ابن السمطا عضو جديد
العمر : 41 عدد الرسائل : 65 تاريخ التسجيل : 28/11/2015
| موضوع: الإمام العارف بالله أبو العلمين أحمد الرفاعي 18/4/2020, 5:33 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدى أبصار بصائرنا لنور أنوار المحامد المحمديه ، وفتح مسامع أسماع قلوبنا بأخبارصافي صفاء الصفوة المصطفوية ، وسقانا بكأس سقائه في عالم الأرواح، من طيب أطايب ذلك الراح، الموجب في النشأتين سرور المسرة والأفراح، فجاءت بذلك قوالب القلوب في هذه النشأة مجبولة على حب أولئك الأشباح ، فلا مساح لها عن ذلك ولا براح، فمن تعارف منها كان له ائتلاف، وما تناكرمنها كان محل خلاف ، ثم أرسل رسله فوفّق من وفّقه من جَنْي ثمارهم الناضرة للاغتراف، بكأس رحيق شريعتهم الطاهرة والاقتطاف. أحمده وإن كنتُ لا أستطيع عدّ آلائه، وأشكره وإن كان شكري من عطائه ولكنه يستوجب زيادة نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، قطب دائرة الكمالات، ومشرق النور الإلهي لأهل الأرض والسموات، مَن تُوِّج هام النبوة والرسالة، وتسنّم أوج الرفعة والشرف والبسالة، صلى الله عليه وعلى أهله أهل العباء والمباهلة، الّذين هم كالأهِلّة في سماء هذه المِلَّة، وعلى أصحابه أولي الصفاء والوفاء والجود، الذين هابتهم الأساود وخافتهم الأسود، وتبرّأت شِيَمُهم من النقائص فلم يكن فيهم مختال ولا متكبر ولا حسود، صلاة تتبسم عن ثغرها شفة الفجر في لعس الظلام، ويتلثم بنورها وجه البدر في عرس التمام ، أما بعد : فيقول العبد الفقير إلى رحمة ربه، المستغفره من خطيئته وذنبه، والمتعطش إلى مغفرته وكرمه وجوده وفضله ابن عبد المعين من آل بحر ، وفقه الله تعالى لخيره، وأصلح دارَيْه، وأذاقه حلاوة نشأتيه، وأجرى الخيرَ علي قلبه ويديه: نعيش معًا مع شيخ العارفين، وقدوة المحققين، العالم الرباني، والشيخ الصمداني، الطود الشامخ، والصرح البا زخ، بدر مطالع الرياسة، وشمس مغارب السيادة، الإمام الورع، والعالم الزاهد الكبير، والعلامة الشهير، السيد أحمد بن السيد علي أبي الحسن دفين بغداد بن السيد يحيى نقيب البصرة المهاجر من المغرب بن السيد ثابت بن السيد الحازم علي أبي الفوارس بن السيد أحمد المرتضى بن السيد علي بن السيد الحسن الأصغر المعروف برفاعة (واليه تعود تسمية قبيلة الرفاعي، المولود بمكة المكرمة سنة 280 هجريه، ووفاته كانت في إشبيلية سنة 331 هجريه ) بن السيدمحمد مهدي المكي بن السيد أبي القاسم محمد بن السيد الحسن القاسم المكنى بأبي موسى بن السيد الحسين عبد الرحمن لقبه الرضي المحدث بن السيد أحمد الصالح الأكبر بن السيد موسى الثاني بن السيد إبراهيم المرتضى بن السيد الإمام موسى الكاظم بن السيد الإمام جعفر الصادق بن السيد الإمام محمد الباقر بن السيد الإمام علي زين العابدين بن السيد الإمام الحسين بن السيد الإمام علي بن أبي طالب. أمّا نسبه لأمه ففيه قولان: الأول: أنها فاطمه بنت يحيى الكبير بن أبي سعيد موسي بن كامل بن أحمد الصادق بن جعفر الزكي، بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. والقول الثاني: أنها فاطمه بنت الشيخ يحي النجاري بن الشيخ موسى أبي سعيد ابن الشيخ كامل بن الشيخ يحي الكبير ابن الإمام الصوفي الشهير محمد أبي بكر الواسطي بن موسى بن محمد بن منصور بن خالد بن زيد بن متّى وهو أيوب بن خالد أبي أيوب بن زيد الأنصاري النجاري الصحابي الجليل. رضي الله عنه –فمن قالو بالقول الأول استندو إلى القول بأن أخا السيدة فاطمة أم الإمام أحمد هي أخت السيد منصور البطائحي العراقي , وقالوا إنه هو جد السيد منصور الأشهب القبابي المهاجر إلى مصر مع أخويه يحي و ناصر, والباز القبابي وهو السيد العوضي وأما أصحاب القول الثاني فيقولون إن منصور الأشهبي ليس من نسل منصور البطائحي؛ فالأشهبي من آل البيت، والبطائحي من الأنصار، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب.عندما قدم أبوه إلى العراق سكن البطائح بقرية اسمها أم عبيدة ، فتزوج بفاطمة أخت القطب الشيخ منصور الرباني البطائحي الزاهد ورزقه الله منها أولادًا أعظمهم قدرًا وأرفعهم ذِكراً السيد أحمد الرفاعي. وُلِد الامام أحمد رضي الله عنه سنة (512 هـجريه 1118ميلاديه )، وشاء الله أن يُتوفي أبوه وهو حَمْل في بطن أمه. فتربي تحت كفاله خاله الشيخ الزاهد منصور الرباني البطائحي، فنشَّأه تنشئة دينية؛ فقد درس القرآن العظيم وترتيله على الشيخ عبد السميع الحربوني في قريته وله من العمر سبع سنين، وانتقل مع خاله ووالدته وإخوته إلى بلدة "نهر دفلي" من قرى واسط في العراق، وأدخله خاله على الإمام الفقيه الشيخ أبي الفضل علي الواسطي وكان مقرئا ومحدثا وواعظا عالي الشأن، فتولى هذا الإمام أمره وقام بتربيته وتأديبه وتعليمه، فبرع في العلوم النقلية والعقلية، وأحرز قصب السبق على أقرانه. وكان يلازم دروس العلم ومجالس العلماء، فقد كان يلازم درس خاله الشيخ أبي بكر سلطان علماء زمانه، كما كان يتردد على حلقة خاله منصور البطائحي، وتلقى بعض العلوم على الشيخ عبد الملك الحربوني وحفظ عنه كتاب "التنبيه" في الفقه الشافعي للإمام أبي إسحاق الشيرازي وقام بشرحه شرحًا عظيمًا، وأمضى أوقاته في تحصيل العلوم الشرعية على أنواعها. الشيخ الجليل أبو الفضل علي محدث واسط وشيخها قد أجاز الإمام أحمد الرفاعي وهو في العشرين من عمره إجازة عامة بكل علوم الشريعة والطريقة وأعظم شأنه ولقبه بـ أبي العلمين، أي الظاهر والباطن. وله ألقاب أخرى منها "شيخ الطرائق" و"الشيخ الكبير" و"أستاذ الجماعة". وفي الثامن والعشرين من عمره عهد إليه خاله منصور بمشيخة المشايخ ومشيخة الأروقة المنسوبة إليه وأمره بالإقامة في أم عبيدة برواق جده لأمه، كان شافعي المذهب أشعري العقيدة، وصل إلى درجة الاجتهاد المطلق، وكان أعلم أهل زمانه، وكان رضي الله عنه يُضرب به المثل في التواضع والانكسار ولين الجانب ورحمة الناس وشفقته عليهم، وقد وصفه الإمام الرافعي (محرر المذهب الشافعي) فقال: كان متمكناً في الدين، سهلاً على المسلمين، صعباً على الضالين، هيناً ليناً بشًّا، ليّن العريكة، وكان حسن الخَلْق، كريم الخُلُق، حلو المكالمة، لطيف المعاشرة، لا يملُّه جليسه، ولا ينصرف عن مجالسه إلا لعبادة، حمولاً للأذى. كان الإمام أحمد الرفاعي الكبير متواضعًا في نفسه، خافضًا جناحَه لإخوانه، غير مترفِّع، وغير متكبر عليهم، وروي عنه أنه قال : "سلكتُ كل الطرق الموصلة فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا أصلح من الافتقار والذل والانكسار، فقيل له : يا سيدي فكيف يكون ؟ قال : تعظِّم أمرَ الله، وتُشفق على خلق الله، وتقتدي سنة سيدك رسول الله . وكان الإمام الرفاعي يخدم نفسه، ويخصف نعله، ويجمع الحطب بنفسه ويشده بحبل ويحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين وأصحاب الحاجات، ويقضي حاجات المحتاجين، ويقدم للعميان نعالهم، ويقودهم إلى محل مطلوبهم، وكان يمشي إلى المجذومين والزَّمْنَى ويغسل ثيابهم ويحمل لهم الطعام، ويأكل معهم ويجالسهم ويسألهم الدعاء، وكان يعود المرضى، ولو سمع بمريض في قرية ولو على بُعد يمضي إليه ويعوده، وكان شفيقًا على خلق الله، يرأف باليتيم، ويبكي لحال الفقراء ويفرح لفرحهم، وكان يتواضع كل التواضع للفقراء. وقد قال مشايخ أهل عصره: كلّ ما حصل للرفاعي من المقامات إنما هو من كثرة شفقته على الخلق وذلِّ نفسه لله. وقد أثنى عليه الأئمة الكبار والعلماء الأجلاء كالشيخ أبي شجاع الشافعي فقال: كان الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه علمًا شامخًا، وجبلًا راسخًا، وعالمًا جليلًا، ومحدثًا فقيهًا مفسرًا، ذا روايات عاليات، وإجازات رفيعات، قارئًا مجودًا حافظًا مجيدًا، حجة، متمكنًا في الدين، سهلًا على المسلمين، صعبًا على الضالين، هينًا لينًا هشًا بشًا، لين العريكة، حسن الخَلْق، كريم الخُلُق، حلو المكالمة، لطيف المعاشرة، لا يملّه جليسه، ولا ينصرف عن مجالسه إلا لعبادة، حمولًا للأذى، وفيًّا إذا عاهد، صبورًا على المكاره، متواضعًا من غير ذلة، كاظمًا للغيظ من غير حقد، أعرَف أهل عصره بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بها، بحرًا من بحار الشرع، سيفًا من سيوف الله، وارثًا أخلاق جده رسول الله. كان ريع أملاكه أكثر من ريع أملاك الأمراء، وكان كل ما يحصل منها ينفقه في سبيل الله على الفقراء والسالكين والواردين، وكان متجرّدا من الدنيا، ولم يدخر أموالها، بل كان لا يجمع بين لبس قميص وقميص لا في صيف ولا في شتاء، وكان يقول: الزهد أساس الأحوال المرضيّة والمقامات السنيّة. وكان يقول: طريقي دينٌ بلا بدعة، وهِمَّه بلا كسل، ونيّة بلا فساد، وصدقٌ بلا كذب، وعملٌ بلا رياء، وقلب عامر بالمحبه. وقال رضي الله عنه: علامة العارف كتمان الحال, وصحة المقال, والتخلص من الآمال. وقال: الشيخ ظاهره الشرع وباطنه الشرع. الشيخ من إذا نصحك أفهمك, وإذا قادَك دلَّك, وإذا أخذك نهض بك. الشيخ من يُلزِمك الكتاب والسنة, ويُبعدك عن المحدثة والبدعة. الرجل من يفتخر به شيخه, لا مَن يفتخر بشيخه. وقال: ظنّ بعض الجهلة أن هذه الطريقة تُنال بالقيل والقال, والدرهم والمال, وظواهر الأعمال. لا واللهِ, إنما نَيْلها بالصدق والانكسار, والذل والافتقار واتباع سنة النبي المختار، وهجر الاغيار. وإياك ورؤية الفعل في العبد حيًّا كان أو ميتا, فإن الخلق كلهم لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا .الفقير (الصوفي) إذ انتصر لنفسه تعب، وإذ أسلمَ الأمرَ إلى الله تعالى نصره من غير عشيرةٍ ولا أهل.العِلم شرفٌ في الدنيا وعزٌّ في الآخرة. ليست النائحة الثَّكْلى كالنائحة المستأجرة. دفتر حال الرجل أصحابه. من تطاول على الخَلْق قصَّر عند الخالق، ومن تعالى على العباد سقط من عين المعبود. الاطمئنان بغيره تعالى خوفٌ، والخوف منه اطمئنان من غيره. الصوفي من صفا فلم يَرَ لنفسه على غيره مَزِيّة.علامة العارف كتمان الحال، وصحة المقال، والتخلص من المال. الدنيا والآخرة بين كلمتين: عقل ودين.