هو الجيلُ يا حمحماتِ الردى
هو الجيلُ في فجرهِ قدْ عدا
هو الجيل أرغى بطوفانه
وبالغضبةِ الحقِّ قدْ أزبدا
هو الجيلُ ذروةُ تاريخه
كرامته تستحقُ الفِدا
يثور يثور ولا ينحني
ويهتفُ بالنصر أنْ يخلدا
يغنّي على وقعِ إقدامهِ
فتبكي السما فرحةً والصدى:
إذا الشعبُ يومًا أرادَ السنا
فلا بدَّ للموتِ أنْ يُرتدى
ولا بدَّ للَّيلِ أنْ ينزوي
ولا بدَّ للشمسِ أن تصمدا
ولا بدَّ للروحِ أنْ تمتطي
صواهلها في دروبِ الهدى
”فإمّا حياةٌ تسرُّ الأُباةَ
وإمّا مماتٌ يغيظُ العِدا“
هو الجيلُ حتّى وإنْ كُمِّمَتْ
حقيقتهُ واستُبِيحَ الندى
هو الجيلُ حتّى وإنْ غَيَّروا
معالمهُ مولدًا مولدا
هو الجيلُ حتّى وإنْ لم ينلْ
فِطامًا سوى الجرحِ ما أُمهِدا
هو الجيلُ حتّى وإنْ ذوّبوا
ملامحهُ في الدُّجى سُهَّدا
هو الجيلُ حتّى وإنْ لم يَثِبْ
ولكنّه ملَّ فاستأسدا
يمورُ يمورُ ولا ينطفي
وما كانَ للشعبِ أن يبردا
وما كانَ للشَّعبِ شِعْبٌ سوى
حياضِ التفاني وهامِ المدى
هو الجيلُ يا موكبًا مِنْ رضا
يمرُّ على نصرهِ أغيدا
لكَ الله يا جيلَ أحلامهِ
فكمْ ظَلْتَ تستوطنُ المَشْهَدا
وتأنفُ جيفةَ أوهامهمْ
وتأبى الضياغمُ تُستعبدا
نداؤكَ يا جيلُ قدْ أُشرِعَتْ
مراكبُ أبطالهِ حُرَّدا
غِضابًا منْ النورِ قد أبحروا
إلى قبلةِ النصرِ كي تُفتدى
وجاءتْ على العزمِ راياتُه
مخضّبةً بالمنى عسجدا
تَحِيكُ منَ الحُلمِ ثوبَ الدُّنا
تزفُّ عروستها الأسعدا
وتحملُ في كفِّها نضحةً
من الصبرِ سُلَّتْ ولنْ تُغمدا
هو الجيلُ يزأرُ في حقِّهِ
وإنْ هبَّ يومًا فقدْ سُوِّدا
فيا عينَ أيوبَ لا تنضبي
ويا بئرَ يوسفَ لنْ تَجْمُدا
ويا نارَ موسى ألا فاكبري
فجحفلُنا في الليالي سُدى
ويا حوتَ ذي النونِ طوِّفْ بنا
ويا ذا القفارِ استدمْ مُرشِدا