حجازى إبراهيم العراقى عضو جديد
العمر : 64 عدد الرسائل : 35 تاريخ التسجيل : 24/05/2009
| موضوع: خيركم خيركم لأهله 13/6/2009, 10:32 am | |
| خيركم خيركم لأهله لمّا نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في غار حراء، هرع إلى أمنا خديجة رضي الله عنها، فزمَّلته حتى ذهب عنه الروع وقالت: (كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) رواه البخاري.ما أجمل أن يكون البيت أول سند للداعية، الظهر الذي به يحتمي وإليه يرجع ومنه يتزود، ولكم هو رائع أن يستشعر الزوج -رجل أو امرأة- أن شقّه الثاني بقدر ما هو قوة دافعة له ومحفز على التجلد والصبر واليقين، هو أيضاً محضن جميل ومورد دافئ تصغر معه العظائم.(كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا)، يقين مطلق من زوجة صاحب الرسالة في خيرية صاحب الرسالة؛ لأنها خبرته، فعاينت أن الصاحب حامل الرسالة «يصل» و«يحمل» و«يكسب» و«يقري» و«يعين»، وهي منارات لا يمكن أن يرافق صاحبها «الخزي» أبدًا.إن الدعوة قبل أن تكون رسالة «كلامية» في لحظات من أجل التأثير وتبليغ النور إلى القلوب، هي سلوك يومي وأخلاق ملموسة، هي حال مصاحب لكل الجوارح؛ إذ أنت تدعو بكُلِّيتك لا بلسانك فحسب. وإن الدعوة قبل أن تتوجه إلى الأغيار والآخرين فهي رسالة إلى من هم أولى الناس بالمعروف، أهل بيتك أولاً.فقد صدق من قال: «إذا أردت أن تكون زوجك على منوال أمنا خديجة، فكن على منهاج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم»، عندها، وعندها فقط، ستكون سندك الأول رافعة شعار: (كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا)أوصانا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن ننطلق في إشاعة خير الإسلام ونور الإيمان من أقرب الناس وأحبهم، بل جعل مقياس هذه الخيرية في مدى ملامستها للأهل. فقال عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) فتح القدير للشوكاني إنه لمن آكد الواجبات بث الخيرية في الأهل، وتعهدها بحرث النية الحسنة، ومدها ببذور الأخلاق الطيبة، وسقيها بماء العشرة الحسنة، وإحاطتها بشعاع العفو والصبر، وتزويدها بنسيم الوفاء والعطاء.إن الخيرية للأهل تبدأ من أعلى الأمور، وهو المصير عند المولى جل وعلا، ودرجة القرب منه سبحانه، والانخراط في مشروع بناء نهضة المسلمين وانبعاث أمة الإسلام، مع ما يستتبع ذلك من تعاون على الخير وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، لتنتهي عند الجزئيات الصغيرة في الحياة الأسرية، من مساعدة في أعمال البيت، ونوع الطعام، ولون الأثاث، وغيرها والتي لا غرو أن لها تأثيرًا على مشروع الأسرة، بل ومشروع الأمة.لقد كان قدوة الدعاة صلى الله عليه وسلم خير صاحب «وأنا خيركم لأهلي»، فكان في صنعة أهل بيته، يخيط بنفسه، ويحلب شاته، ويعينهم في شؤون البيت، حتى إذا حضرت الصلاة فكأنه لا يعرفهم؛ إذ مع عظم المهام وكثرتها يعطي لكلٍّ حقه، صحبة وعشرة وتلطفًا وملاعبة وموعظة ودعوة.يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم (إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)...فمن منا يرضى أن يكون لئيما؟!! (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي). قالها وعاشها فما ضرب خادمًا، ولا سأله عن شيء فعله لمَ فعلته، أو عن شيء لم يفعله، لمَ لمْ تفعله. تُكرر أيها الرجل (لو كنتُ آمرًا بشرًا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها)، وتنسى أو تتناسى قوله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا، وأقربهم مني مجلسًا، ألطفهم بأهله). | |
|