاه، وخصّه بختم النبوة والرساله وحباه، وأبانه بأعلى منازل الفضل على كل آدمي عداه، فهو سيد الأواخر والأوائل، والمبرَّز بفضله على كل فاضل، صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الدجى، وعلى أصحابه مفاتيح الهدى، وعلي التابعين وتابعيهم إلي يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أمّا بعد: فيقول العبد الفقير، المضطر لإحسان ربه القدير، ابن ال بحر الشريف نسبا، السمطي مولدا، الاشعري عقيدة، المالكي مذهبا، نظر الله بعين لطفه العظيم إليه، وغفر له ولوالديه وذريته، ورزقهم سعادة الدارين، ونعوذ بالله من كدر صفاء الفكر وعكر ذهن الذهن:
 اعلم أخي الكريم بأن الأئمه هم من أكيس الناس وأعلم من كثيرغيرهم بالدين، فأساس مذهبهم مبني على اتباع الكتاب والسنة، ومنهم الأمام الثالث وهو«أبو عبد الله، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الشافعي المطلبي القرشي».
وأمُّه هي: فاطمة بنت عبد الله الأزدي قال فخر الدين الرازي في هذا المقام: «وأما نسب الشافعي من جهة أمه ففيه قولان: الأول وهو شاذ رواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وهو أن أم الشافعي رضي الله تعالى عنه هي فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، والثاني المشهور أنها من الأزد». وأنه وُلد بغزة، فعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال: قال لي محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: «وُلدت بغزة سنة خمسين (يعني: خمسين ومائة)، وحُملت إلى مكة وأنا ابن سنتين». و قال الحافظ ابن حجر إنه ولد بغزة عسقلان، لأن عسقلان هي الأصل في قديم الزمان، وهي وغزة متقاربتان، وعسقلان هي المدينة.
ولد الشافعي في العام الذي توفي فيه الإمام أبو حنيفة، ولما بلغ سنتين حوّلته أمه إلى الحجاز، وقد تزوج الإمام الشافعى رحمه الله تعالى بالسيدة حميدة بنت نافع بن عيينة بن عمرو بن عثمان بن عفان.
ﺃﻧﺠﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﻢ: ﻣﺤﻤﺪ (ﺃﺑﻮ ﻋﺜﻤﺎﻥ)، ﻭﻓﺎﻃﻤﺔ، ﻭﺯﻳﻨﺐ ﻣﻦ ﺃﻡ ﻭﺍﺣﺪﺓ، وقيل له ولد آخر يسمى محمدًا أيضا، وكنيته أبو الحسن، وهو من جارية اسمها دنانير.
قيل: إنه قدم مصر مع أبيه وهو صغير، فتوفي بها، وكان الشافعي أبيض جميلا طويلا مهيبا يخضب بالحناء.
 وعن ابن عثمان وجعفر الوراق قالا: سمعنا أبا عبيد يقول: ما رأيت رجلا أعقل من الشافعي. مما قال لي الشافعي: كانت نهمتي في شيئين، في الرمي وطلب العلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من العشرة عشرة»، وسكت عن العلم، فقلت له: «أنت واللهِ في العلم أكثر منك في الرمي».
قال الشافعي: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين».
وروي عنه أيضًا أنه قال: «كنت يتيمًا في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي من أمي أن أخلُفَه إذا قام، فلما ختمتُ القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء، فأحفظ الحديث أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخيف، فكنت أنظر إلى العظم فأكتب فيه الحديث أو المسألة، وكانت لنا جرة عظيمة إذا امتلأ العظم طرحته في الجرة» قال الشافعي: «إني خرجت عن مكة، فلازمت هذيلا بالبادية أتعلم كلامها، وآخذ طبعها، وكانت أفصح العرب، أرحل برحيلهم، وأنزل بنزولهم، فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار، وأذكر الآداب والأخبار».
قال الأصمعي: «صحَّحت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس».
