احمد يوسف عضو مميز
العمر : 53 عدد الرسائل : 174 تاريخ التسجيل : 31/01/2009
| موضوع: حب النبي 14/3/2009, 8:20 pm | |
| الحب لغة : نقيض البغض، وهو الوداد والمحبة مدارج السالكين ج3 الصفحة 6. وحب النبي صلى الله عليه وسلم هو حرارة متوقدة في القلب، تدفع صاحبها إلى الاقتداء به والاستئناس بسنته واتباع أقواله وأفعاله ومحبتها وتلمسها، وترتقي حتى يصير هواه في هوى النبي صلى الله عليه وسلم فيحب ما أحب ويكره ما كره حتى في المباحات. ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم هي الموصلة إلى محبة الله تعالى، لذلك فهي عينها ولا تتصور محبة الله تعالى منفردة عن محبة رسول الله البتة.
ألا يا محب النـبـيّ زد صبـابـة وضمّـخ لسـان الذكر منك بطيبه
ولا تعبـأنّ بالمبـطـليـن فإنـما علامـة حب الله : حب حبيـبـه
قال القرطبي : (كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إيماناً صحيحاً لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة , غير أنهم متفاوتون. فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى , ومنهم من يأخذ بالحظ الأدنى … لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤيته … لما وقر في قلوبهم من محبته , غير أن ذلك سريع الزوال لتوالي الغفلات) محبة النبي للأمة : استغفاره لها ودعاؤه بكشف الضر عنها وشفاعته فيها يوم القيامة بإذن الله.
مدار المحبة مرتكز على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فمتى أحب العبد رسول الله أحب سنته وأحب القرآن وأحب الله وأحب الآخرة … وتبدأ المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم أولاً بالتصديق به وبرسالته ثم الإيمان بكل ما جاءنا به عن الله تعالى. قال ابن القيم (المحبة قوت القلوب وغذاء الأرواح , وهي روح الإيمان والأعمال التي متى خلت منها فهي كالجسد بلا روح. ولقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة , إذ لهم من محبوبهم أوفر نصيب , فإذا غرست شجرة المحبة في القلب وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب أثمرت أنواع الثمار) مدارج السالكين ج3 الصفحة 6. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه , وأحبوني بحب الله , وأحبوا أهل بيتي بحبي) رواه اترمذي في سننه والحاكم في المستدرك.
حكمها الشرعي :
حب رسول الله واجب شرعاً لا خلاف عليه لقوله تعالى {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} سورة التوبة / 24. قال القاضي عيـاض رحمه الله : (كفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحجة على إلزام محبته ووجوب فرضيتها وعظم خطرها واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم , إذ قرّع تعالى من كان ماله وولده أحب إليه من الله ورسوله وأوعدهم بقوله {فتربصوا} ثم فسقهم بتمام الآية {الفاسقين} وأعلم أنهم ممن أضل ولم يهده الله) كتاب الشفاء للقاضي عياض. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أشد أمتي لي حباً ناس يكونون بعدي , يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) صحيح مسلم ج4 صفحة 2178 عن أبي هريرة رضي الله عنه.
دوافع هذا الحب :
1. شرف نسبه , وجمال أخلاقه حيث تربع على عرش الأخلاق قال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم}.
2. حبه العظيم لأمته , مطيعها وعاصيها , قريبها وبعيدها (رحمته لأهل مكة عام الفتح , دعاؤه لأهل الطائف بعد رجوعه منها)
3. رقته للحيوانات ونصرته لها (ضمانه للغزالة , تأنيب الأنصاري بسبب شكوى ناقته , تبنيه للحمار يعفور بعد فتح خيبر). وحنانه على الجمادات (ضمه للجذع حين حنّ بعد بناء المنبر النبوي)
4. طلبه يوم المعراج أن يحاسب أمته وقول الله تعالى له : لن أخزيك فيهم أبداً.
5. سيرته العطرة مع الصحابة المهاجرين و الأنصار , وتحمله معهم أنواع الصبر والبلاء , وجهاده المستمر والمتواصل معهم حتى يبلغنا هذا الدين , والقصص الكثيرة لمعاناته وألمه وصبره وحرقته على كل فرد كي ينقذه من النار , قال تعالى {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}.
6. رحمة الله لنا بسببه قال تعالى {ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}.
7. ابتداء الحساب بأمته صلى الله عليه وسلم إكراما له مع أن أمته آخر الأمم.
