جفون العذارى من خلال البراقع
أحدُّ من البيضِ الرقاق القواطع
إذا جردتْ ذلَّ الشجاعُ وأصبحتْ
محاجرهُ قرحى بفيض المدامعِ
سقى اللهُ عمي من يد الموت جرعةً
وشلتْ يداه بعدَ قطع الأصابع
كما قاد مثلي بالمحالِ إلى الردى
وعلقَ آمالي بذيل المطامعِ
لقد ودعتني عبلةٌ يوم بينها
وداعَ يقين أنني غيرُ راجع
وناحتْ وقالت كيف تصبح بعدنا
إذا غبتَ عنا في القفار الشواسع
وحقكَ لا حاولتُ في الدهر سلوةً
ولا غيرتني عن هواك مطامعي
فكنْ واثقاً مني في الدهر سلوةً
ولا غيرتني عن هواك مطامعي
فكنْ واثقاً مني بحسن مودة
وعشْ ناعماً في غبطةٍ غير جازع
فقلتُ لها يا عبل إني مسافرٌ
ولو عرضت دوني حدودُ القواطع
خلقنا لهذا الحبِّ منْ قبل يومنا
فما يدخل التفنيدُ فيهِ مسامعي
ايا علم السعدي هل انا راجعٌ
وانظرْ في قطريك زهرَ الأراجع
وتبصر عيني الربوتين وحاجراً
وسكان ذاك الجزع بين المراتع
وتجمعنا أرضُ الشربةِ واللوى
ونرتع في أكنافِ تلك المرابع
فيا نسماتِ البان بالله خبري
عبيلةَ عن رحلي بأي المواضع
ويا برقُ بلغها الغداةَ تحيتي
وحيِّ دياري في الحمىَ ومضاجعي
أيا صادحات الأيك إنْ متُّ فاندبي
على تربتي بين الطيور السواجع
ونوحي على منْ مات ظلماً ولم ينلْ
سوى البعدِ عن أحبابه والفجائع
ويا خيلُ فابكي فارساً كان يلتقس
صدورَ المنايا في غبار المعامع
فأمسى بعيداً في غرامٍ وذلةٍ
وقيدٍ ثقيلٍ من قيودِ التوابع
ولستُ بباكٍ إن أتتني منيتي
ولكنني أهفو فتجري مدامعي
وليس بفخرٍ وصف بأسي وشدتي
وقد شاع ذكري في جميع المجامعِ
بحقِّ الهوى لا تعذلوني واقصروا
عن اللومْ إن اللوم ليسَ بنافع
وكيف أطيقُ الصبر عمن أحبه
وقد أضرمت نارُ الهوى في أضالعي
حادثاتُ الدهر تأتي بالبدعْ
ترفعُ العبد وللحرِّ تضعْ
خلِّ عنكَ الحرب يا لونَ الدجى
واتبعَ الحقَّ ودعْ عنك الطمع
ما ركوبُ الخيل نوقٌ في الفلا
كنتَ ترعاها إذا الصبحُ طلع
لا ولا عبلة من بعضِ الإما
مثلها معْ مثلكَ الدهرُ جمع
فاسلُ عنها قد حواها سيدٌ
سيفهُ لو ضربَ الضخر انقطع
يلتقي الأبطالَ في يوم الوغى
بجنانٍ لا يدانيهِ فزع
يا بني شيبانَ قد نلتُ المنى
وآنجلى همُّ فؤادي واندفع
وغداً أخبركم عن عنترٍ
أنه قد شربَ الموت جرعْ
يا أبا اليقظانِ أغواك الطمعْ
سوف تلقى فارساً لا يندفعْ
زرتني تطلبُ مني غفلةً
زورةَ الذئب على الشاةِ رتعْ
يا أبا اليقظان كم صيدٍ نجا
خاليَ البال وصيادٍ وقعْ
إن تكنْ تشكو لأوجاع الهوى
فأنا أشفيكَ من هذا الوجع
بحسامٍ كلما جردته
في يميني كيفما مال قطع
وأنا الأسودُ والعبدُ الذي
يقصدُ الخيلَ إذا النقع ارتفع
نسبتي سيفي ورمحي وهما
يؤنساني كلما اشتدَّ الفزع
يا بني شيبان عمي ظالمٌ
وعليكم ظلمه اليومَ رجع
ساقَ بسطاماً إلى مصرعه
عالقاً منه بأذيالِ الطمع
وأنا أقصده في أرضكمْ
وأجازيهِ على ما قد صنع
مدتْ إليَّ الحادثاتُ باعها
وحاربتني فرأتْ ما راعها
يا حادثات الدهر قري واهجعي
فهمتي قد كشفتْ قناعها
ما دستُ في أرض العداةِ غدوةً
إلا سقى سيلُ الدما بقاعها
ويلٌ لشيبانٍ إذا صبحتها
وأرسلتْ بيضُ الظبى شعاعها
وخاضَ رمحي في حشاها وغدا
يشكُّ مع دروعها أضلاعها
وأصبحتْ نساؤها نوادباً
على رجالٍ تشتكي نزاعها
وحرُّ أنفاسي إذا ما قابلتْ
يوم الفراقِ صخرةً أماعها
يا عبل كم تنعقُ غربانُ الفلا
قد ملَّ قلبي في الدجى سماعها
فارقتُ أطلالا وفيها عصبةٌ
قد قطعت من صبحتي أطماعها
لقد قالت عبيلةُ إذ رأتني