وكان الإمام الشافعى تلميذًا للإمام مالك رضى الله عنهما، فذهب الإمام مالك رضى الله عنه متخفِّيًا ذات يوم وراء عمود من أعمدة المسجد ليسمع تلميذه الشافعى حتى لا يُحرجه، واستمع إلى تلميذه الشافعى وهو يعظ الناس فى المسجد، فكتب على عمود المسجد من أراد العلم النفيس فعليه بمحمد بن ادريس، فلما قرأها الإمام الشافعى قال: أشهد الله أن هذا الكلام هو كلام شيخنا الامام مالك. فكتب الشافعى تحتها كيف ذلك وهو تلميذك يا مالك.
قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس».
وقيل أنه هو إمام قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض علما».
 وعن ابن عبد الحكم قال لما حملت والدة الشافعي به رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر ثم وقع في كل بلدة منه شظيه فتأوله المعبرون أنها تلد عالما يخص علمه أهل مصر ثم يتفرق في البلدان.
وعن المزني قال: ما رأيت أحسن وجها من الشافعي رحمه الله وكان ربما قبض على لحيته فلا يفضل عن قبضته.
وعن مسلم بن خالد الزنجي قال للشافعي: أفتِ يا أبا عبد الله فقدْ واللهِ آنَ لك أن تفتي، وهو ابن خمس عشرة سنة.
قال محمد بن مسلم بن وارة: سألت أحمد بن حنبل قلت: ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين هي أحب إليك أو التي بمصر قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يُحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكَم تلك.
وعن ابن راهوية قال: كنت مع أحمد بمكة فقال: تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله. فأراني الشافعي.
وعن أحمد بن حنبل قال: ما صليت صلاة منذ كذا سنة إلا وأنا أدعو للشافعي.
وعن أبي توبة البغدادي قال: رأيت أحمد بن حنبل عند الشافعي في المسجد الحرام. فقلت: يا أبا عبد الله هذا سفيان بن عيينة في ناحية المسجد يحدث. فقال: هذا يفوت ـ يعني الشافعي ـ وذاك لا يفوت - يعني ابن عيينة.
جاء يحيى بن معين يومًا إلى أحمد بن حنبل، فبينما هو عنده إذ مر الشافعي على بغلته، فوثب أحمد فسلم عليه وتبعه، فأبطأ ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد الله، كم هذا؟ فقال أحمد: دع هذا عنك، إن أردت الفقه فالزم ذَنَب البغلة.
وعن عبد الملك بن حبيب بن ميمون بن مهران قال: قال لي أحمد بن حنبل: مالك لا تنظر في كتب الشافعي. فما من أحد وضع الكتب أتبع للسنة من الشافعي.
وعن أبي ثور قال: لما ورد الشافعي العراق جاءني حسين الكرابيسي ـ وكان يختلف معي إلى أصحاب الرأي ـ فقال: قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه: فقم بنا نسخر به. فذهبنا حتى دخلنا عليه، فسأله الحسين عن مسألة فلم يزل الشافعي يقول قال الله وقال رسول الله، حتى أظلم علينا البيت، فتركنا بدعتنا واتبعناه.
وعن أحمد بن محمد بن بنت الشافعي سمعت أبي وعمي يقولان: كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفُتيا التفت إلى الشافعي فيقول سلوا هذا.
وعن أحمد بن حنبل قال: ستة أدعو لهم سحَرًا، أحدهم الشافعي.
 وعن احمد بن حنبل قال: إن الله يُقيِّض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب. قال فنظرنا فإذا في رأس المئة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المئتين الشافعي.
وعن أبي داود السجستاني قال: ما أعلم للشافعي حديثا خطأ.
وعن أبي زرعة الرازي قال ما عند الشافعي حديث فيه غلط.
وعن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي واللهِ- لسانه أكبر من كتبه، لو رأيتموه لقلتم إنّ هذه ليست كتبه.
وعن يونس بن عبد الأعلى قال: ما كان الشافعي إلا ساحرًا، ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله، كأن الفاظه سكر، وكان قد أوتي عذوبة منطق وحسن بلاغة وفرط ذكاء وسيلان ذهن وكمال فصاحة وحُضور حجة.
وعن أحمد بن حنبل وسئل عن الشافعي فقال: لقد مَنَّ الله علينا به، لقد كنّا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا، فلمّا سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم مِن غيره.
