حصانة المحامي والمحاماة
بقلم الاستاذ/ رجائي عطية -المحامي
المحاماة صوت الحق في هذه الأمة، وفي كل أمة.. هي رسالة ينهض بها المحامون فرسان الحق والكلمة، ويخوضون فيها الغمار، ويسبحون ضد التيار !.. يحملون راية العدل في صدق وأمانة وذمة ووقار.. يناصرون الحق،ويدرءون الظلم.. يناضل المحامي في القيام بأمانته مناضلة قد تتعرض فيها مصالحه وحريته للخطر وربما حياته نفسها !. سيبقى رائعًا وعظيمًا ومنشودًا، أن يكون العدل مهجة وضمير وغاية ولسان وقلم القاضي فيما به يحكم، بيد أنه ليس يكفي المحامي أن يكون العدل مهجته وضميره وغايته، وإنما عليه أن يكون مفطورًا على النضال من أجله وأن يسترخص كل عناء ومجاهدة وخطر في سبيل الوصول إليه – القاضي حسبه أن يقتنع بالعدل فيحكم به، فالكلمة به صادرة من لسانه وقلبه، ثم هو محصن بالاستقلال وبالحصانة القضائية وبالمنصة العالية التي إليها يجلس، أما المحامي فيخوض غمارًا عليه أن يقف فيه شامخًا منتصبًا رغم أنه بلا حماية ولا حصانة، يكافح من أجل الحق الذي ينشده ويستصغر في سبيله مصالحه و يستهين بما قد يصيبه في شخصه وحريته، وربما في حياته نفسها، وتاريخ المحاماة شاهد في كل العصور على ذلك ! المحاماة رسالة، تستمد هذا المعنى الجليل من غايتها ونهجها.. فالمحامي يكرس موهبته وعلمه ومعارفه وقدراته لحماية (الغير) والدفاع عنه.. قد يكفي المهندس أو الطبيب أو الصيدلي أو المحاسب أو المهني بعامة أن يملك العلم والخبرة، والجد والإخلاص والتفاني، وعطاؤه مردود إليه.. معنى (الغير) والتصدي لحمايته والدفاع عنه ليس حاضرًا في ذهن المهني أو الحرفي، ولكنه كل معنى المحاماة وصفحة وعي المحامي.. الداعية الديني – مسلمًا كان أو مسيحيًا – يجلس إلى جمهور المتلقين المحبين المقبلين الراغبين في الاستماع إليه، لا يقاومون الداعية ولا يناهضونه ولا يناصبونه عداء ولا منافسة، أما المحامي فإنه يؤدي رسالته في ظروف غير مواتية، ما بين خصم يناوئه، و رول مزحوم قد يدفع إلى العجلة أو ضيق الصدر،ومتلقي نادرًا ما يجب سماعه وغالبًا ما يضيق به وقد يصادر عليه ويرى أنه يستغني بعلمه عن الاستماع إليه !! لذلك كانت المحاماة رسالة، الكلمة والحجة أداتها،والفروسية خلقها وسجيتها... يستطيع المهني أن يؤدي مهمته متى دان له العلم والخبرة بتخصصه – بالطب إذا كان طبيبًا فذلك يكفيه للتشخيص وتحديد العلاج،وبالهندسة إذا كان مهندسًا فذلك يكفيه لإفراغ التصميم ومتابعة التنفيذ – وهكذا، أما المحامي – فلا يكفيه العلم بالقانون وفروعه، ولا تكفيه الموهبة – وهي شرط لازم،وإنما يتوجب عليه أن يكون موسوعي الثقافة والمعرفة، لأن رسالته قائمة على (الإقناع)، يتغيا به التأثير في وجدان، والوصول إلى غاية معقودة بعقل وفهم وضمير سواه، وهذه الغاية حصاد ما توفره الموهبة ويدلي به العلم وتضافره الثقافة والمعرفة – مجدول ذلك كله في عبارة مسبوكة وشحنة محسوبة لإقناع المتلقي. وما لم يصل المحامي إلى هذا الإقناع، فإن مهمته تخفق في الوصول إلى غايتها.. لذلك فالمحامي لا يمكن أن يكون من الأوساط أو الخاملين، وإنما هو شعلة نابهة متوقدة متيقظة، موهوبة ملهمة،مزودة بزاد من العلوم والمعارف لا ينفد، مستعدة على الدوام لخوض الصعب وتحقيق الغاية مهما بذلت في سبيلها ما دامت