ومفرقُ لمتي مثلُ الشعاعِ
ألا لله درك من شجاع
تذلُّ لهوله أسدُ البقاع
فقلتُ لها سلي الأبطال عني
إذا ما فرَّ مرتاعُ القراع
سليهم يخبروكِ بأن عزمي
أقام بربع أعداك النواعي
أنا العبدُ الذي سعدي وجدي
يفوقُ على السها في الارتفاع
سموتُ إلى عنانِ المجد حتى
علوتُ ولم أجد في الجوِّ ساعي
وآخر رام أن يسعى كسعيي
وجدَّ بجده يبغي اتباعي
فقصر عن لحاقي في المعالي
وقد أعيتْ به أيدي المساعي
ويحماُ عدتي فرسٌ كريمٌ
أقدمه إذا كثرَ الدواعي
وفي كفي صقيلُ المتن عضبٌ
يداوي الرأسَ من ألم الصداع
ورمحي السمهريُّ له سنانٌ
يلوحُ كمثل نار في يفاع
وما مثلي جزوعٌ في لظاها
ولستُ مقصراً إن جاءَ داعي
قف بالمنازل إن شجتكَ ربوعها
فلعل عينكَ تستهلَّ دموعها
واسأل عن الأطغان أينَ سرت بها
آباؤها ومتى يكونُ رجوعها
فسقتكِ يا أرضَ السربةِ مزنةٌ
منهلةٌ يروي ثراكِ هموعها
وكسا الربيعُ رباكِ من أزهاره
حللا إذا ما الأرض فاحَ ربيعها
كم ليلةٍ عانقتُ فيها غادةً
يحيا بها عند المنامِ ضجيعها
شمسٌ غذا طلعتْ سجدتُ جلالةً
لجمالها وجلا الظلامَ طلوعها
يا عبل لا تخشيْ عليَّ من العدا
يوماً غذا اجتمعتْ عليَّ جموعها
إنَّ المنيةَ يا عبيلةُ دوحةٌ
وأنا ورمحي أصلها وفوعها
وغداً يمرُّ على الأعاجم من يدي
كأسٌ أمرُّ منَ السموم نقيعها
وأذيقها طعناً تذل لوقعه
ساداتها ويشيبُ منه رضيعها
وغذا جيوشُ الكسرويّ تبادرتْ
نحوي وأبدتْ ما تكنُّ ضلوعها
قاتلتها حتى تملّ ويشتكي
كربَ الغبار رفيعها ووضيعها
فيكونُ للأسد الضواري لحمها
ولمنْ صحبنا خيلها ودروعها
يا عبل لو أن المنيةَ صورتْ
لغدا إليّ سجودها وركوعها
وسطتْ بسيفي في النفوسِ مبيدةً
منْ لا يجيبُ مقالها ويطيعها
إذا كشفَ الزمانُ لك القناعا
ومدَّ إليك صرفُ الدهر باعا
فلا تخش المنية وآلقينها
ودافع ما استطعتَ لها دفاعاً
ولا تخترْ فراشاً من حريرٍ
ولا تبكِ المنازل والبقاعا
وحولكَ نسوةٌ يندبنَ حزناً
ويهتكنَ البراقعَ واللفاعا
يقولُ لكَ الطبيبُ دواك عندي
غذا ما جسَّ كفكَ والذراعا
ولوْ عرفَ الطبيبُ دواءَ داءٍ
يردُّ الموتَ ما قاسى النزاعا
وفي يوم المصانع قد تركنا
لنا بعالنا خبراً مشاعا
أقمنا بالذوابل سوق حربٍ
وصيرنا النفوس لها متاعا
حصاني كان دلال المنايا
فخاض غبارها وشرى وباعا
وسيفي كان في الهيجا طبيباً
يداوي رأس منْ يشكو الصداعا
أنا العبد الذي خبرتَ عنه
وقد عاينتني فدع السماعا
ولو أرسلتُ رمحي معْ جبانٍ
لكان بهيبتي يلقى السباعا
ملأتُ الأرضَ خوفاً من حسامي
وخصمي لم يجد فيها اتساعا
إذا الأبطال فرتْ خوفَ بأسي
ترى الأقطار باعاً أو ذراعا
ظعنَ الذين فراقهم أتوقعُ
وجرى بينهمُ الغرابُ الأبقعُ
حرقُ الجناح كأنَّ لحييْ رأسه
جلمانِ،بالأخبار هشٌّ مولع
فزجرتهُ الاَّ يفرخَ عشه
أبداً ويصبحَ واحداً يتفجعُ
كمدلة عجزاءَ تلحمُ ناهضاً
في الوكر موقعها الشظاءُ الأرقع
إن الذين نعيتَ لي بفراقهمْ
هم أسهروا ليلي التمامَ فأوجعوا
ومغيرةً شعواءَ ذات لأشلةٍ
فيها الفوارسُ حاسرٌ ومقنع
فزرجتها عن نسوةٍ من عامر
أفخاذهن كأنهنَّ الخروعُ
وعرفتُ أن منيتي إن تأتني
لا ينجني منها الفرارُ الأسرع
فصبرتُ عارفةً لذلك حرةً
ترسو إذا نفس الجبانِ تطلعُ
خذوا ما أسأرت منها قداحي
ورفدُ الضيفِ والأنسُ الجميعُ
فلو لاقيتني وعليَّ درعي علمت علامَ تحتملُ الدروع
تركتُ جبيلةَ بنَ أبي عديٍّ
يبلُّ ثيابهُ علقٌ نجيع
وآخر منهم أجررتُ رمحي
وفي البجلي معبلةٌ وقيعُ