تونس (رويترز) - قال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي يواجه اسوأ اضطرابات اثناء حكمه يوم الخميس انه لن يخوض سباق انتخابات الرئاسة في عام 2014 مثيرا مشاهد ابتهاج واحتفالات في شوارع العاصمة.
حدد ابن على ثاني رئيس لتونس منذ استقلالها الذي يتولى منصبه منذ اكثر من 23 عاما موعد رحيله في كلمة مشحونة بالعواطف عبر التلفزيون الى الشعب بعد اسابيع من الاشتباكات المميتة بين المحتجين والشرطة.
ويقول كثير من الذين شاركوا في الاحتجاجات انهم يشعرون باستياء شديد من تفشي البطالة وغياب الحرية وشدة ثراء النخبة في عهد ابن على وكانوا يتوقعون أن يمد حكمه لولاية أخرى سادسة.
وفي حي لافايات -منطقة التسوق الرئيسية بالعاصمة- حيث اطلقت الشرطة النار في وقت سابق فأصابت محتجين تجاهل مئات من الناس حظر التجول ونزلوا الى الشوارع بعد انتهاء كلمة ابن علي.
ولوح الناس بالاعلام التونسية وهتفوا "يعيش بن على" و "شكرا بن على" بينما أطلقت السيارات ابواقها.
وقال رمزي بن كريم وهو طالب عمره 22 عاما "اننا سعداء انه تحدث بلغة الشعب. ونأمل أن تصبح كل الذكريات السيئة ماضيا وأن تتاح لنا الحرية."
وعقب كلمة ابن على عادت مواقع على شبكة الانترنت كانت قد حجبت منذ اسابيع ومنها موقع يوتيوب وديلي موشن.
ولم يتضح بعد كيف سيكون رد الفعل على وعد ابن على بالتنحي عن الرئاسة خلال ثلاثة اعوام وهل سيحاول معارضون ارغامه على التنحي على الفور. وليس هناك ايضا مرشح واضح لخلافة ابن على الذي هيمن على الحياة السياسية في تونس وهمش منافسيه.
وفي مدن الاقاليم الفقيرة التي كانت بؤرة حركة الاحتجاج ساد الهدوء بعد ايام من الاحتجاجات وقال احد الشهود انه في احدى هذه البلدات وهي تطاوين نزل نحو 4000 شخص الى الشوارع للتعبير عن الابتهاج بقرار الرئيس ابن علي.
ولكن ما زال هناك غضب من ابن على في بلدة قصرين مسرح بعض من اشد الاشتباكات دموية مع الشرطة. وقال ساكن من اهالي البلدة يدعى محسن نصري بالهاتف "الناس هنا لا يمكنهم ان يفرحوا لان بلدتنا اصيبت اصابة بالغة."
واضاف قوله "هناك اشياء طيبة في الكلمة (التي القاها الرئيس) لكن كنا نتوقع اعتذارا من اجل بلدتنا."
وظهر ابن على في شاشات التلفزيون في نهاية يوم بدا فيه ان الاضطرابات بدأت تخرج من نطاق سيطرة الحكومة.
وخاض المحتجون اشتباكات ضارية مع الشرطة في وسط المدينة للمرة الاولى وقال شهود ان شبانا نهبوا متاجر كبيرة في منتجع الحمامات حيث يوجد أحد مقار الرئيس ابن على.
واشتدت الضغوط على ابن علي. فقد انتقدت فرنسا المستعمر السابق لتونس بصورة لاذعة اسلوب تعامل الحكومة التونسية مع الاحتجاجات.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون اثناء زيارة رسمية الى لندن "نصر على ان تظهر كل الاطراف ضبط النفس وان تختار طريق الحوار... لا يمكن ان نستمر مع هذا الاستخدام غير المتناسب للقوة."
ونصحت عدة بلدان منها الولايات المتحدة مواطنيها بالابتعاد الامر الذي قد يعرض للخطر السياحة شريان الحياة لاقتصاد تونس.
وفي واشنطن لم يكن لدى المتحدث باسم وزارة الخارجية تعقيب على قرار ابن على واصفا اياه بانه مسألة داخلية.
وقال المتحدث مارك تونر "قلنا دوما ان الشعب التونسي يجب ان يكون له الحق في التعبير عن مخاوفه بشكل سلمي للحكومة دونما خوف من عنف وان على الحكومة مسؤولية الاستجابة لهذه المخاوف."
وخلال كلمته التلفزيونية المشحونة بالعواطف بدا الرئيس ابن على البالغ من العمر 74 عاما نادما واوشك على البكاء احيانا. وتحدث باللهجة المحلية بدلا من اللغة العربية الفصحى للمرة الاولى. وقال مشيرا الى كبار المسؤولين انه خدع وانهم خدعوه.
وقال "أنا فهمتكم ..فهمت الجميع البطال والمحتاج والسياسي واللي طالب مزيد من الحريات فهمتكم فهمتكم الكل ... حزني والمي كبيران لاني مضيت أكثر من 50 سنة من عمرى في خدمة تونس في مختلف المواقع من الجيش الوطني الى المسؤوليات المختلفة و23 سنة على رأس الدولة."
واضاف انه لا يعتزم البقاء رئيسا مدى الحياة وانه لن يعدل الدستور الذي ينص على انه لا يحق لشخص تجاوز سن الخامسة والسبعين الترشح للرئاسة. ويبلغ ابن علي حاليا 74 عاما وكان من المتوقع على نطاق واسع ان يجري تعديلات دستورية بما يسمح له بالترشح لولاية جديدة.
وقال في كلمته انه قال في عام 1987 انه لا رئاسة مدى الحياة وانه يكرر الان لا رئاسة مدى الحياة وانه يرفض المساس بالدستور.
وأمر ابن علي قوات الامن بالكف عن استخدام الرصاص الحي ضد المحتجين وقال انه سيتم خفض أسعار السكر والحليب والخبز. ووعد بحرية الصحافة وعدم حجب مواقع الانترنت التي دأبت على انتقاد حكومته.
وتراقب الدول العربية عن كثب الاحتجاجات في تونس خشية امتداد الاضطرابات الاجتماعية اليها لا سيما بعد ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.
والعدد الرسمي للقتلى المدنيين في الاحتجاجات هو 23 شخصا لكن شهودا قالوا لرويترز يوم الاربعاء ان خمسة اخرين قتلوا. وقالت الامم المتحدة ان جماعات معنية بحقوق الانسان تقدر عدد القتلى بنحو 40.
وتقول الحكومة ان الشرطة لم تطلق النار الا دفاعا عن نفسها حين هاجمها مثيرو شغب بالقنابل الحارقة والعصي. وتقول ان أعداد القتلى التي تعلن عنها الجماعات المعنية بالحقوق مبالغ فيها.