تستهدف الحق والعدل والإنصاف. ولذلك فإن فروسية الكلمة، ليست محض رصف لحروف،أو عبارات، ولا هي محض مباهاة أو طنطنة.. لا تتحقق للكلمة هذه الفروسية ما لم تكن تعبيرًا عن حاصل واقع وقائم في وجدان وحناياه ملقيها، مقرونًا باستعداد للبذل والنضال والكفاح من أجل تحقيق معانيها: في عالم الواقع لا في عالم الخيال، في عالم الفعل لا في عالم التفاخر والتباهي والتيه بالكلمات بغض النظر عن قيمتها وما تترجم عنه في عالم الواقع والفعل والعمل والسلوك.. لم يكن النبي – عليه الصلاة و السلام – فارسًا للكلمة لمجرد أنه يقول : ( أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) - ولا لمجرد أنه قال لعمه أبي طالب في شأن كبار قريش الذين جاءوا يساومونه على دينه ويعرضون عليه العروض ليصرف النظر عما يدعو إليه، فقال: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه - ما تركته !. ( .. ولم يكن عليه السلام فارسًا للكلمة لمجرد أن ختم دعاؤه الشهير بالطائف قائلاً في مناجاته لربه: (إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي ! ( .. وإنما كان محمد المصطفى فارسًا للكلمة لأنه كان يعني ما يقول، ولأنه ترجم الكلمات إلى واقع احتمل فيه العذاب والتنكيل والإساءة و الإهانة والإيذاء.. جاهد ما وسعته وفوق ما تسعه طاقة أشداء المجاهدين، واحتمل جمرات قذائف وطعنات الكفار والمشركين، ولم يضق بما كان فيهمن مكابدة ونصب، بل مضى لأداء رسالته يحول الكلمات إلى واقع غيّر وجه الحياة وحمل النور والضياء إلى الإنسانية عبر المكان والزمان !! المحاماة رسالة الحق ونصيره وصوته، والمحامون هم فرسان هذه الرسالة، الحاملون لأمانتها، الناهضون بها، الباذلون بصدق وأمانة و مضاء وإخلاص في محرابها.. يحتضنون في ضمائرهم أوجاع وآلام وهموم الناس، يخوضون الغمار ويجتازون الصعاب للقيام برسالتهم النبيلة.. قوامها الحجة والبيان والبرهان،ورايتها الحق والعدل والحرية. هذه الرسالة الضخمة، تستلزم استلزام وجوب أن توفر للمحامي وللمحاماة الحصانة والحماية الكافية، حصانة المحامي وحمايته في أداء رسالته وحمل أمانته، هي حصانة وحماية للعدالة ذاتها، لأن النهوض بها عبء جسيم، ولأن غايتها غاية سامقة يجب أن يتوفر لحملة رايتها ما يقدرون به أن يؤدوا الرسالة في أمان بلا وجل ولا خوف ولا إعاقة ولا مصادرة !! ومع أن المدونة التشريعية المصرية، لا تزال إلى الآن دون المستوى المطلوب في حماية المحامي والمحاماة، فإن علينا أن نقر بأن كثيرين منا لا يلتفتون - أو بالقدر الكافي - لما حملته المدونة التشريعية من عناصر يتعين على المحامين، وعلى النقابة - أن يلموا بها وأن يتمسكوا بإعمالها إلى أن ترتفع المدونات ومعها الحماية إلى المستوى الذي تنشده المحاماة والمحامون. - هذا ويمكننا أن ستخلص من المدونات التشريعية الحالية بعض الخطوط العريضة التي نأمل أن تزداد عراضة واتساعًا وعمقًا. تورد المادة / 1 من قانون المحاماة 17/1983 - أن المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم. وتورد ذات المادة الأولى من قانون المحاماة، أن مهنة المحاماة يمارسها المحامون وحدهم في استقلال لا سلطان عليهم في ذلك إلا ضمائرهم وأحكام القانون، فماذا أوردت المدونة التشريعية المصرية ضمانًا لذلك ؟ !
