جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إن أكبر ما يدحض فرية أن الصدفة هي المسؤولة عن عملية خلق الكائنات الحية من التراب هو وجود كائنات حية تسمع وتبصر وتعقل. إن الذي يخلق كائنات يمكنها أن تسمع لا بد وأن يكون سميعا وكائنات يمكنها أن تبصر لا بد أن يكون بصيرا وكائنات يمكنها أن تعقل لا بد أن يكون عاقلا. فكيف يمكن للصدفة التي لا تبصر ولا تسمع ولا تعقل أن يخطر في بالها، إن كان لها بال، أن تصنع كائنات من التراب يمكنها أن تسمع وترى التراب الذي صنعت منه ويفكر بعضها ليس في التراب فحسب بل بما وراء التراب؟! إن في تركيب نظامي السمع والبصر من التعقيد بحيث لا يمكن لهما أن يعملا إلا بتوفر جميع مكوناتها مما يعني أن الصدفة لا يمكن لها أن تصنع أحد أجزاء نظام البصر ثم تبقيه من خلال تخزين طريقة تصنيعه على الشريط الوراثي ومن ثم تنتظر الصدف لتصنع جزءاً آخر وهكذا إلى أن يكتمل تصنيع جميع أجزاء نظام البصر.
إن البشر الذين هم أعقل من على الأرض لا يعرف أكثرهم مما يتكون نظامي السمع والبصر ولا يعرفون القوانين الفيزيائية التي بنيت على أساسها هذه الأنظمة. ولولا أن البشر قد ولدوا وهم يسمعون ويبصرون ويعقلون لما خطر على بالهم أن هنالك كائنات يمكنها أن تسمع وتبصر وتعقل.
وإذا كان البشر على ما في رؤوسهم من عقول كانوا يجهلون متطلبات بناء هذه الأنظمة وهي موجودة في أجسامهم وأجسام كثير من الحيوانات حولهم فكيف يمكن للصدفة أن تهتدي إلى معرفة مكونات هذا النظام ثم تقوم ببنائه على أكمل وجه لملايين الأنواع من الكائنات الحية؟! وسنشرح في هذه المقالة مكونات نظام الإبصار عند الإنسان ونؤجل شرح نظام السمع وتركيب الدماغ إلى مقالات لاحقة.
مم تتركب العين؟
تتكون العين البشرية من كرة لحمية مملؤة بسائل هلامي شفاف ويبلغ متوسط قطرها سنتيمترين وخمس السنتيمتر ووزنها ثمانية غرامات فقط.
يتكون جدار كرة العين الذي لا يتجاوز سمكه المليمترين من ثلاث طبقات وهي الصلبة والتي تعطي العين لونها الأبيض والمشيمية وهي شبكة العروق التي تمد العين بالدم اللازم لتغذيتها والشبكية وهي الغلاف الداخلي الحساس للضوء والذي ترتسم عليه صورة الأجسام.