وعن المزني قال: ما رأيت رجلا أكرمَ من الشافعي، خرجت معه ليلة عيد من المسجد وأنا أذاكره في مسألة حتى أتيت باب داره، فأتاه غلام بكيس فقال: مولاي يقرئك السلام ويقول لك: خذ هذا الكيس. فأخذه منه وأدخله في كمه، فأتاه رجل من الحلقة فقال يا أبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة ولا شيء عندي، فدفع إليه الكيس وصعد وليس معه شيء.
وعن المزني قال: كنت مع الشافعي يومًا، فخرجنا الأكوام، فمرّ بهدف فإذا برجل يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر وكان حسن الرمي، فأصاب بأسهم، فقال الشافعي أحسنتَ، وبرَّك عليه ثم قال: أعطه ثلاثة دنانير واعذرني عنده. عن الربيع قال: كان الشافعي مارًّا بالحذَّائين فسقط سوطه، فوثب غلام ومسحه بكمه وناوله، فأعطاه سبعة دنانير.
وعن الشافعي قال: خرج هرثمة فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون وقال قد أمر لك بخمسة آلاف دينار، قال فحُمل إليه المال، فدعا بحجّام فأخذ شعره فأعطاه خمسين دينارًا، ثم أخذ رقاعًا فصرَّ صُررًا وفرّقها في القُرَشيين الذين هم بالحضرة ومَن بمكة حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينار.
وعن الشافعي يقول: ما حلفت بالله لا صادقًا ولا كاذبًا قط.
وعن الشافعي قال إذا خفت على عملك العجب فاذكر رضا من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب، فمن فكّر في ذلك صغر عنده عمله.
وعن الشافعي قال: ما ناظرتُ أحدًا قط إلا أحببت أن يوفَّق ويُسدَّد ويُعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظه. وما ناظرت أحدًا إلا ولم أُبالٍ بيَّنَ اللهُ الحقَّ على لساني أو لسانه.
وعن المزني أو الربيع: كنَّا يومًا عند الشافعي إذْ جاء شيخ عليه ثياب صوف وفي يده عكازة، فقام الشافعي وسوَّى عليه ثيابه وسلّم الشيخ وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبةً له إذْ قال الشيخ: أسأل؟ قال: سل. قال ما الحجة في دين الله؟ قال كتاب الله. قال وماذا؟ قال سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال وماذا؟ قال اتفاق الأُمّة. قال مِن أين قلت اتفاق الأُمّة؟ فتدبر الشافعي ساعةً فقال الشيخ: قد أجَّلتُك ثلاثًا فإن جئت بحجّة من كتاب الله وإلا تُبْ إلى الله تعالى. فتغيّر لون الشافعي ثم إنه ذهب فلم يخرج إلى اليوم الثالث بين الظهر والعصر وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه وهو مسقام، فجلس فلم يكن بأسرع من أن جاء الشيخ فسلّم وجلس فقال: حاجتي. فقال الشافعي: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتَّبِع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّه ما تولَّى ونُصْلِه جهنم وساءت مصيرًا) [النساء: 115] قال: فلا يُصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض. فقال: صدقت، وقام فذهب، فقال الشافعي قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه.
قال عبد الله بن ناجية: سمعت ابن وارة يقول: لما قَدِمت من مصر أتيت أحمد بن حنبل فقال لي: كتبت كتب الشافعي قلت: لا. قلت: فرَّطتَ، ما عرفنا العموم من الخصوص وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي. فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر.
وقال الشافعي: ما ناظرتُ أحدًا فأحببت أن يخطئ، وقال: وددت لو أن الناس تعلموا هذه الكتب ولم ينسبوها إليَّ.
 وقال: إذا صحَّ لكم الحديث فخُذوا به، ودَعُوا قولي.
وقال أحمد بن حنبل: ما أعلمُ أحدًا أعظم مِنَّةً على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، ولا أحدًا ذَبَّ عن سُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما ذَبَّ الشافعي، ولا أحدا كشف عن سوءات القوم كَشْفَه.