وكان الإمام أحمد الرفاعي يأمر في مجلس وعْظِه بالتزام حدود الشرع، ويُحذِّر الناس من أهل الشطح والغلو ويقول: "هؤلاء قُطّاع الطريق فاحذروهم". وكان يكره أصحاب القول بالحلول والوحدة المطلقة الذين يقولون إن الله يحل بالعالم ويقول : "هؤلاء قوم أخذتهم البدعة من سروجهم، إياكم ومجالستهم". وكان يأمر باتباع هدى الشريعة والسير على طريقة المصطفى ويقول: "اتَّبِع ولا تبتدع، فإن اتبعتَ بلغتَ النجاة وصرت من أهل السلامة، وإن ابتدعتَ هلكت". كان السيد أحمد الرفاعي أسمر اللون، متوسط القد، نيِّر الوجه، شعره أسود، وفي صدره شعر أسود، خفيف العارضين، وسيع الجبهة، مدور الوجه، حسن المبسم.كان (رضي الله عنه) يلبس قميصًا أبيض ورداءً أبيض، وخُفًّا من صوف أبيض، ذا هيبة عظيمة، لا يتمكن جليسه من أباحة النظر إليه، مع رِفقه وظرافة طبعه وخُلُقه وشيمته.وكان أحمد الرفاعي يُعظِّم العلماء والفقهاء ويأمر بتعظيمهم واحترامهم ويقول: هؤلاء أركان الأمة وقادتها.أما زوجاته وأولاده: فقد تزوج رضي الله عنه الشيخة الصالحة خديجة الأنصارية بنت الشيخ أبي بكر بن يحيى النجاري الأنصاري , فأولدها فاطمة وزينب، ثم توفيت خديجة فتزوج بأختها الزاهدة العابدة رابعة , فأولدها صالحا قطب الدين , مات صالح في حياة والدة وعمره سبع عشرة سنة ولم يتزوج. وقال الشيخ علي الحدادي : بل تزوج وأعقب ولدا اسمه منصور. وهذا قول تفرد به الحدادي، والله أعلم. وأما فاطمة بنت السيد أحمد فقد زوجها أبوها بابن أخته وابن عمه مهذب الدولة ابن سيف الدين عثمان فأولدها الإمام الكبير محي الدين إبرهيم الأعزب , ونجم الدين أحمد الأخضر , وأما زينب فزجّها ابن عمتها وابن ابن عم أبيها ممهد الدولة عبدالرحيم فأولدها شمس الدين محمد , وقطب الدين أحمد , وأبا الحسن علي , وعز الدين أحمد الصياد , وأحمد أبا القاسم، وأبا الحسن، وبنتين. وانتشرت ذريتهم في البلاد الإسلامية.من كراماته: للإمام الرفاعي رضي الله عنه كرامات كثيرة، منها ما أخبر به الإمام الرافعي من أن امرأة وضعت بنتًا لها حدباء، فلما كبرت وآن أوان مشيها إذا بها عرجاء، ثم سقط شعر رأسها لعاهة، ففي يوم من الأيام حضر السيد أحمد الرفاعي محلة الحدادية حيث البنت ، فاستقبله أهلها والعرجاء فاطمة بين الناس وبنات الحدادية يستهزئن بها، فلما أقبلت قالت للسيد أحمد رضي الله عنه: أي سيدي أنت شيخي وشيخ والدتي وذخري، أشكو اليك ما أنا فيه لعل الله ببركة ولايتك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعافيني مما أنا فيه، فقد زهِقَتْ روحي من استهزاء بنات الحدادية. فأخذته الشفقة عليها وبكى رحمة لحالها ثم ناداها: ادني مني. فدنت منه ووضع شيئا من ردائه عليها ومسح بيده المباركة على رأسها وظهرها ورجليها فنبت بإذن الله شعرها وذهب احديدابها وتقومت رجلاها وحسن حالها. ومن اعظم كراماته ما ذكره الإمام عز الدين الفاروقي في كتابه " إرشاد المسلمين " : أخبرني أبي الحافظ محي الدين أبو إسحق عن أبيه الشيخ عمر الفاروقي أنه قال : كنت مع سيدنا وشيخنا السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني رضي الله عنه عام حجه الأول وذلك سنة خمس وخمسين وخمسمائة وقد دخل المدينة يوم دخوله القوافل إليها قوافل الزوار من الشام والعراق واليمن والمغرب والحجاز وبلاد العجم وقد زادوا على تسعين ألفا ، فلما أشرف على المدينة المنورة ترجَّل عن مطيَّته ومشى حافيًا إلى أن وصل الحرم الشريف المحمدي، ولازال حتى وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية فقال: السلام عليك يا جدي. فقال رسول الله له : " وعليك السلام يا ولدي ". سمع كلامه الشريف كل من في الحرم النبوي ، فتواجد لهذه المنحة العظيمة والنعمة الكبرى وحنَّ وأنَّ وبكى وجثا على ركبتيه مرتعدًا ثم قام وقال : في حالة البُعد روحي كنت أُرسِلها ..... تقبِّل الأرض عني وهي نائبتيوهذه دولة الأشباح قد حضرت ..... فامدُدْ يمينَك كي تحظى بها شفتيفمدَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة النورانية من قبره الأزهر الكريم فقبلها والناس ينظرون.وقد كان في الحرم الشريف الألوف حين خروج اليد الطاهرة المحمدية. وكان من أكابر العصر فيمن حضر الشيخ حياة بن قيس الحراني ، والشيخ عدي بن مسافر ، والشيخ عقيل المنبجي ، وهؤلاء لبسوا خرقة السيد أحمد رضي الله عنه في ذلك اليوم واندرجوا بسلك أتباعه ، و ممن كان حاضرًا الإمام عبد القادر الجيلاني، وكان فيمن حضر كذلك الشيخ أحمد الزاهر الأنصاري ، والشيخ شرف الدين بن عبد السميع الهاشمي العباسي ، وخلائق كلهم تبركوا وتشرفوا برؤيا اليد المحمدية ببركته رضي الله عنه ، وهي من أشهر الكرامات التي تكرم الله بها عليه وأعلاها شأنًا ، وقد تلقاها الناس خلفًا عن سلف حتى بلغت مبلغ التواتر، وقد ذكرها وأثبتها كثير من العلماء في كتبهم منهم الحافظ السيوطي، والمحدث محمد بن عبد الرؤوف المناوي، والإمام عبد الوهاب الشعراني وغيرهم من العلماء، وله كرامات كثيرة، وجاء في رسالة (سواد العينين في مناقب أبي العلمين ) للإمام الرافعي قال : أخبرني الفقيه العالم الكبير بقية الصالحين أبو زكريا يحيي ابن الشيخ الصالح يوسف العسقلاني الحنبلي قال : كنت في " أم عبيدة " زائرًا عند السيد أحمد الرفاعي في رواقه وحوله من الزائرين أكثر من مائة ألف إنسان منهم الأمراء والعلماء والشيوخ والعامة ، وقد احتفل بإطعامهم وحسن البشر لهم كلٌّ على حاله ، وكان يصعد الكرسي بعد الظهر فيعظ الناس ، والناس حلقًا حلقًا حوله ، فصعد الكرسي بعد ظهر خميس وفي مجلسه وعاظ واسط وجم كثير من علماء العراق وأكابر القوم ، فبادر القوم بأسئلة من التفسير، وءاخرون بأسئلة من الحديث ، وجماعة من الفقه ، وجماعة من الأصول ، وجماعة من علوم أخرى ، فأجاب على مائتي سؤال من علوم شتى ولم يتغير حاله حال الجواب ، ولا ظهر عليه أثر الحِدّة ، فـأخذتني الحيرة من سائليه ، فقمت وقلت : أما كفاكم هذا ؟ والله لو سألتموه عن كل علم دُوِّن لأجابكم بإذن الله بلا تكلف، فتبسم وقال : " دعهم أبا زكريا يسألوني قبل أن يفقدوني ، فإن الدنيا زوال ، والله محول الأحوال " . فبكى الناس وتلاطم المجلس بأهله وعلا الضجيج ، ومات في المجلس خمس رجال، وأسلم من الصابئين ثمانية ءالاف رجل أو أكثر، وتاب أربعون ألف رجل. عندما بلغ الإمام أحمد السادسة والستين من عمره مرض بداء البطن، وبقي مريضًا أكثر من شهر، وكان مع خطورة مرضه يتحمل الآلام الشديدة بدون تأوه أو شكوى، مستمرًّا وثابتًا على تأدية الطاعات والعبادات التي اعتاد عليها بقدر استطاعته إلى أن وافته المنية يوم الخميس 12 جمادى الأولى عام 578هـ، ودُفن في قبة جده لأمه الشيخ يحيى البخاري في بلدته أم عبيدة، رضي الله عنه.(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)ابن السمطا من آل بحر من نسل عيسى بن خلف بن بحر الشهير برحمة من نسل الحسين بن علي رضي الله عنه، وأم الحسين هي السيدة البتول فاطمة الزهراء بنت سيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. | |
|