بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هم الأنصار ؟؟؟
يبدو أن كثيرًا من المسلمين لا يدركون معنى وقيمة
الأنصار،
الأنصار طائفة من البشر اتصفت بصفات عجيبة
ومرت بمراحل تربوية معينة، أنتجت في النهاية جيلًا
من الرجال والنساء والأطفال
من المستحيل أن يتكرروا في التاريخ بهذه الصورة
فعلًا، الأنصار ظاهرة فريدة، اتصفوا بصفات خاصة ظلت
ملازمة لهم منذ أن أصبحوا أنصارًا، ومرورا بكل
مواقفهم
الأنصار نسمة رقيقة حانية هبت على دولة الإسلام
الناشئة، ففاضت من بركتها، وخيرها على الأمة، ثم
مرت النسمة
ولم تأخذ شيئًا لنفسها، سبحان الله، الأنصار قَدّموا،
وقَدّموا، ولم يأخذوا شيئًا، وكلما جاءت الفرصة
ليأخذوا يجعل الله أمرًا آخر، فيخرجون بلا شيء، يخرجون
راضين بلا سخط،
ولا ضجر، وكأن الله أراد أن يدخر لهم كامل الأجر،
ولا يعجل لهم شيئا في دنياهم.
الأنصار، وما أدراك ما الأنصار،
روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَبْغَضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ،
فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ.
هذا حديث يلخص المسألة، لا بد أن يعرف المسلمون قدر
الأنصار قبل أن يخوضوا في أعراضهم، القضية قضية
إيمان ونفاق، وقضية حب الله لعبد وبغض الله لعبد آخر
فالحذر الحذر من أي شبهة تغير على المؤمنين قلوبهم.
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ
الْأَنْصَارِ.
وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار:
اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ. قالها ثلاثا.
وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار:
مَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ.
وغير ذلك كثير من الأحاديث في حقهم، هذا الحب الجزيل
من رسول الله صلى الله عليه سلم للأنصار، ومن الأنصار
لرسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الصحابة جميعًا يجلون
الأنصار، ويقدرون قيمتهم،
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر فكان يخدمني.
وجرير بن عبد الله هذا من أشراف قبيلة، بجيلة، ومن
أعلام العرب، وكان له شأن كبير في الجزيرة العربية
قبل الإسلام، وفوق هذا، فهو أسن، وأكبر كثيرًا من أنس
بن مالك، هذا كله دفع أنس بن مالك أن يستنكر، أو
يستغرب أن يخدمه جرير بنفسه،
قال أنس:لا تفعل.
فقال جرير:
إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم
شيئًا، آليت أن لا أصحب أحدًا منهم إلا خدمته.
وأنس من الأنصار، إذن يخدمه جرير الشريف رضي الله عنهم
أجمعين، هذا التكريم والتبجيل من رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ومن الصحابة للأنصار لم يأت من فراغ، وإنما أتى
نوايا صادقة، وأعمال متواصلة، وأخلاق حسنة
ولو نظرت إلى حال الأنصار لوجدت صفة أساسية
تمثل ركيزة في بناء الأنصاري، تلك هي صفة الإيثار:
[وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ
هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ]
{الحشر:9}.
محور حياة الأنصار أنهم يؤثرون على أنفسهم، هذا ليس
وصف أصحابهم لهم، ولا حتى وصف رسول الله صلى الله عليه
وسلم لهم، بل وصف الله عز وجل الذي خلقهم، ويعلم سرهم
ونجواهم، ويعلم ظاهرهم وباطنهم، ويعلم ما تخفي
الصدور[وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ
مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ]
{الحشر:9}.
أثبت الله لهم الإيمان، ومحبة المهاجرين، وسلامة الصدر،
والإيثار على الذات، والوقاية من شح النفس، وفي
النهاية أثبت لهم الفلاح،
أيّ فضل! وأيّ قدر! وأيّ درجة! وأيّ مكانة!
لا بد أن نعرف هذه الأمور قبل أن نأتي، ونحلل مواقف
الأنصار في سقيفة بني ساعدة، لا بد وأن تملك الخلفية
الصحيحة لهؤلاء القوم، ولهذه الطائفة الفريدة من
البشر.
- اقرءوا تاريخ الأنصار، اقرءوا بيعة العقبة
الثانية، وما قدموه من تضحيات ثمينة، وجهاد عظيم،
والثمن: الجنة.
- اقرءوا قصة الهجرة، وتسابق الأنصار على فقرهم في
استضافة المهاجرين، وإكرام المهاجرين، وحب
المهاجرين،
روى البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم:
اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل.
يريدون أن يقسموا نخيلهم، وأرضهم بينهم، وبين
المهاجرين، قال صلى الله عليه وسلم: لا.
أَبَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم أن يضحوا هذه
التضحية الكبيرة، وأشفق عليهم
لكن هل سكت الأنصار،
وقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبهم، أبدًا
إنهم لم يتقدموا بطلبهم بقسمة النخيل رياء ولا سمعة
ولم يتقدموا بذلك رهبة وخوفًا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ولكن فعلوا ذلك؛ لأنهم وجدوا في قلوبهم حبًا حقيقيًا
للمهاجرين، ووجدوا في أنفسهم إيثارًا على أنفسهم،
شعور جارف من الحب في الله لا يقاوم، ذهب الأنصار إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعرضون عليه الأمر من زاوية أخرى
وكأن نفوسهم لا تطيق أن يمتلكوا شيئًا لا يمتلكه
إخوانهم،
قالوا: فتكفونا المئونة، ونشرككم في الثمرة.
يقصدون أن يعمل المهاجرون في الأرض بدلًا من الأنصار
ثم يقسموا الناتج من الثمرة بينه
أي مشاركة برأس المال والمجهود،
وهم لا يحتاجون من يساعدهم، ولكنه نوع من المساعدة،
دون إراقة ماء وجه المهاجرين، فهذا عمل، وهذا أجره
قال المهاجرون: سمعنا وأطعنا.
فسعد الفريقان بذلك، مشاعر الأنصار مشاعر قريبة من
الملائكة، ليس في حدث أو حدثين، أو يوم أو يومين
بل هذا دينهم طيلة حياتهم، جبلوا على الإيثار منذ
آمنوا.
الأنصار بعد غزوة حنين
حدث ما هو أشد من ذلك، وضربوا مثلًا أروع من هذه
الأمثلة، وذلك في أعقاب غزوة حنين في سنة 8 من الهجرة
أي قبل حوالي سنتين ونصف من وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وقصة بني ساعدة،
روى ابن إسحاق مفصلًا، والبخاري
مختصرًا عن أبي سعيد الخدري قال:
لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك
العطايا في قريش، وفي قبائل العرب، ولم يكن في
الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم
حتى كثرت فيهم القالة.أي أن الغنائم كثرت جدًا،
فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها للعديد من
قبائل العرب، لكنه لم يعط الأنصار، فغضبوا لذلك.
حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم
قومه.
والأمر خطير، غزوة حنين كانت من الغزوات العنيفة جدًا
في تاريخ المسلمين
ومن المعروف أن المسلمين في بادئ المعركة فروا
وذلك عندما اعتمدوا على أعدادهم وقوتهم، ولم يثبت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أفراد معدودون
هنا صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم:يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ،
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ.
فلبوا جميعًا، ودارت موقعة شرسة للغاية، ثم كتب الله
عز وجل نصره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين،
وحاز المسلمون غنائم لا تحصى من السبي، والإبل،
والأغنام، والذهب، والفضة، والسلاح، وغير ذلك،
وبدأ يوزع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم على
القوم، ماذا فعل صلى الله عليه وسلم في الغنائم؟
لقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعدادًا كبيرة
من زعماء قريش، وأهل مكة قد دخلوا الإسلام إما رهبة
من السيف، وإما رغبة في المال
وهؤلاء من ورائهم أقوام وأقوام، إن لم يعطهم فقد
يرتدوا وينقلبوا على أعقابهم
وليست الخسارة فيهم وحدهم، ولكن فيمن وراءهم من
الناس، وشوكة الإسلام ما زالت ضعيفة، ولم تتمكن في
الجزيرة بعد
فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتألفهم،
ويحتويهم في هذا الدين، فأعطاهم عطاءًا كريمًا سخيًا،
أعطى وأعطى،
ثم بعد ذلك لم يبق شيء في يده للأنصار، والأنصار هم
الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم
الذين قاتلوا ودافعوا، نعم، لم يفعلوا ذلك لأجل
المال، ولا الغنائم
لكن لا بد وأن يتساءل الإنسان، لماذا هذا التباين في
العطاء؟
خاف الأنصار أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
وجد أنه من المناسب الآن أن ينتقل من المدينة إلى
مكة، فأخذ يعطي قومه، حتى يتألفهم، ومن ثَم يترك
المدينة
وإذا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فهذا
أمر شديد، فبالإضافة إلى كون هذا أمرًا يحزنهم لفراقه
صلى الله عليه وسلم، ففيه خطورة شديدة عليهم؛ لأنهم
سيتركون للعرب ينتقمون منهم؛ لنصرتهم لرسول الله
صلى الله عليه وسلم، كما أنهم خشوا أن يكون ذلك
استقلالًا بشأنهم، وتهميشًا لدورهم، ولا يستنكر أيضًا أن
يكون لهم رغبة في المال الحلال الذي حصد أمام أعينهم
وخـاصة أنهم شاركوا في جمعه، والوصول إليه
فاستثناءهم منه أمر قد يوغر الصدر،
هنا تحرك زعيم الأنصار الصحابي الجليل سعد بن عبادة
الخزرجي رضي الله عنه في سرعة
وحكمة ليبث شكوى الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
وذلك ليحتوي الموقف؛ كي لا تتفاقم الأزمة، وحتى لا
تبقى هناك نار تحت الرماد، دخل على رسول الله صلى الله
عليه وسلم
ثم قال:
يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار، قد وجدوا عليك
في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت
في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم
يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء.