 وقال الشافعي: خرجتُ إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتُها وجمعتُها، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في الطريق وهو محْتَبٍ بفناء داره أزرق العين ناتىء الجبهة فقلت له: هل من منزل؟ فقال: نعم. قال الشافعي: وهذا النعتُ أخبث ما يكون في الفراسة، فأنزلني، فرأيته أكرمَ ما يكون من رجل، بعث إليَّ بعشاء وطِيب وعلف لدابتي وفراش ولحاف، فجعلتُ أتقلَّبُ الليلَ أجمع ما أصنع بهذه الكتب إذا رأيتُ النعت في هذا الرجل فرأيت أكرم رجل. فقلت: أرمي بهذه الكتب، فلما أصبحتُ قلت للغلام: أسرِجْ، فأسرجَ،, فركبتُ ومررتُ عليه وقلتُ له: إذا قدمتَ مكة ومررتَ بذي طوى فاسأل عن محمد بن إدريس الشافعي. فقال لي الرجل: أمَوْلًى لأبيك أنا؟! قال: قلت: لا. قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا، فقال: أين ما تكلَّفتُه لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريتُ لك طعامًا بدرهمين، وإدا مًا بكذا وكذا، وعطرًا بثلاثة دراهم، وعلفًا لدابتك بدرهمين، وكراءَ الفُرُش واللحاف درهمان. قال: قلت: يا غلام اعطِه. فهل بقي من شيء؟ قال: كراء البيت فإني قد وسَّعْتُ عليك وضيَّقتُ على نفسي. قال الشافعي: فغبطت بتلك الكتب فقلت له بعد ذلك: هل بقي لك من شيء؟ قال: امضِ أخزاك الله فما رأيت قط شرًّا منك.
سأل رجلٌ من أهل بلخٍ الشافعيَّ عن الإيمان، فقال للرجل: فما تقول أنت فيه؟ قال: أقول: إن الإيمان قول. قال: ومن أين قلت؟ قال: من قول الله تعالى: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } فصار الواو فصلا بين الإيمان والعمل، فالإيمان قول، والأعمال شرائعه. فقال الشافعي: وعندك الواو فصل؟! قال: نعم. قال: فإذًا كنت تعبد إلهين: إلها في المشرق وإلها في المغرب؛ لأن الله تعالى يقول: { رب المشرقين ورب المغربين }، فغضب الرجل وقال: سبحان الله أجعلتني وثنيًّا؟! فقال الشافعي: بل أنت جعلتَ نفسك كذلك. قال: كيف؟ قال: بزعمك أن الواو فصل. فقال الرجل: فإني أستغفر الله مما قلتُ، بل لا أعبد إلا ربًّا واحدًا، ولا أقول بعد اليوم إن الواو فصل بل أقول إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
وحُكِي أنَّ عامل اليمن كتب إلى الرشيد: إن ههنا شابًّا قرشيًّا يميل إلى العلوية ويتعصب، فكتب الرشيد إليه: ابعثه إليَّ تحت الاستظهار. فحُمِل إلى الرشيد. حدَّث الفضلُ بن الربيع وقال: أمرني الرشيد بإحضار الشافعي، وكان غضبان عليه، فأحضرته فدخل عليه وهو يقرأ شيئا. فلما رآه أكرمه وأمر له بعشرة آلاف درهم، فدخل خائفًا وخرج آمنا. فقلت: يا أبا عبد الله أخبِرني بم كنت تقرأ عند دخولك؟ فقال: إنها كلمات حدثني بها مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأها يوم الأحزاب، فقلت: اذكرها لي. فقال: اللهم اني أعوذ بنور قدسك وعظمة طهارتك وبركة جلالك من كل آفة وعاهة وطارق الجن والإنس إلا طارقا يطرق بخير. اللهم أنت عياذي فبك أعوذ، وأنت ملاذي فبك ألوذ. يا من ذلَّت له رقاب الجبابرة وخضعت له مقاليد الفراعنة، أعوذ بجلال وجهك وكرم جلالك من خزيك وكشف سترك، ونسيان ذكرك والاضراب عن شكرك. إلهي أنا في كنفك في ليلي ونهاري ونومي وقراري وظعني وأسفاري، ذِكْرك شعاري وثناؤك دثاري، لا إله إلا أنت تنزيهًا لأسمائك وتكريما لسبحات وجهك الكريم، أجِرْنا يا ربنا من خزيك ومن شر عقابك، واضرب علينا سرادقات فضلك وقِنَا سِيِّئات عذابك، واعِنَّا بخير منك، وأدخلنا في حفظ عنايتك يا أرحم الراحمين. وقد جرَّبت هذه الكلمات لا يقولها خائف إلا آمنه الله تعالى. وكان الرشيد يقرِّبه ويكرمه لما عرف فضله وغزارة علمه.