8. اعتبار أمته شهيدة على سائر الأمم وشهادتها مقبولة عند الله تعالى إكراما لنبيها.
9. قرن الله تعالى اسمه مع اسمه على قوائم العرش وعلى أبواب الجنة وأثناء الأذان , و لا تقبل شـهادة الإسلام إلا به (أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله).
ثمرات محبة الرسول صلى الله عليه وسلم :
1. المحبة تثمر الطاعة , والطاعة تثمر الهداية , قال تعالى {وإن تطيعوه تهتدوا} سورة النور، الآية 54.
2. المحبة تثمر التسليم للحبيب صلى الله عليه وسلم , قال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم , ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} سورة النساء، الآية 65.
3. محبته تثمر محبة القرآن الكريم وتعهد تلاوته وتدبره وتفهمه والعمل بأحكامه …
4. محبته تثمر محبة الصحابة الكرام وتلمس أخبارهم وسيرهم والتأسي بهم.
5. محبته تثمر محبة آل بيته الأطهار ومودتهم , قال تعالى {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} سورة الشورى، الآية 23. وهي الباب الأوسع أيضاً والدافع لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم كما أنها ثمرة. ومن ذلك البحث عن الوارث المحمدي من العترة النبوية لمتابعته والسلوك على يديه ولأخذ الحب عنه باللحظ والأنفاس لا بالنقل والدرس.
قال ابن القيم (المحبة هي المنزلة التي يتنافس فيها المتنافسون , وإليها يشخص العاملون , وإلى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروّح العابدون … تحمل أثقال السائرين إلى بلد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيه , وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا أبداً بدونها واصليها) كتاب مدارج السالكين. المحبة مطايا أهل السلوك إلى المقامات , ونداء الشوق في خبايا قلوبهم إلى الزفرات , تؤنس وحشتهم وتداري حرقة وجدهم وترغبهم بلقاء الحبيب . نور النبوة في جبهته الشريفة شدهت عيون من نظروه , وأسرت قلوب من أحبوه وساقت إليه المؤمنين عبر العصور . روى عن القاضي عياض أنه قال : (كان رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه لا يطرف , فقال : ما بالك ؟ فقال : بأبي أنت وأمي أتمتع بالنظر إليك) الشفاء للقاضي عياض. وقال صاحب المواهب (في القلب طاقة لا يسدها إلا محبة الله ورسوله) المواهب اللدنية، الجزء 2، صفحة 490.
ومن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليستعد للبلاء المأجور عليه إنشاء الله. روى الطبراني بإسناد جيد عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيراً , فقلت : بأبي أنت ! مالي أراك متغيراً ؟ قال : ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث. قال : فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلاً له فسقيت له على كل دلو بتمرة , فجمعت تمراً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : من أين لك يا كعب ؟ فأخبرته , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتحبني يا كعب ؟ قلت : بأبي أنت نعم , قال : إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه , وإنه سيصيبك بلاء , فأعد له تجفافاً) الترغيب والترهيب، صفحة 191. (أعدّ له تجفافاً : أي استعد لتحمل آلام اختبار الله عز وجل لهذا الحب).
يحكى أن امرأة مسرفة على نفسها رؤيت بعد موتها , فقيل لها : ما فعل الله بك ؟ قالت : غفر لي. قيل بماذا ؟ قالت : بمحبتي للنبي صلى الله عليه وسلم وشهوتي النظر إليه. فنوديتُ : من اشتهى النظر إلى حبيبنا , فنستحي أن نذله بعتابنا , بل نجمع بينه وبين من يحب المواهب اللدنية، الجزء 2، صفحة 498.
وقد حوت الكتب الكثير الكثير من قصص الصحابة رضوان الله عليهم , والتابعين وتابعيهم والأولياء والصالحين رحمهم الله تعالى , والعارفين قدست أسرارهم , بل والأنبياء عليهم صلوات الله أجمعين , عن حبهم لحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وشغفهم فيه , وكيف رفعهم الله تعالى بهذا الحب إلى أعلى المقامات. وحب الشيخ الوارث يقع ضمن نفس دائرة حب الرسول صلى الله عليه وسلم, وصحبته تعطي للسالك نفس الدفء لصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحرك في قلبه تلك الطاقات الكامنة لهذا الحب ولواعجه ولهذا الشوق ولواعجه ولهدا الشوق وبواعثه, فتنقل السالك إلى مدارج الصديقين ومنازل المحبين الوالهين. | |
</FONT> | |
|