تنبيه أولى البصائر على ما في المقال من مخاطر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:ـ
إطلعت على المشاركة التي بعنوان ( مشهد عظيم ينتهي إلى الجنة أو النار ) فوجدتها تحتوى على بعض المحاذير الشرعية .
وأنتم أيها القراء الكرام تدركون أن دين الإسلام واضح المعالم وقد بين للإنسان الطريقة قال الله تعالى : (وهديناه النجدين) . سورة البلد 10 طريقي الخير والشر .
فمن حين الولادة والإحكام الشرعية تتدرج معه حتى الوفاة .
وجعل الإسلام أمام المسلم خطوط حمراء لا ينبغي للمسلم أن يتجاوزها بل يتوقف عندها . ويرجع إلى ربة ويستغفره ويتوب إلية ،
ومن هذه الخطوط علم الغيب ، فالأمور الغيبية من خصائص الله سبحانه وتعالى ، وليس للإنسان أن يبحث فيها لأن العقل البشري يقصر دونها .
وجاءت الفتاوى عن أهل العلم بعدم جواز الخوض في أمور الغيب ومن تلك الفتاوى ، فتوى هيئة كبار العلماء رقم 189 وجاء فيها ما نصه (الأصل في الأمور الغيبية اختصاص الله بعلمها قال الله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين.........) إلى آخر الفتاوى (168) من المجلد الثاني . فالخوض في الأمور الغيبية لا يجوز .
وهذا المقال قد تداولته المنتديات من عام 1422 هـ .وقد رد عليه جمع من العلماء وعلى رأسهم سماحه الشيخ العلامة / محمد بن صالح بن عثيمين في كتابه الباب المفتوح صفحة 220الجزء 21. وكذلك الشيخ / عبد الرحمن البراك في موقع الإسلام سؤال وجواب . والشيخ / عبد الرحمن السحيم عضومركز الدعوة بالمدينة في موقعه . والشيخ / محمد بن صالح المنجد في موقع الإسلام سؤال وجواب . وغيرهم كثير .
وسأذكر للقارئ الكريم بعض المحاذير الشرعية على وجه الاختصار .
فأولا ً : قوله ( إقراء وتخيل ) هذا من أعمال الصوفية . أما أهل السنة والجماعة فهم يقرؤن ويتدبرون ولا يتخيلون لأن الله أمر بالتدبر ولم يأمر بالتخيل . قال الله تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) .
ثانياً : قوله ( ليس هناك سوى موتى وقبور ) هذا فيه نفي لوجود الملائكة الكرام لأنه لم يرد دليل على موت الملائكة إلا بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار .
ثالثاً : قوله ( انتهى الزمان وفات الآوان ) هذا لا يجوز لان نهاية الزمان من علم الغيب والغيب لا يعلمه إلا الله ، قال الله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) وقال تعالى : (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا) .
رابعاً : قوله ( يدوي صوتها توقظ الموتى تبعثر القبور ) هذا فيه شرك أكبر لان الذي يبعث من في القبور هو الله وحده وليس الصوت . قال الله تعالى : (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور) .
خامساً : قوله ( فاليوم يوم القيامة لا كلام ) بل يتكلم الناس في يوم القيامة ويقول كل واحد منهم نفسي نفسي . قال الله تعالى (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون).
سادساً : قوله ( تتعلق العيون بالسماء ) هذا لا دليل علية ، وكيف تتعلق العيون بالسماء والله وصف أن السماء تمور موراً .
سابعاً : قوله ( ينزل من السماء ملائكة أشكالهم رهيبة ) أوصاف الملائكة من علم الغيب لا يعلمها إلا الله . والواجب على المسلم التصديق بوجود الملائكة ولا يصفهم إلا ما علم منهم بالدليل كجبريل علية السلام .
ثامناً : قوله ( يفزع الناس يسألونهم ) الضمير يعود على الملائكة ولم يرد نص على أن الناس يسألون الملائكة فإذا هذا باطل ، لا دليل عليه .
تاسعاً : قوله ( في هذا اليوم حرها مضاعف ) لا دليل عليه بل ورد الدليل أن الشمس تدنوعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم قال ( أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك ؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ...) رواه البخاري ومسلم .
عاشراً : قوله ( أنا وأنت معهم نبكي ) هذا من الخطأ لان الإنسان لا يعلم مصيره فربما تكون مع السعداء ، نسأل الله من فضله ، أو مع الأشقياء نسأل الله السلامة فهو من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله .
عن ابن شهاب قال أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: أن أم العلاء امرأة من الأنصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنه أقسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك يا أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( وما يدريك أن الله أكرمه ) . فقلت بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله ؟ فقال ( أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ) رواة البخاري
الحادي عشر : قوله ( خمسون ألف سنة ) النص ورد بأن اليوم الواحد كخمسين ألف سنة . قال الله تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) .
الثاني عشر : قوله ( ولا شربة ماء تلتهب الأفواه والأمعاء ) ، هذا خاص بأهل النار نسأل الله السلامة .
الثالث عشر : قوله ( هل من ملجأ يومئذ من كل هذا ؟؟ نعم فهناك أصحاب الامتيازات الخاصة ) هذه دعوة للشرك الأكبر فإنه لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه فكيف يدعوا الناس إلى أصحاب الامتيازات كما سماهم .
الرابع عشر : قوله ( واعمل عملاً يدخلك الجنة ) وهذا خطأ العمل لا يدخل الجنة ، للأحاديث الواردة في ذلك فمنها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن ينجي أحدا منكم عمله ) . قالوا ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ( ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشئ من الدلجة والقصد القصد تبلغوا) رواه البخاري ولمسلم عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أحد يدخله عمله الجنة فقيل ولا أنت ؟ يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني ربي برحمة )
هذه بعض المحاذير وأعرضت عن بعضها خشية الإطالة .
وأسأل الله أن يرزقني وإياكم العلم النافع و العمل الصالح .وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه الفقير إلى عفو ربه
غازي بن محمد السليمي