وكان القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن رتَّبا عشرين مسألة وبعثاها على يد حدث من أصحابهما، فقال الشافعي له: من حملك على هذا؟ فقال: مَن أراد حكمها. فقال: متعنِّت أو متعلِّم؟ فسكت الغلام، فقال الشافعي: هذا من تعنُّت أبي يوسف ومحمد. ثم نظر فيها وحفظها ورد الدرج إلى الحدث، فأخبر الخليفة بذلك، فأحضرَ أبا يوسف ومحمدًا وسألهما عن حال الدرج فاعترفا به، فأحضر الشافعي وقال: بيِّن أحكامها ولك الفضل. فقال: يا أمير المؤمنين قل لهما يسألاني عن واحدة واحدة ويسمعان جوابها بتوفيق الله. فعجزا عن استحضارها، فقال الشافعي: أنا أكفيهما. سألاني عن رجل ابَقَ له عبد فقال: هو حرٌّ إن طعمتُ طعامًا حتى أجده، كيف الخلاص من ذلك؟ الجواب: يهبه لبعض أولاده ويطعم حتى لا يعتق.
وسألاني عن رجلين كانا فوق سطح فوقع أحدهما من السطح ومات فحرمت على الآخر امرأته. الجواب: ان امرأة الحي كانت أمةً للميت، وكان الزوج بعض ورثته، فصارت الأمةُ ملكا للزوج بحق الإرث فحرمت عليه.
وسألاني عن رجلين خطبا امرأة في حالة واحدة وأنها لم تحلّ لأحدهما وحلّت للآخر. الجواب: لأحد الرجلين أربع وهي خامسة فلا تحلّ له، والآخر ما كان كذلك فحلّت له.
وسألاني عن رجل ذبح شاة في منزله وخرج لحاجة ورجع، قال لأهله: كلوا فإنها حرمت علي، فقال له أهله: ونحن أيضا قد حرمت علينا. الجواب: كان الرجل مجوسيًّا أو وثنيًا، فذبح شاة وخرج لحاجة وأسلم وأهله أيضًا أسلموا، فقال لأهله: كلوا فإني أسلمت لا تحل لي ذبيحة المجوس. فقال له أهله: نحن أيضا قد أسلمنا وحرمت علينا أيضًا.
وسألاني عن امرأة تزوجت في شهر واحد ثلاثة أزواج، كل ذلك حلال غير حرام. الجواب: إن هذه المرأة طلقها زوجها وهي حامل فوضعت. انقضت عدتها بالوضع فتزوجت، ثم ان هذا الزوج خالعها قبل الدخول فلا عدة عليها، فتزوج بها آخر وهكذا ان أردت رابعا وخامسا وسادسا.
وسألاني عن رجل حرمت عليه امرأته سنة من غير حنث أو طلاق أو عدة. الجواب: هذا الرجل وامرأته كانا مُحْرمين فلم يُدركا الحجّ، فلم تزل امرأته تحرم عليه إلى العام القابل، فإذا فرغت من الحج في العام المقبل حلَّت لزوجها.
وسألا عن امرأتين لَقِيتَا غُلامين فقالتا: مرحبًا بابنينا وابني زوجينا وهما زوجانا. الجواب: إن للمرأتين ابنين، وكل واحدة منهما مزوجة بابن صاحبتها، فكان الغلامان ابنيهما وابني زوجيهما وهما زوجاهما.
وسألا عن رجلين شربا الخمر فوجب الحد على أحدهما دون الآخر. الجواب: كان أحدهما غير موصوف بأوصاف وجوب الحد كالعقل والبلوغ.
وسألا عن قوم سجدوا لغير الله
وهم فِي فعلهم مطيعون لله  في هذا السجود. الجواب: سجودالْمَلَائِكَة لآدَم عليه السلام  .