أولاً: الاحترام الواجب للمحامي والمحاماة وضمانه قيام المحامي بأمانته بالجلسة:
نصت المادة /49 من قانون المحاماة 17/1983 على أن (يعامل المحامي من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة) وهذا الاحترام الواجب، لا يصل إلى غايته ما لم تتضافر معه حماية تسبغ على المحامي حال قيامه بواجبه وأمانته، فلا جدوى من ترك واجب الاحترام للآخرين يبذلونه متى شاءوا أو يضنون به متى أرادوا.. يزيد هذه المخاطر احتمالا، أن المحامي يتعامل مع سلطات درج شاغلوها على ممارسة السلطة بما تعطيه هذه الممارسة من اعتياد الخلود والارتياح إليها وحب ممارستها بما قد يؤدي إلى تجاوزات ينبغي أن يؤمن المحامي من غائلتها إذا تجاوزت أن اشتطت. لذلك نصت الفقرة الثانية من المادة/ 49 سالفة الذكر، على أنه:- (واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيًا أو جنائيًا، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك). فلا تجيز هذه المادة - ونقلتها بنصها المادة / 590 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) - لا تجيز للقاضي أن يعامل المحامي الحاضر أمامه بما قد تعامل به جرائم الجلسات، وكل ماله هو أن يحرر مذكرة تحال إلى النيابة العامة مع إخطار نقابة المحامين الفرعية بذلك. وعلى ذات هذا النظر جرت المادة / 245 من قانون الإجراءات الجنائية، وزادت أنه لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تنظر ما عساه يرفع على المحامي. وتأمينًا للمحامي من أي جنوح في معاملته، نصت المادة / 50 من قانون المحاماة على أنه: (في الحالات المبينة بالمادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيًا، ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العاملين الأول). بهذه النصوص أخرج المشرع ما عساه يصدر من المحامي مخالفًا لقانون وتقاليد المحاماة أو المدونة الجنائية - من عداد الاختصاص المقرر للمحاكم في جرائم الجلسات. وجوهر هذا الاستثناء الذي قرره الشارع في شأن جرائم الجلسات التي قد تقع أو تنسب إلى محام - أنه لم يخول المحكمة سلطة التحقيق أو الحكم فيها، وإنما قصر سلطتها على مجرد الإحالة إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق،فلا يجوز للمحكمة أن تحقق مع المحامي الحاضر أمامها أو تتخذ إزاءه أي إجراء من الإجراءات التحفظية، وغاية هذا واضحة هي توفير مظلة الأمان الواجب للمحامي وهو ينهض برسالته بالجلسة.
وعلة هذا الاستثناء أن المحامي يحتل في النظام القضائي الحديث مركزًا قانونيًا، وهو يعاون القاضي في الفهم الصحيح لوقائع الدعوى والتطبيق السليم للقانون عليها، ومن المصلحة أن يمكن من أداء واجبه في حرية ودون أن يخشى إجراءً تعسفيًا أو عقوبة فورية يوقعها القاضي عليه، يعني ذلك أن ثمة اختلافًا أساسيًا بين وضع المحامي في الجلسة ووضع غيره من الحاضرين فيها، وهذا الاختلاف يفسر الحكم الخاص بهذه الجرائم، وبالإضافة إلى ذلك، قدر الشارع أن من المصلحة - في حالة وقوع الاعتداء على أحد أعضاء هيئة المحكمة - أن يفصل في جريمة المحامي في جلسة غير الجلسة التي سيطر عليها التوتر الذي ترتب على المشادة بينه وبين عضو المحكمة، بل إن الإرجاء قد يتيح الصلح بينهما، فلا تحال الدعوى إلى القضاء، وفي عودة الوئام بين عضو هيئة المحكمة المعتدى عليه وبين المحامي مصلحة لا شك فيها، وإذا أحيلت الدعوى على القضاء، فإنه يفصل فيها قاضٍ آخر غير من وقع الاعتداء عليه، فلا يجوز أن يجمع شخص واحد بين صفتي المجني عليه والقاضي. * د. محمود نجيب حسني - الإجراءات - ط 1988 - رقم 179 - ص 165 - 166 * الأستاذ علي زكي العرابي - الإجراءات - جـ 1 - رقم 1439 - ص 695 * الدكتور محمود مصطفى - الإجراءات - رقم 87 - ص 115 * د. حسن المرصفاوي - الإجراءات رقم 65 - ص 168 * د. مأمون سلامة - الإجراءات الجنائية في التشريع المصري - جـ 1 - ص 187/188 * د. مأمون سلامة - الإجراءات معلقًا عليه - ط 1980 – ص 612 وفيما يبدو أنه استجابة واجبة لهذه القاعدة المقررة بقانون المحاماة وقانون الإجراءات الجنائية وتعليمات النيابة العامة – نصت المادة / 592 من تعليمات النيابة العامة على أنه:- (لا يجوز القبض على محامٍ أو حسبه احتياطيًا لما نسب إليه في الجلسة من جرائم القذف والسب و الإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب مارسته المهنة، وعلى عضو النيابة تحرير محضر بما حدث في هذه الحالة وإبلاغ صورته عن طريق المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية إلى مجلس النقابة، وذلك دون إخلال بسلطة النيابة في تحقيق هذه الجرائم).