أما الملتحمة فهي الغشاء الخفيف الذى يغطى الصُلبة (الجزء الأبيض فى العين) ويبطن الجفون من الداخل ووظيفتها ترطيب العين من الداخل بإفراز مواد مخاطية يتم مزجها مع الدموع. ولكي يتم إدخال الضوء إلى غرفة العين ورسم صور الأشياء على الشبكية فقد تم استبدال طبقات جدار العين الثلاث عند مقدمتها بثلاثة مكونات وهي القرنية التي هي امتداد للصلبة ولكنها شفافة للضوء ولها قطر تحدب أصغر من ذلك الذي للصلبة والقزحية والتي هي امتداد للمشيمة وهي التي تعطي العين ألوانها المختلفة كالبني والأزرق والأخضر ويوجد في مركزها فتحة دائرية تسمى الحدقة أو البؤبؤ تسمح للضوء المنكسر من القرنية بالدخول إلى العين. ويتم التحكم بمقدار فتحة البؤبؤ بعضلات موجود في القزحية بعضها دائري وبعضها شعاعي وذلك للحد من شدة الضوء الداخل إلى العين لكي لا يدمر الشبكية ويتراوح قطر الحدقة بين ملليمترين عند الضوء الشديد وثمانية مليمترات عند الضوء الخافت. إن عملية التحكم بفتحة الحدقة تتم بطريقة آلية (أوتوماتيكية) فبمجرد أن تتغير شدة الضوء الساقط على الشبكية يقوم مركز الإبصار في الدماغ بقياس شدته وإرسال إشارات تحكم إلى عضلات القزحية لتحدد مقادر فتحة الحدقة بما يتناسب مع شدة الضوء وتتم هذه العملية بسرعة بالغة حتى لا يتم تدمير الشبكية من الضوء الشديد. أما العدسة فهي امتداد للشبكية وهي محاطة بسبع عضلات تسمى الجسم الهدبي وهو يتحكم في مقدار تحدب العدسة وذلك لكي تقع الصورة المكونة على الشبكية تماما حيث تكون صورة الأجسام المرئية أوضح ما يكون فهي ترتخي عند رؤية الأجسام البعيدة وتتقلص عند رؤية الأجسام القريبة. ويقوم مركز الإبصار أيضا بالتحكم بطريقة آلية بدرجة تحدب العدسة فبمجرد أن ينظر الشخص إلى مشهد ما فإن الدماغ يقوم على الفور بتحديد درجة التحدب المطلوبة لتظهر صورة المشهد في أوضح أشكالها.
ولكي تحافظ العين على شكلها الكروي وبالأبعاد المطلوبة تم ملئ الفراغ الداخلي الذي يقع خلف العدسة بمادة هلامية شفافة تشبه زلال البيضة يسمى الجسم الهلامي. أما الفراغ الذي يقع أمام العدسة فقد تم ملؤه بمحلول مائي يسمى الخلط المائي وهذا الفراغ مكون من غرفتين الغرفة الأمامية وتقع ما بين القرنية والقزحية والغرفة الخلفية وتقع ما بين عدسة العين والقزحية. وفى الزاوية بين القرنية والقزحية فى الغرفة الأمامية توجد قناة شليم ووظيفتها تصريف محلول الخلط المائى من الغرفتين وإرساله إلى الجسم إذا ما زاد ضغطه عن حد معين حيث أن ارتفاع ضغط العين عن هذا الحد يؤثر على عمل العين ويسبب ما يسمى بالماء الأزرق أو الجلوكوما. ولكي تعمل العين بالشكل المطلوب لا بد من ضمان شفافية المكونات التي يمر من خلالها الضوء إلى داخل العين وهي القرنية والعدسة والسائل الهلامي الذي يملأ حجرة العين. إن المواد الشفافة للضوء الموجودة في الطبيعة قليلة جدا وهي الزجاج والكوارتز والماس والماء ولكن بما أن جميع أجسام الكائنات الحية تبني من مواد عضوية كان لزاما أن يتم تصنيع مكونات العين الشفافة من مواد عضوية بحيث يتكون معظم سيتوبلازم خلاياها من بروتينات شفافة للضوء. ويلزم لضمان شفافية القرنية والعدسة أن تكون خالية من الأوعية الدموية التي تمد خلاياها بالغذاء والأكسجين ولذلك فقد تم تصميم جدرانها بحيث تحصل على احتياجاتها من الغذاء والأكسجين بشكل مباشر عن طريق الترشيح من الخلط المائى الذى يملأ الغرفة الأمامية والغرفة الخلفية.
وتستقر العين داخل جزء من تجويف الجمجمة يسمى المحجر وهذا المكان يؤمن الحماية للعين من جميع الجهات عدا الجهة الأمامية حيث تقوم الجفون بحماية العين أثناء النوم من خلال إغلاقها وكذلك منع وصول الضوء إلى الشبكية لكي تريحها بعد يوم طويل من العمل المتواصل. كذلك تقوم الجفون بترطيب وتنظيف العين وخاصة القرنية من الغبار الذي يقع عليها وذلك من خلال نشر الدموع فى العين والتى تحتوى على مواد تقتل البكتيريا والفيروسات. وتستجيب الجفون بشكل تلقائي لأى جسم قد يهدد العين مثل تحرك الأشياء بسرعة كبيرة في اتجاهها أو مفاجئتها بضوء ساطع وتكون هذه الاستجابة من خلال إغلاق العين كليا أو جزئيا بالجفن.