وسألا عن رجل شرب من كوز بعض الماء وحرم الباقي عليه. الجواب: انه رعف فوقع في باقيه شيء من الدم فحرم عليه.
وسألا عن امرأة ادَّعت البكارة وزوجها يدعي أنه أصابها، فكيف السبيل إلى تحقيق هذا الأمر؟ الجواب: تؤمر القابلة بأن تحمِّلها بيضة، فإن غابت البيضة كذبت المرأة، وإن لم تغب صدقت.
وسألا عن رجل سلَّم إلى زوجته كيسا وقال لها: أنت طالق إن فتحته أو فتقته أو خرقته أو حرقته! وأنت طالق إن لم تفرغيه! الجواب: يكون في الكيس سكر أو ملح أو ما شابههما فيوضع في الماء الحار ليذوب ويفرغ الكيس.
وسألا عن امرأة قبَّلت غلامًا وقالت: وَقَالَت: فديت ابْن زَوجي وَأَنا امْرَأَة أَبِيه فَأجَاب:. الجواب: أنها أمُّه.
وسألا عن خمسة نفر زنوا بامرأة: فعلى أحدهم القتل، وعلى الثاني الرجم، وعلى الثالث الحد، وعلى الرابع نصف الحد، وعلى الخامس لا يجب شيء. الجواب: الأول مشرك زنا بامرأة مسلمة يجب قتله، والثاني محصن فعليه الرجم، والثالث بكر فعليه الحد، والرابع مملوك عليه نصف الحد، والخامس مجنون لا شيء عليه.
وسألا عن امرأة قهرت مملوكًا على وطئها وهو كاره لوطئها، فما يجب عليهما؟ الجواب: إن كان المملوك يخشى أن تقتله أو تضربه أو تحبسه فلا شيء عليه، وإلا فعليه نصف الحد. وأما مولاته إن كانت محصنة فعليها الرجم وإلا فالحد، ويُباع المملوك عليها.
وسألا عن رجل يصلي بقوم فسلّم عن يمينه فطلقت امرأته، وعن يساره بطلت صلاته، ونظر إلى السماء فوجب عليه ألف درهم. الجواب: لما سلم عن يمينه رأى رجلا كان زوج امرأته وكان غائبا، فثبت عند القاضي موته فتزوج بامرأته هذا المصلي، فرآه وقد قدم من سفره فحرمت عليه زوجته. ثم سلم عن شماله فرأى على ثوبه دما فلزم عليه إعادة الصلاة، ونظر إلى السماء فرأى الهلال فحل عليه الدين المؤجل إلى رأس الشهر.
وسألا عن رجل ضرب رأس رجل بعصا وادعى المضروب ذهاب إحدى عينيه وتجفيف الخياشيم والخرس من تلك الضربة، فيوميء بذلك كله إيماء أو يكتب كتابة. الجواب: يقام في مقابل الشمس، فإن لم يطرق رأسه فهو صادق، ويشم الحراق، فإن لم ينفعل فهو صادق، ويغرز لسانه، فإن خرج منه دم فهو صادق.
وسألا عن إمام يصلي بقوم وكان وراءه أربعة نفر، فدخل المسجد رجل فصلى عن يمين الإمام، فلما سلم الإمام عن يمينه رآه الرجل الداخل، فله قتل الإمام وأخذ امرأته وجلد الجماعة وهدم المسجد. الجواب: ان الداخل أمير تلك البقعة، وسافر وخلف أخًا مقامه في البلد فقتله المصلي، وشهد الجماعة أن زوجة الأمير في نكاح القاتل، وأخذ دار الأمير غصبا جعلها مسجدًا، فلما سلم رآه الأمير فعرفه فله قتله وأخذ منكوحته منه، وجلد الذين شهدوا زورا، ورد المسجد دارًا كما كانت.
فقال الرشيد: لله درك يا ابن ادريس ما أفطنك! وأمر له بألف دينار وخلعة، فخرج الشافعي من مجلس الخليفة يفرق الدنانير في الطريق قبضة قبضة، فلما انتهى إلى منزله لم يبق معه إلا قبضة واحدة أعطاها لغلامه.