ثانيًا: حماية المحامي من أي تجاوز أو إهانة أثناء قيامه بأعمال مهنته :
حماية المحامي هي فيما أسلفنا - حماية للمحاماة وللعدالة، والإقرار بما للمحاماة من دور هام ومشارك في تحقيق العدالة، تستوجب حمايته من أي تجاوزات تمسه أو تمس اعتباره أثناء نهوضه بأمانته - ومع أن التعدي والإساءة للاعتبار معاقب عليهما بالمدونة العقابية بغض النظر عن شخص المجني عليه - فإن قانون المحاماة 17/1983 نص في مادته / 54 على ما يلي:- (يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة). وجدير بالذكر أن الفقرة الثانية من المادة / 133 عقوبات، تعاقب عن إهانة هيئة قضائية بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه.
ثالثًا: ضوابط وقيود التحقيق مع المحامي أو تفتيش مكتبه:
نصت المادة / 51 من قانون المحاماة 17/1983 على أنه: (لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة. ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهمًا بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين، التحقيق. ولمجلس النقابة، ولمجلس النقابة الفرعية المختص طلب صور التحقيق بغير رسوم). ونصت المادة / 587 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) على أنه: (إذا اتهم أحد المحامين بارتكاب جناية أو جنحة لا صلة لها بمهنته فيجب على الشرطة إذا كان البلاغ قد ورد إليها ابتداء إخطار النيابة فورًا لتتولى تحقيق الحادث، وعلى النيابة الجزئية التي تلقت بلاغ الحادث أو أخطرت به أن تتولى تحقيقه وقيده بجداولها مع مراعاة إخطار المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية بذلك فورًا وقبل البدء في التحقيق، ولا يجوز للنيابة أن تكلف الشرطة بتحقيق أية شكوى من الشكاوى التي تقدم ضد المحامين ولا بإجراء استيفاء فيها، وإذا اقتضى التحقيق حضور المحامي إلى مقر النيابة فيجب طلبه بكتاب خاص يرسل إليه مباشرة أو الاتصال به بطريق التليفون ولا يجوز طلب المحامي إلى النيابة عن طريق الشرطة). ونصت المادة /588 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) على أنه: (إذا كان موضوع الشكوى المقدمة ضد المحامي يتعلق بمهنته فيجوز للمحامي العام أو رئيس النيابة الكلية الاكتفاء بطلب معلومات المحامي إلا إذا كان اقتضى الأمر سماع أقوال الشاكي أو إجراء تحقيق فيما تضمنته الشكوى، فإذا تفاهم طرفا الشكوى أو ثبت أنها غير جدية فيتعين حفظها ما لم ير المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية استطلاع رأي المحامي العام لدى محكمة الاستئناف قبل التصرف فيها). ونصت المادة / 589 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) على أنه: (إذا اتهم المحامي بأنه ارتكب جناية أو جنحة أو أنه أخل بواجباته أو بشرف طائفته أو حط من قدرها بسبب سيره في أعمال مهنته أو غيرها فيجب على النيابات أن ترسل التحقيق الذي تجريه في ذلك إلى المحامي العام لدى محكمة الاستئناف بمذكرة لاستطلاع الرأي قبل التصرف فيه، وعليه إرسال الأوراق إلى النائب العام إذا رأى محلاً لإقامة الدعوى الجنائية أو التأديبية). هذا ومع ما نصت عليه المادة / 592 سالفة البيان من تعليمات النيابة العامة، فإن المادة / 593 من ذات التعليمات قد نصت على أنه: (لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة ويجب على عضو النيابة أن يخطر مجلس نقابة المحامين أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في التحقيق أي شكوى ضد أحد المحامين بوقت مناسب. فإذا كان المحامي متهمًا بجناية أو جنحة خاصة بعمله فللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية أو من ينبه من المحامين حضور التحقيق). وتقييد تفتيش مكتب المحامي هو فرع على ما يجب توفيره له من ظروف وضمانات لتوفير الحماية الواجبة له ليستطيع أن ينهض بمهامه ويؤدي رسالته في حرية وطمأنينة وأمان، يفرض هذا أيضًا أن المحامي عرضه بالأدوار التي يؤديها في الخصومات أن يكون هدفًا لانتقام هذا أو ذاك من أطراف الخصومة ببلاغ كيدي،فضلاً عما يجب أن يتوفر للمكتب وأوراقه ومستنداته من سياج تأمن به من أي عبث أو تهديد قد يتستر شكلاً بشكاوى وإجراءات ظاهرها برئ وباطنها الرغبة في الكيد للمحامي أو الوصول إلى النيل منه أو مما لديه من مستندات وأوراق تتعلق بها أسرار ومصالح الخصوم الذين يتولى قضاياهم