صراحة رائعة، ووضوح جميل من سعد بن عبادة رضي الله
عنه، وبذلك يمكن للفتن أن تقتل في مهدها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟
قال في صراحة أكثر:
يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي.
يقصد أنه أيضًا يجد في نفسه،
قال الرسول الحكيم محمد صلى الله عليه وسلم:
فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ.
فخرج سعد، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة
فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا، وجاء
آخرون فردهم.
ويبدو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد للفتنة
أن تنتشر في أقوام آخرين، ولا يريد أن يترك مجال
للقيل
والقال، فأراد أن يحصر الكلام في القوم الذين
يحتاجونه.فلما اجتمع الأنصار جاء له سعد بن عبادة
رضي الله عنه
فقال له: لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.
فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فحمد الله، وأثنى عليه
ثم قال:
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ
وَجَدْتُمُوهَا عَلَيَّ فِي أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمُ
اللَّهُ، وَعَالَةٌ فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ، وَأَعْدَاءٌ فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ.
رد الأنصار في أدب جم:
الله ورسوله أَمَنّ، وأفضل.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهم بماضيهم منذ عشر
سنوات فقط، كيف كانوا في تيه الكفر والضلال،
والفرقة، والفقر؟
ثم كيف آمنوا واهتدوا وتوحدوا، واغتنوا بالإسلام؟
فكما رفعهم الله بالإسلام، ووجدوا حلاوته، فرسول الله
صلى الله عليه وسلم يريد أن يرفع أقوامًا آخرين لحلاوة
الإيمان، ثم قال صلى الله عليه وسلم:
أَلَا تُجِيبُونِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟
قال الأنصار في تواضع عجيب:
بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ورسوله المن والفضل.
لم يذكر الأنصار أفضالهم على الدعوة، لم يذكروا
أنهم، وإن كانوا آمنوا، واهتدوا، واغتنوا؛ فذلك
لأنهم قدموا الكثير والكثير، قدموا أرواحهم وديارهم
وأرضهم، قدموا الرأي والمشورة، وقدموا السمع
والطاعة، وقدموا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
على سائر ما يحبون، أما هؤلاء القريشون الذين امتلأت
جيوبهم الآن، فلم يقدموا إلا كفرًا وجحودًا وحربًا لرسول
الله
صلى الله عليه وسلم
طيلة ثماني سنوات في المدينة، وقبلها في مكة، لم
يذكر الأنصار كل ذلك؛ لأنهم يعلمون أن نعمة الهداية
التي حصلوها بنصرة هذا الدين لا تعدلها دنيا، ولا
غنيمة،
فاكتفوا بالقول الرائع: لله ورسوله المن والفضل.
لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يعلم كيف يزن
الأمور، ويعرف للرجال قدرهم، وفضلهم ويقوّم الأشياء،
فيحسن التقويم صلى الله عليه وسلم، قال:
أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا
مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ،
وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ.
لم يقل الأنصار ذلك مع كونه حقيقة، منعهم أدبهم،
وفضلهم، وإيثارهم، وتقديرهم لرسول الله صلى الله عليه
وسلم.
ثم بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب قلوب الأنصار
في مقالة رقيقة حانية، قال:
أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ
الدُّنْيَا
(لعاعة نبات صغير رقيق أي أن كل ما أعطيه لهم لا
يساوي شيئًا)
تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ؟
أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ،
وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَى رِحَالِكُمْ؟
فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ
الْأَنْصَارِ،وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا
لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ،
اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ
الْأَنْصَارِ.
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم،
وقالوا:
رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسمًا وحظًا.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا.
بهذه الكلمات القليلات، وبهذه المخاطبة لقلوب الأنصار
النقية، انتهت الفتنة في دقائق معدودة، ها هم
الأنصار ينصرفون باكين، بهذه الكلمات نفوسهم راضية،
وأفئدتهم مطمئنة
وفي لحظات وجدوا أن مائة بعير، أو مائتين من البعير
أو ثلاثمائة من البعير في يد رجل من رجال قريش
أمر لا يساوي شيئًا
هكذا في منتهى البساطة تركوا دنيا واسعة عريضة؛
استجابة لكلمات معدودات طاهرات من فم رسول الله
صلى الله عليه وسلم،
أين حظ نفوسهم؟
أين الدنيا في قلوبهم؟
أين الأثرة أو حب الذات؟
لا شيء
[وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ]
{الحشر:9}.
. محاضرة
الدكتور / راغب السرجاني
أعجبتنى كثيرا فأحببت أن أنقلها لكم
أتمنى أن تنال أعجابكم
أخيكم فى الله
أحمد حرزالله
صعايدة الخطارة
أنصارى........... وافتخر