أما الرموش فإنها إلى جانب الناحية الجمالية فإنها تقوم بحماية العين من دخول الجسيمات الدقيقة وأما الحاجب وهو الشعر الذى يوجد فوق جفن العين على حافة المحجر العليا فوظيفته تحويل اتجاه المواد السائلة من العرق أو الماء بعيداً عن العين. وتقوم الغدد الدمعية التي تقع فى الجزء العلوى الأمامى لمحجر العين بصب الدموع عبر قنوات دمعية على ملتحمة العين ثم تنتقل الدموع إلى زاوية العين الداخلية لتصل إلى القُنيات الدمعية ثم إلى الكيس الدمعى المسئول عن عدم نزول الدموع دفعة واحدة لتجويف الأنف ثم تنتقل إلى القناة الدمعية الأنفية لتصب الدموع فى تجويف الأنف. ويتم التحكم بحركة كرة العين داخل المحجر باستخدام ستة عضلات قادرة على تحريك العين في المستوى الأفقي إلى اليمين والشمال وفي المستوى الرأسي إلى الأعلى والأسفل ويتم تحريك عضلات كل من العينين بشكل متزامن بحيث تتحرك إحدى العينين بنفس الاتجاه التي تتحرك به العين الأخرى.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إن من عنده أدنى معرفة في علم البصريات يعلم أنه لكي تقوم العين بوظيفتها على الوجه الأكمل يجب أن يتم تحديد أبعاد ومواصفات مكوناتها بشكل بالغ الدقة وإن خلللا بسيطا في مواصفات أو أبعاد أحد هذه المكونات قد يؤدي إلى فشل عملية الرؤيا. إن المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه عملية رؤية الأشياء يكمن في قدرة العدسة على رسم صورة للأشياء التي يسقط الضوء المنعكس عنها عند بؤرتها. ويوجد في العين البشرية عدستان تعملان على ضمان وقوع الصورة على شبكية العين أولهما القرنية وهي عدسة محدبة_ مقعرة لها أبعاد ثابتة كما هو مبين في الصورة المبينة أعلاه وهي مسؤولة تقريبا عن ثمانين بالمائة من عملية رسم الصورة على الشبكية. أما العدسة الثانية والتي يطلق عليها اسم العدسة البلورية فهي عدسة محدبة الوجهين ولكن درجة تحدبهما غير ثابتة بل يمكن التحكم بهما من خلال العضلات المحيطة بالعدسة وذلك لكي يتم ضمان وقوع صور الأشياء القريبة والبعيدة بشكل واضح على الشبكية. ويبلغ قطر العدسة تسعة ملليمترات وسمكها عند منتصفها خمسة مليمترات في حالة الإرتخاء. إن وجود عدسة ثابتة التحدب كالقرنية أمام العدسة الداخلية متغيرة التحدب كان ضروريا لتحقيق هدفين أولهما تصغير حجم العدسة الداخلية وذلك لكي يتم التحكم بدرجة تحدبها بعضلات صغيرة وبالتالي تصغير حجم العين وثانيهما لتركيز الضوء الداخل إلى العين من خلال القرنية لكي يمر من خلال حدقة العين الضيقة الواقعة أمام العدسة الداخلية والتي يمكنها التحكم بكمية الضوء الداخل إلى شبكية العين. وكما هو معروف من معادلات العدسات فإن العدسة لن تقوم بعملها إذا كان معامل إنكسار المادة المحيطة بها يساوي معامل إنكسارها فعدسة القرنية التي يبلغ معامل إنكسارها 1.376 محاطة من الخارج بالهواء بمعامل إنكسار يساوي واحد ومحاطة من الداخل