محمد جلال مدير
العمر : 48 عدد الرسائل : 3199 تاريخ التسجيل : 20/08/2008
| موضوع: الإمام الأكبر لــ الأهرام: الأزهر فوق الأنظمة والحكام ..والقوات المسلحة هي الدرع الحامية للوطن 16/4/2011, 4:53 pm | |
| الإمام الأكبر لــ الأهرام: الأزهر فوق الأنظمة والحكام ..والقوات المسلحة هي الدرع الحامية للوطن اجري الحوار محمد عبد الخالق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] *************
أتم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, عامه الأول, شيخا للأزهرالشريف, أحداث كثيرة شهدها,ومياه مرت من تحت الجسور, كان أبرزها نجاح ثورة يناير, وما تبعها من بروز لدور الحركات الإسلامية علي المشهد السياسي,فيما يمكن تسميته بمرحلة التأسيس الثاني للتيارات والحركات الإسلامية!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
اعتداءات متكررة علي بعض المواطنين والأضرحة ومقامات الأولياء تحت دعوي إنفاذ حكم الله وتغيير المنكرات وتحطيم الأوثان ومواجهة الشرك والخرافات!! سجال لا ينقطع حول المادة الثانية من الدستور والدولة المدنية, وضوابط مرجعيتها الإسلامية, في ظل مخاوف دعاة الدولة المدنية- التي لها ما يبررها- من عودة مفاهيمالحاكمية أوسيادة مبدأ ولاية الفقيه أو تكرار الوقائع وحوادث الدولة الدينية التي عرفتها الحضارة الأوروبية في القرون الوسطي!! بعد عام من تربعه علي مقعد المرجعية الأولي للمسلمين بدا فضيلة الإمام الأكبر, واثقا غير منزعج من بروز الجماعات الإسلامية التي يري أنها لا تختصم من رصيد الأزهر, ولكنه يحذر من سطوة تلك الاجتهادات المتشددة وغلبة مفاهيم النقل علي إعمال العقل وإعاقة النهضة والتقدم الحضاري للأمة الإسلامية!! يؤكد أن الأزهر سيبقي مرجعية المسلمين, ولكنه لا ينكر تراجع دوره علي المستوي العالمي!! يعلن براءة الأزهر الشريف من العداء للثورة, ويتهم أعداء الأزهر بالقفز علي المطالب المشروعة التي نادي بها الشهداء وشباب ميدان التحرير. يقر بأن رياح الثورة امتدت إلي أزهرنا الشريف, وان التغييرات في مصر والعالم الإسلامي آتية لا ريب فيها, ولكنه في كل الأحوال يبدو متماسكا, واثقا, مشفقا علي رجال قواتنا المسلحة التي يراها طوق النجاة لأبناء الوطن وبوابة العبور الآمن لتلك المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد. بعد مرور عام علي توليه مشيخة الأزهر, خص فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر الأهرام بهذا الحوار: تمر مصر بالعديد من المتغيرات علي الصعيدين السياسي والديني علي وجه الخصوص, وأفرزت ثورة يناير العديد من التيارات الإسلامية علي ساحة الدعوة والعمل العام, هل يري الإمام الأكبر شيخ الأزهر في بروز هذا الدور, إضافة للإسلام والدعوة الإسلامية ؟ وهل تصلح اجتهادات وأدبيات الحركات الإسلامية لقيادة الأمة وصياغة مستقبلها ؟ وما هو موقف الأزهر الشريف منها ؟ ما يحدث شيء طبيعي, فالثورات تظهر التيارات والفلسفات والأفكار بغض النظر عن الموطن الذي تكون فيه هذه الثورات سواء كانت في بلاد إسلامية أو غربية, والمنطق الطبيعي للثورات هو الانقضاض علي الواقع الرتيب ومحاولة التغيير التي تستقطب بالضرورة العناصر التي تغير, وكل عنصر في عصر الثورة يشعر أن من حقه أن يغير, ويجب ألا نقلق إذا صاحب ذلك ظهور تيارات إسلامية أو سياسية أو شبابية أو اجتماعية أومذاهب اقتصادية, كل هذا يحدث بشكل طبيعي جدا. وهذه