 وكان الشافعي كثير المناقب، جمَّ المفاخر، منقطع القرين، اجتمعت فيه من العلوم بكتاب الله وسنة الرسول وكلام الصحابة وآثارهم، واختلاف أقاويل العلماء وغير ذلك من معرفة كلام العرب واللغة والعربية والشعر ما لم يجتمع في غيره، حتى قال أحمد بن حنبل: ما عرفت ناسخ الحديث ومنسوخه حتى جالست الشافعي.
وعن أحمد بن حنبل قال: كان الفقهاء أطباء والمحدثون صيادلة، فجاء محمد بن إدريس الشافعي طبيبًا صيدلانيًا، ما مَقَلت العيون مثله أبدًا.
ولما علا الشافعيَّ المرض وأذابه السقم دخل عليه تلميذه المزني فقال: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت؟فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدنيا راحلًا، ولإخواني مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنِّيها، أو إلى نار فأعزِّيها، ثم بكى، وأنشأ يقول:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبـــــي... جعلت رجائي نحو عَفْوِك سُلَّمَـــــا
تَعَاظمَني ذنبي فلمَّا قرَنْتُـــــــــــــهُ... بعفوك ربي كان عفوك أعظمَــــــا
فما زِلْتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تَزَلْ... تجود وتعفو مِنَّةً وتكرُّمَـــــــــــــــا
فإنْ تنتقِمْ مِنِّي فلستُ بآيــــــــــــسٍ... ولو دخلتْ نفسي بجُرمي جَهَنَّمَـــــا
ولولاك لم يُغوَى بإبليسَ عابــــــــدٌ... فكيف وقد أغوى صَفِيَّكَ آدمَـــــــــا
وإنِّي لآتي الذنبَ أعرفُ قَـــــــدْرَه... وأعلمُ أنَّ اللهَ يعفو تَرَحُّمَــــــــــــــا
وعن يونس بن عبد الأعلى قال:
 ما رأيتُ أحدًا لقي من السقم ـ المرض ـ ما لقي الشافعي، فدخلتُ عليه فقال لي: أبا موسى، اقرأ عليَّ ما بعد العشرين والمائة من آل عمران،... فقرأت عليه، فلما أردت القيام قال: لا تغفل عني فإني مكروب.
وعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أوصى الشافعي إلى أبي، فرأيت في آخر وصيته: ومحمد بن إدريس يسأل الله القادر على ما يشاء أن يصلِّي على محمد عبده ورسوله، وأن يرحمه فإنه فقير إلى رحمته، وأن يُجيره من النار؛ فإن الله غنيّ عن عذابه، وأن يخلفه في جميع ما خلفه بأفضل ما خلف به أحدًا من المؤمنين، وأن يكفيهم فَقْدَه ويجبر مصيبتهم، والحاجةَ إلى أحد من خلقه بقدرته، وكتب في شعبان سنة ثلاث ومائتين.
توفي رحمه الله ليلة الجمعة بعد صلاة العشاء، في آخر يوم من شهر رجب، وكان يبلغ من العمر عند وفاته أربعة وخمسين عاماً، ودفن بمصر  القاهرة في الأول من شهر شعبان، يوم الجمعة عام 204هـ.
وعن الربيع قال: كنا جلوسًا في حلقة للشافعي بعد موته بيسير، فوقف علينا أعرابي فسلَّم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا: توفي ـ رحمه الله ـ فبكى بكاء شديدًا وقال: رحمه الله وغفر له، فلقد كان يفتح ببيانه منغلق الحجَّة، ويسدُّ على خصمه واضح المحجّة، ويغسل من العار وجوها مسودة، ويوسع بالرأي أبوابًا مُنْسدَّة. ثم انصرف.
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
ابن السمطا من آل بحر من نسل عيسى بن خلف بن بحر الشهير برحمة من نسل الحسين بن علي رضي الله عنه، وأم الحسين هي السيدة البتول فاطمة الزهراء بنت سيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عالم قريش الإمام محمد بن إدريس الشافعي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإمام الشافعي
» عجائب الشافعي لا يفوتك
» الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد ابن ارمنت والقارىء الاول فى عالم التلاوة
» قصص الانبياء
» 02 قصة إدريس عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى منارة دشنا :: القسم الإسلامي :: إسلاميات-
انتقل الى: