اعتذر الدكتور أحمد الطيب بسبب معاناته من التهاب في الأذن من كثرة الاتصالات التليفونية التي تلقاها منذ صباح أمس الجمعة 19-3-2010 للتهنئة على اختياره شيخاً للأزهر ليكون الشيخ رقم 46 للجامع الشهير منذ إنشائه، واعداً "العربية.نت" بلقاء خاص في الأيام المقبلة.
وأكد د. أحمد الطيب أنه سعيد بثقة الرئيس مبارك في اختياره، وسيكون محافظاً على دعم مكانة الأزهر باعتبارها منارة عالمية إسلامية وسطية معتدلة.
وقال د. الطيب المولود عام 1946 ويبلغ من العمر الآن 64 عاماً إنه في قريته الآن في صعيد مصر، ويتلقى التهاني من أهله ومن كل الأشخاص البارزين في محافظة الأقصر ومن صعيد مصر الذين توافدوا على منزله بقرية القرنة التي تقع على بعد 800 كيلومتر جنوب القاهرة .
وأكد في تصريحه لـ"العربية.نت" أنه سيعود للقاهرة بالطائرة قادماً من الأقصر بعد ظهر اليوم السبت لمباشرة عمله .
ورفض شيخ الأزهر الجديد إعطاء تصريحات تتضمن مضامين مهمة في الوقت الراهن، مؤكداً أنها تحتاج إلى تركيز شديد عند مناقشة قضايا تهم الأزهر ومكانته وسياسته الجديدة، ما جعله يرجئ حواره الشامل مع "العربية.نت".
أسباب اختياره شيخاً للأزهر
وفي سياق متصل، أكدت د. سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أنها كانت ترجح منذ البداية د. أحمد الطيب شيخاً للأزهر، وبنت صالح ترجيها على أنه عضو في اللجنة المركزية للحزب الوطني وهي فوق لجنة السياسات وتضم فقط 10 أشخاص ويرأسها الرئيس ود. أحمد الطيب واحداً من هذه اللجنة.
وتابعت: ما ساعد على اختياره أيضاً، أنه قام بعمل انفتاح بين جامعة الأزهر وجامعات أوربية من خلال عقود كثيرة وشراكة علمية بين جامعة الأزهر وجامعات في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وأرسل العديد من البعثات إليها من خريجي وخريجات جامعة الأزهر حتى في التخصصات الشرعية، وأعتقد أن اختياره كان من خلال القرائن وأنه كان المرشح الأوفر حظاً من بين المرشحين الآخرين .
وشددت صالح على أن تعيين شيخ الأزهر بقرار جمهوري كان لاستبعاد فكرة اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب، وقالت: كنت من أوائل الذين طالبوا باختياره عن طريق الانتخاب إلا إنني اقتنعت أن فكرة تعيينه أفضل حتى لا يأتي شاغل هذا المنصب بنفوذ المال طالما كان قادراً على عمل دعاية انتخابية لنفسه، في حين قد يكون هنالك من يستحق المنصب وليس له دراية بأي ألاعيب انتخابية.
سمعة طيبة
من جانبه قال د. القصبي زلط نائب رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية إن اختيار د. أحمد الطيب اختيار صادف أهله، لأنه يتمتع بسمعة طيبة كما يتمتع بأخلاق كريمة وحميدة، ونتركه الآن ليتحسس طريقه في مهام عمله الجديد ولا نطلب منه شيئاً محدداً في الوقت الراهن، لأنه سيجلس لتحديد خطة مستقبلية لمهام عمله.
واعتبرت مصادر دولية أن سرعة تعيين الرئيس حسني مبارك، الذي يقضي فترة نقاهه في ألمانيا، لشيخ الأزهر الجديد الشيخ أحمد الطيب، تدل على أنه لايزال قادراً على إدارة شؤون الحكم. وكان الرئيس مبارك قد أصدر قراراً من مستشفاه في ألمانيا، حيث أجرى عملية جراحية في المرارة وإزالة كتلة حميدة في الاثنى عشر؛ بتعيين الشيخ أحمد محمد أحمد الطيب شيخاً للأزهر خلفاً للراحل محمد سيد طنطاوي.
وقارن البعض بين الوقت الذي استغرقه تعيين شيخ الأزهر الحالي، بالوقت الذي استغرقه تعيين شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، والتي وصلت إلى 3 أشهر.
وتعد هذه المرة الأولى التي يعين فيها رئيس جامعة الأزهر شيخاً للأزهر، وجرت العادة أن يتم تعيين مفتي مصر في هذا المنصب منذ ثورة 1952. وسبق وشغل الشيخ أحمد الطيب منصب مفتي مصر في السابق.
وكان البعض يتوقع أن يتم تعيين مفتي مصر الحالي الدكتور علي جمعة في هذا المنصب، لكن يبدو أن كونه ليس من خرجي الأزهر حال دون ذلك. إذ أنه تخرج في كلية التجارة ثم التحق بالدراسات العليا في الجامعة الأزهرية، فيما تنص لائحة الأزهر أن يكون "رأس الهرم فيها أزهرياً" من بداية تعليمه.
مبارك يمارس عمله من المستشفى
من جهة أخرى، بث التلفزيون المصري ظهر الجمعة 19-3-2010 صوراً مطولة للرئيس مبارك وهو يمارس مهام عمله من مشفاه في هايدلبرج بألمانيا، حيث أصدر الرئيس مبارك قرارين جمهوريين بتعيين د. أحمد الطيب شيخاً للأزهر وبناء كنيسة، كما أحال الرئيس مبارك إلى مجلس الشعب والشورى صباح اليوم مشروع قانون يقضي بتعديل الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى في ضوء إنشاء محافظات حلوان و6 أكتوبر والأقصر.
كما وقّع الرئيس حسني مبارك مجموعة من القرارات الجمهورية تتعلق ببرقيات رجال القضاء والنيابة العامة، وقام بتوقيع وثائق التصديق على اتفاقيات عدة.
وظهر الرئيس المصري للمرة الأولى وهو يتحدث هاتفياً إلى مسؤولين مصريين، مثل وزير الدفاع والداخلية، ومدير المخابرات العامة، وبدا واضحاً تحسّن حالته الصحية، وأنها تسير في تقدم ملحوظ. وأظهر التلفزيون المصري الرسمي الرئيس مبارك وإلى جواره د. زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية بينما يوقع الرئيس على بعض القرارات المهمة.
شيخ ومعتدل وتنويري
وذكرت الوكالة المصرية أن الطيب أعرب من القرنة، قريته القريبة من الأقصر حيث يمضي عطلة نهاية الأسبوع كعادته، عن "تقديره البالغ لتلك الثقة الكبيرة التي منحها إياه الرئيس حسني مبارك بتعيينه شيخاً جديداً للأزهر خلفاً للدكتور سيد طنطاوي".
وأضافت أن "الأفراح والاحتفالات بدأت فور" إعلان تعيين الطيب شيخاً جديداً للأزهر. والطيب معروف بأنه "معتدل وصاحب فكر تنويري" حسب ما ذكرت مصادر قريبة منه.
وكان الطيب صرح لصحيفة "ايجيبت توداي" التي تصدر بالإنكليزية في مقابلة بمناسبة الذكرى الثالثة لاعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 "أدركنا أن الخطاب الإسلامي بحاجة إلى مراجعة"، كما أكد أمام أسقف كانتربري روان وليامز أن "الاختلاف بين البشر في المعتقدات الدينية أو الفكرية أو اللغوية والعاطفية هو أساس عقيدة القرآن. والله سبحانه وتعالى يقول إنه خلق الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا"، وذلك في محاولة لتعزيز الإيمان بالحوار.
معارضة "الإخوان"
والطيب معروف أيضاً بموقفه المعارض لجماعة الإخوان المسلمين، أكبر أحزاب المعارضة وأكثرها تنظيماً في مصر، والمحظورة رسمياً على الرغم من الشعبية التي تحظى بها.
وقد دان في 2006 عرضاً للفنون القتالية قام به طلبة إسلاميون تابعون لجماعة الإخوان المسلمين في جامعة الأزهر، ودعا إلى "احتواء أي فكر متطرف" في الجامعة. وقال حينذاك إن هؤلاء الطلبة "صوروا أمام العالم كله وهم يشكلون ميليشيات إرهابية ما يدعو إلى الاعتقاد بأن جامعة الأزهر جامعة إرهابية تصدر الإرهاب والفكر المتطرف وهو ما لا يقبله الأزهر مطلقاً".
وأشار الى أن الطلاب كانوا ملثمين "مثل حماس وحزب الله والحرس الثوري في ايران". وقد طرد عدد من هؤلاء الطلاب واعتقل عشرات آخرون.
وأحمد الطيب من مواليد عام 1946 والتحق بالمدارس الأزهرية وهو في العاشرة من العمر، وقد أمضى 40 عاماً في هذه المؤسسة الدينية، حيث عمل بالتدريس في الأزهر وكان رئيساً لقسم الفلسفة في كلية الآداب.
ويتقن اللغة الفرنسية، حيث درس في مرحلة من حياته في فرنسا وترجم كتباً عدة من الفرنسية إلى العربية، وقد أصبح الإمام السادس والأربعين لمشيخة الأزهر منذ تأسيسها في القرن العاشر، حسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وتولى الطيب رئاسة جامعة الأزهر منذ 2003، وهو المنصب الذي شغله بعد أن كان مفتياً للجمهورية. ومنذ 1961 يعود قرار تعيين شيخ الأزهر مدى الحياة إلى الرئيس المصري، ما فتح الطريق للانتقادات التي اتهمت المؤسسة الدينية بالتبعية للسلطة. ويعتبر جامع الأزهر الذي تأسس في القرن العاشر أهم مركز للتعليم الإسلامي السني في العالم.