بماء العين بمعامل إنكسار يبلغ 1.336 مما يعني أن الوجه المحدب الخارجي للقرنية يلعب الدور الأكبر في عملية إنكسار الضوء وذلك للفارق الكبير بين معاملي الإنكسار. ويتجلى مدى علم مصمم هذه العين القائل عن نفسه سبحانه وتعالى "وخلق كل شئ فقدره تقديرا" في طريقة تصميم العدسة الداخلية حيث أنها موجودة في وسط مادة هلامية شفافة ذات معامل إنكسار قيمته 1.336 وهو يزيد قليلا عن معامل إنكسار الماء البالغ 1.333 فكان لابد لكي تعمل العدسة أن يتم رفع معامل إنكسارها إلى 1.406 عند مركزها. وبما أن هذا الفارق بين معاملي الإنكسار لا زال قليلا فقد استخدم سبحانه وتعالى تقنية بديعة لزيادة قوة تكبير العدسة وهي ما يسمى بالعدسة ذات معامل الإنكسار المتدرج Graded Index lens (GRIN)) فكما هو واضح من الصورة فإن معامل إنكسار العدسة عند وسطها يبلغ 1.406 وعند أطرافها 1.386. ويستخدم البشر اليوم مثل هذه العدسات المتدرجة في كثير من التطبيقات الحديثة مع العلم أن تصنيع مثل هذه العدسات يحتاج إلى معدات بالغة التعقيد. ونشاهد في الصورة كذلك أن نصفي قطر وجهي العدسة البلورية مختلفان في القيمة مما يعطي درجة إضافية من الحرية لضبط مقدار البعد البؤري لها على الرغم من أن تصنيع مثل هذه العدسة غير المتماثلة أصعب بكثير من العدسة المتماثلة. إن من عنده معرفة بأنظمة التصوير يعلم أن تحديد مكان تكون الصورة في نظام تصوير بعدسة واحدة فقط محاطة بالهواء من جانبيها عملية ليست بالسهلة ويزداد الأمر تعقيدا في حالة نظام تصوير بعدستين أو أكثر. أما نظام التصوير في العين فإن فيه من التعقيد ما يصعب حتى على أذكى المختصين من تحديد مكان الصورة الأمثل فهذا النظام كما شرحنا سابقا مكون من عدستين أحدهما ثابتة بمعامل إنكسار 1.376 وبوجهين الخارجي منها محدب بنصف قطر يبلغ 7.259 ملم ومحاط بالهواء والداخلي مقعر بنصف قطر 5.585 ملم ومحاطة بماء العين بمعامل إنكسار 1.336 . أما العدسة الثانية فتقع على بعد 2.794 ملم من العدسة الأولى وهي عدسة محدبة الوجهين بدرجة تحدب متغيرة حيث يبلغ نصف قطر الوجه الأمامي عند الإرتخاء 8.672 ملم والخلفي 6.328 ملم وهما محاطين بماء العين والجسم الهلامي بمعامل إنكسار 1.336 إضافة إلى ذلك فإن معامل إنكسار هذه العدسة متدرج يبلغ عند منتصفها 1.406 وعند أطرافها 1.386. لقد حدد الله سبحانه وتعالى موقع الشبكية الأمثل على بعد أربعة وعشرين ملليمتر من القرنية وهنا أناشد المختصين في علم العدسات أن يقوموا بحساب هذا البعد ونشر نتائج حساباتهم إن أمكن. والأعجب من كل هذا أن أبعاد مكونات هذه العين رغم أنها مصنوعة من الماء وقليل من المواد العضوية تبقى ثابتة لا تتغير عند كثير من الناس إلى ما يقرب من قرن من الزمن والعين هي العضو الوحيد من بين أعضاء جسم الإنسان التي لا يختلف حجمها من إنسان إلى إنسان إلا بقدر بالغ الضآلة ولا يزيد حجمها مع زيادة حجم الجسم.
إن قيام عدسات العين برسم صورة لما حولها من أجسام على جدار العين الداخلي لا يعني شيئا للكائن الحي إذا لم يتم إرسال هذه الصور إلى الدماغ لكي يدركها. إن أول خطوة من خطوات الإدراك هو تحويل شدة الضوء وكذلك لونه لكل نقطة من نقاط الصورة المكونة إلى إشارات كهربائية يتم نقلها بطريقة ما إلى الدماغ. إن الجهاز الذي يقوم بعملية التحويل هذه هي شبكية العين التي تغطي ما مساحته أحد عشر سنتيمتر مربع أو ألف ومائة مليمتر مربع من الجدار الداخلي للعين في الجزء الخلفي منها والمقابل للعدسة أي ما يعادل 72 % من مساحة جدار العين الداخلي. وتتكون الشبكية من نوعين من الخلايا الحساسة للضوء وهي العصيات التي تستجيب لشدة الضوء فقط بغض النظر عن لونه وهي شديدة الحساسية للضوء الخافت وكذلك لحركة الأجسام ويبلغ عددها مائة وثلاثون مليون خلية تقريبا. أما النوع الثاني فهي المخاريط والتي تستجيب للضوء الشديد أي أنها منخفضة الحساسية ولكنها في المقابل قادرة على تمييز الألوان حيث يوجد منها ثلاثة أنواع تستجيب للألوان الرئيسية الثلاث وهي الأحمر والأخضر والأزرق ويبلغ عددها سبعة ملايين خلية تقريبا موزعة بنسبة 64 % للحمراء و 32% للخضراء و 4% للزرقاء. وتتوزع الخلايا الضوئية بكثافة غير منتظمة على سطح الشبكية حيث تصل كثافتها إلى ما يقرب من مائة وستون ألف في المليمتر المربع الواحد عند مركزها ثم تقل تدريجيا عند الأطراف. وعلى الرغم من أن عدد المخاريط أقل بكثير من العصي إلا أن معظمها موجود في المقلة التي لا يتجاوز قطرها ثلاثة مليمترات وفي مركز المقلة توجد منطقة لا يتجاوز قطرها ملليمتر ونصف تسمى النقرة فيها أكبر كثافة للمخاريط والتي تم تصغير قطرها بالنسبة للمخاريط الأخرى وذلك للحصول على أكبر كثافة ممكنة وفي مركز النقرة توجد منطقة تخلو تماما من العصي. إن منطقة المقلة تقع تماما أمام العدسة البلورية وهي المسؤولة عن الرؤية المركزية فجميع الأجسام التي تقع ضمن زاوية رؤيا تبلغ سبعة عشر درجة ترتسم صورها على هذه المنطقة التي لا يتجاوز قطرها الثلاث مليمترات. فعلى سبيل المثال فإن صورة الشمس أو القمر ليلة البدر تحتل مساحة على النقرة لا يتجاوز قطرها السدس ملليمتر ولهذا السبب فإنه يلزم تحريك العين بإتجاه الشئ المراد رؤيته للحصول على صورة بأكبر قدر ممن من الوضوح. إن المسافة الفاصلة بين مخروطين متجاورين في النقرة لا يتجاوز ميكرومتر ونصف وهذا الرقم لا يزيد كثيرا عن طول موجة الضوء الأحمر البالغ سبعة أعشار الميكرومتر علما بأنه لايمكن بأي حال من الأحوال تمييز الأبعاد التي يقل طولها عن طول الموجة المستخدمة لرؤيتها. ولتوضيح ضخامة هذا العدد من الخلايا الحساسة للضوء نذكر أن عدد الحبيبات الفوسفورية بألوانها الثلاث الموجودة على شاشات التلفزيونات الملونة لا يتجاوز المليون حبيبة وموزعة على مساحة قد تصل لنصف متر مربع. ولا زال المهندسون يعملون جاهدين على تصنيع تلفزيونات بقدرة تمييز تضاهي قدرة تمييز العين البشرية بما يسمى التلفزيونات عالية الوضوح. أما المناظر التي تقع خارج نطاق الرؤيا المركزية والتي قد تصل زاوية الرؤيا فيها إلى ما يقرب من مائتي درجة فإنها ترتسم على بقية الشبكة ولكن بقدرة تمييز أقل بكثير من تلك التي في المقلة.