التيارات الإسلامية لم تكن جديدة علي الساحة بعد الثورة, هي موجودة ما قبل الثورة ولها نداءات وظهورات مكثفة ونحن سواء في الأزهر أو مصر أو غيرها من الدول الإسلامية عانينا وشكونا طويلا حتي قبل الثورة,من البلبلة التي أثارتها تلك التيارات في الخطاب الديني عبر الفضائيات, ومن التناقضات التي خلقتها مثل هذه التيارات المتضاربة والمتناقضة في أساسها, إذن موقف الأزهر ثابت, والذي كان قبل الثورة هو الذي يستمر فيه الآن, ويري انه خط الأزهر الذي لا رجعة عنه, وهو الخط الوسطي المعتدل, وبالتالي لا يستطيع الأزهر أن يعبر عن هذه التيارات المنحرفة يمينا أو يسارا. والتيارات المتشددة جدا التي تتحدث باسم الإسلام لا يمكن أن يلتقي معها الأزهر من قريب أو بعيد, الأزهر قد يلتقي معها في مجال النصيحة وان يكون الخطاب الديني خطابا وسطيا حتي لا تحدث الفرقة والتشرذم بين أبناء الأمة في عصر نحن جميعا الأحوج فيه إلي أن يتوجه الشباب بكل طاقاته إلي البناء والي الدفع بالأمة الإسلامية إلي أن تكون أمة قوية. وأنا أري أنه من النتائج السلبية التي تعانيها الأمة من الخطابات المتشددة أنك لا تجد معظم الشباب يهتمون بالقضايا الإسلامية الكبري والأكثر أهمية مثل قضية فلسطين والاعتداء الصهيوني علي بيت المقدس, وقضية التخلف الاقتصادي والحضاري الإسلامي, وضعف الأمة الإسلامية في مجال القوة العلمية والعسكرية, كل هذه الأمور مطلوبة لكي تقف الأمة الإسلامية علي قدميها ولكي تحترمها الدول الأخري, التي تستغل ضعف الأمة العربية والإسلامية وتكاد وأنا مطمئن لما أقول تملي عليها سياساتها العالمية وتوجهاتها وأين تقف وأين تتحرك وترسم لها سقف القوة وسقف النهضة, والأمة والإسلامية ليست امة بسيطة ولا العالم العربي ليس بسيطا, العالم العربي فيه شباب يستطيع أن يغير وفيه شباب يستطيع أن يقفز بهذه الأمة إلي الأمام, لكن للأسف الشديد تجد كل معارك شبابنا ومعارك بيوتنا علي امتداد الدول العربية هي معارك مضحكة. مثل ماذا ؟ مثل المعارك الفقهية حول شكليات لا تنفع ولا تضر الأمة الإسلامية, وأنا أتحدث هنا بشكل عام حتي مرحلة ما قبل الثورة, حيث كانت معركة النقاب, ومعركة قبلها كبيرة جدا حول الجلباب واللحي, ثم معارك في العقيقة والنقاب وينشغل بها الطلاب والطالبات ويتركون وقت المذاكرة ولا يجدون بأسا ولا إثما ولا حرجا دينيا في ضميرهم من أنهم لم يؤدوا واجباتهم, هذا خلل في التفكير وفي السلوك أيضا. وبعد الثورة انظر إلي معاركنا حول الأضرحة, ما للثورة ونهضة مصر بالأضرحة. هل المشكلة عندنا هي وجود أضرحة وقبور بها تابوت خشبي, هم أشاعوا بتلك التصرفات الخوف بين الناس, وتعاملوا بأولويات عجيبة جدا, هذا هو الذي ننكره ليس فقط الآن, بل انني ازعم أنني قبل مجيئي إلي المشيخة بعامين علي الأقل وأنا أعاني من تلك الفتاوي وسبق أن تعرضت لها من خلال برنامجي الذي كنت أقدمه بالتليفزيون تحت عنوان فقه الحياة وخصصت جزءا كبيرا لهذا الخطاب المنحرف والذي تلقاه الناس بالقبول وغيب الناس عن واقعهم وعن قضاياهم الحقيقية. هذا الخطاب الديني الذي ترونه منحرفا عن الوسطية, يري في الممارسات الصوفية والصلاة بالأضرحة ومقامات الأولياء والصلاة فيها عبادة للقبور, وشركا من دون الله, ومنكرا يجب إزالته ويثاب فاعله؟ الدعوات التي صدرت من البعض بهدم الأضرحة, إنما صدرت من أصحاب مذاهب وأفكار بعيدة عن منهج الإسلام الوسطي المعتدل, ومن يحرمون الصلاة في المساجد التي توجد بها أضرحة, أصحاب فكر فاسد ولا يقاوم إلا بالفكر, فقد اجمع علماء الأمة علي أن الصلاة في مساجد أولياء الله الصالحين والتي يوجد بها أضرحة ليست باطلة وإلا كانت الصلاة في المسجد النبوي الذي يشتمل علي قبر النبي صلي الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر بن الخطاب باطلة, ولأبطلت صلوات المسلمين منذ أربعة عشر قرنا من الزمان, وهؤلاء خارجون عن إجماع المسلمين والعقل والإنسانية, وسنحرص علي مواجهة هذا الفكر المتشدد الذي يخالف منهج الإسلام,ولا يحق لأي منهم ممارسة هذه الأفعال التي تخالف صحيح الإسلام. حالة الخوف التي انتابت الناس بعد وقائع الاعتداء علي عدد من الأضرحة والمواطنين في مختلف المحافظات تحت دعوي تغيير المنكر باليد والتصريحات التي صدرت عن بعض المنتسبين إلي التيارات الدينية التي أسست لنفسها حديثا علي ساحة العمل السياسي كيف تنظرون إلي منهجهم, وهل يجوز لأي منهم ممارسة مثل هذه الأفعال تحت دعوي إزالة المنكرات بالقوة بعيدا عن القانون ؟ لا تستطيع أن تتحدث عن قائد واحد في هذا الميدان أو مرجعية واحدة, هناك مرجعيات عديدة وسلفيات متعددة ومن الصعب أن تجيب إجابة واحدة تكون علمية أو منطقية تتناول هذه القضايا أو تقنع القارئ بأن هذا الكلام ينطبق علي فلان أو علان, أنت الآن تتحدث مع شيخ الأزهر, والمفروض أن يكون كلامه كلاما مبنيا علي حقائق, لا تستطيع أن تتحدث حديثا واحدا بشكل عام إذا ما وضعته أمام فرد أو أمام تيار معين نحن نتحدث عن توجه عام لدي تلك التيارات الموجودة علي الساحة. وأعجبني كلمة القضاء المصري الشامخ وقرار النيابة العامة, حين قالت أن مسألة الأضرحة لا دخل لنا بالناحية الدينية فيها, وإنما هي اعتداء يشكل جريمة في حق المجتمع, هذه المسألة يجب أن يتولاها القضاء بحسم وحزم بالغ, ومسألة الحدود, إعلم- كما يقول علماؤنا القدامي اعلم أن الحدود موكولة إلي ولي الأمر أو من ينيبه فقط, وأن أي شخص مهما كان لا يحق له أن يقيم حدا, وإذا أقام حدا يجب القصاص منه. لماذا لايبادر الأزهر الشريف بفتح حوار مع التيارات الاسلامية التي ظهرت علي الساحة ؟ هذا من ضمن ما نفكر فيه, وإن شاء الله سوف نتخذ فيه خطوات فعلية أن نجتمع بهؤلاء جميعا ليستفيدوا من الأزهر في التعبير عن الإسلام الوسطي, ومنهج الإسلام كما يراه الأزهر وليس كما تراه جماعة معينة وفقا لفهم رؤية الأزهر, ونحن نرفض تماما أن يستفاد من الأزهر كغطاء شرعي لخطاب لا يرضي عنه الأزهر, هذا لا يمكن أن يحدث أبدا ولن نسمح به, ولكن يمكن أن نرحب تماما بالذي يقتنع بمرجعية الأزهر ويتخذها مرجعية له نحن نرحب به كداعية وكخطاب أزهري وربما هذا النوع من الخطابات يدعم الخطاب الأزهري إذا توجه في هذا الاتجاه الذي وضحناه الآن. شيوع حالة التدين المظهري ورواج هذا الفكر, هل يختصم من رصيد الأزهر علي الساحة السياسة والدعوية ؟ هو لا يؤثر علي الأزهر من ناحية الخصم من رصيده, ولكنه يؤدي إلي تغييب صوت الأزهر فترة ما, ونحن تعرضنا لهذا كثيرا قبل ذلك وتخطته الأمة بوعي الأزهر ووعي العلماء النابهين المخلصين الذين يعملون من أجل هذه الأمة ومن أجل قضاياها المصيرية, وهذا ما نكرس له الوقت والجهد الآن برغم أننا مشغولون بأمور كثيرة داخلية وخارجية, لكن الحمد لله بدأنا في خطة عمل أن يصل صوت الأزهر إلي الجماهير ليبلغ الرسالة الحقيقية وليصحح الخطابات التي انحرف بها السبيل, ولا ننكر أن سبب صعود التيارات الدينية المتشددة, جاء نتيجة لتلاشي الفكر الوسطي للأزهر بين الجماهير. هل هناك ملامح محددة لخطة الأزهر لمواجهة تلك الأفكار ؟ لا أريد أن أفصح عنها كثيرا ولكن قريبا ستجد صوت الأزهر في التجمعات سواء كانت دينية أو اجتماعية ونأمل إن شاء الله في أن يصل صوت الأزهر للجميع في المدن الكبري أولا ثم في الريف والقري في مرحلة لاحقة, وسيتم ذلك بالتعاون مع وزارة الأوقاف والجامعات وقصور الثقافة والمراكز الشبابية والتجمعات الشبابية في المدن والقري, وأطالب كل أزهري بأن يقوم بما عليه لمواجهة تلك الأفكار المتشددة, والنزول إلي الجوامع بل والمقاهي ليعرفوا الناس بسماحة ووسطية الإسلام. شهدت الأسابيع الماضية انتقادات من قبل البعض لدور الأزهر خلال أحداث ثورة يناير, كما شهدت مشيخة الأزهر احتجاجات ومطالب فئوية مماثلة لما يجري في العديد من قطاعات الدولة, هل تري أن تلك الاحتجاجات التي تبعت نجاح الثورة ظاهرة ايجابية ؟ هناك بعض الذين يبطنون بغضا للأزهر ويريدون أن يقفزوا إلي المرحلة الجديدة واتخذوا الأزهر مطية ووسيلة لهذا, حتي إنهم أشاعوا أن الأزهر ثورة مضادة, هم باختصار شديد يتملقون النظام الجديد علي حساب الأزهر, لكن نحن تحدثنا وكتبنا وبينا وأثبتنا أن الأزهر كان مع المطالب المشروعة للثورة والتي لا يستطيع احد أن يماري فيها, من يماري في أن تسود العدالة ويتوقف الاستبداد والخوف والجبن, وان تأتي البرلمانات علي طريق الاقتراع النظيف في الانتخابات؟ لا يستطيع احد أن ينكر ذلك, وقلنا أيضا إن الذين سقطوا في ميدان التحرير أول من قال إنهم شهداء هو الازهر, كل الدوائر الدينية والسياسية حتي بعض من كانوا في ميدان التحرير لم يجرءوا علي أن يصفوهم بهذا الوصف, ونحن انطلاقا من علمنا الأزهري واستنادا إلي الحديث الشريف: من قتل دون حقه فهو شهيد وصفناهم بالشهداء, ومن حق هؤلاء الشباب ومعهم الشعب أن يطالبوا بهذه الحقوق التي حرمنا منها, لكن هذا لا يعني أن ينزل الأزهر بشيخه ويهتف في ميدان التحرير ويزاحم, ويزاحمونه, وإلا وجب أن نطلب من القضاء أيضا أن ينزل إلي ساحة الميدان, ونطلب من القوات المسلحة أن تنزل إلي الميدان للتظاهر, أو من الشخصيات التي تمثل هذه المؤسسات, وإلا نتهمها بأنها ثورة مضادة, فلماذا يتهم الأزهر بذلك, الأزهر شارك, وكان لنا المتحدث الرسمي الذي هو عضو مقاتل ومكافح في ميدان التحرير وضرب ابنه وشجت رأسه, وهو في نفس الوقت متحدث رسمي باسم الأزهر, ولم يتخلص منه الأزهر ولم يرفضه وظل متحدثا باسم الأزهر وهو في قلب الممثلين للثورة, لم لا يلتفت احد لهذا الكلام, نحن اعتدنا الهجوم علي الأزهر وسيظل هذا الهجوم, وعزاؤنا انه يضع البصمة علي هؤلاء بأنهم أعداء للأزهر متملقون للآخرين, وما حييت سأقول إن الأزهر لا يتملق أحدا, وان الأزهر فوق الثورات وفوق الأنظمة الحاكمة أيا كانت, لأن الأزهر لا يمثل مصر, بل يمثل كل العالم الإسلامي, وليس مرجعية للمسلمين في مصر حتي يخضع لبعض التصورات الصحفية في مصر, وإنما مرجعية للعالم الإسلامي, فالأزهر أكبر من هذا الكلام واكبر من هذا النقد. وكيف تري دور المجلس الأعلي للقوات المسلحة في إدارة أمور البلاد في هذه المرحلة بالغة الخطورة ؟ أنا أراه دورا بالغ الأهمية ولاشك انه الجهة التي تحافظ علي الدولة المصرية كدولة, بعد تنحي الرئيس مبارك من يستطيع ان يدير البلاد في هذه المرحلة الحرجة ؟ القوات المسلحة ضرورة من الضرورات, واعتقد ان دورها دور مشرف جدا لأنها أعلنت والتزمت بأنها قوات الشعب حتي في اشد الاعتصامات والإضرابات استفزازا للقوات المسلحة نفسها أيضا, التزمت بوعدها ووفت بما قالت, كل ما اطلبه من الجميع ان تتركوا الفرصة كاملة للقوات المسلحة حتي تستطيع ان تقوم بواجبها نحو إنهاء هذه المرحلة وبداية المرحلة المدنية الجديدة. والحقيقة انا أري أن القوات المسلحة صمدت كثيرا, بل إن هذه الاعتصامات اللامسئولة- ومنها ما شهده الأزهر وكانت تعبر عن مصالح ضيقة جدا جدا- هذه الاعتصامات كانت عبئا كبيرا علي القوات المسلحة وعلي عملها, والقوات المسلحة كانت ملتزمة بوعدها ونرجو ان شاء الله ان تتمكن قريبا من ان تعبر بمصر الي المرحلة القادمة ورجال القوات المسلحة في شوق شديد أن يعودوا الي اماكنهم لحماية حدود الوطن عين علي الحدود وعين في الداخل, والواجب الشرعي والحضاري علي الطلاب والجماهير والموظفين ان يساعدوا هؤلاء الناس والا يحولوا الثورة الي فرصة للانتهازية ونحن للاسف الشديد وجدنا علامات كثيرة تدل علي ان كثيرين حولوا الثورة للانتهاز والقفز والكسب غير المشروع. كثر الحديث وأثير اللغط والجدل السياسي والفقهي حول مرجعية الدولة, وهل هي مدنية لا مكان فيها للأديان ؟ او مدنية ذات مرجعية إسلامية رغم ما قد يثيره هذا المفهوم الأخير لدي دعاة المدنية من تكريس للدولة الدينية التي عرفتها أوروبا في القرون الوسطي ؟ فما رأي فضيلتكم في هذا الاشتباك الفكري والفقهي حول هوية الدولة ؟ لا ينبغي أن يكون هناك لبس, لولا بعض المزاعم والتشويهات المقصودة, الإسلام لا يعرف الدولة الدينية بالمعني الغربي علي الإطلاق, المعني الغربي باختصار شديد هو أن الملك يقول أنا احكم باسم الله ولا اعتراض عليه لأنه ناطق باسم الذات الإلهية, الإسلام لم يعرف عبر تاريخه مثل هذا الأمر, وأول حاكم في الإسلام جاء عن طريق الاختيار, سيدنا عمر بن الخطاب حسمت المسألة في خلافته بالشوري سيدنا أبو بكر وسيدنا عثمان كلهم كان أمرهم شوري وعن طريق مجلس شوري وجميعهم تولوا الخلافة بالاختيار, ثم أين الدولة الدينية التي ظهرت في تاريخ الإسلام ؟ المناداة بدولة مدنية يستوجب علينا أن نتحفظ, نحن نستخدم مصطلحات غربية للأسف الشديد, لأن الدولة المدنية في الغرب هي المقابلة للدولة الدينية التي شهدتها أوروبا في العصور الوسطي ومعني ذلك أن الدولة المدنية لا تحفل بالدين لا من قريب ولا من بعيد, وفي ظلالها نشأت العلمانية أو أنشأتها العلمانية من الممكن أن نقول هذا- والعلمانية باختصار هي إقصاء الدين أو استبعاده أو فصله عن أي تأثير في المجتمع من الناحية القانونية والدينية, والاقتصادية والاجتماعية والأسرية والفنية, وهم حين فعلوا ذلك كانت لهم فلسفتهم ولهم ظروفهم الخاصة التي نعذرهم فيها, الممثلون للدين في ذلك الوقت لم يكونوا ممثلين للمسيحية الحقيقية فأدخلوا المسيحية مع الإقطاع مع الدولة الدينية, فكانت الكنيسة أمامهم من المؤسسات التي يجب أن تتحمل نصيبا من الوزر الذي حاق بالفقراء والشعوب وتسيد الظلم إلي آخره, أيضا كانوا يبررون ضرورة العلمانية لأنه كان عندهم طوائف دينية شكلت حدود فاصلة فيما بينها وحدث الاقتتال عندهم بين الكاثوليك والبروتستانت وحرب دامية وشديدة فزعوا منها كثيرا,إذن أي دين سيسود وكل طائفة لها أتباع من الأديان والممثلين, وقالوا إن الحل الوحيد للهروب من صراع الأديان في إقامة ونهضة الدول هو إقصاء كل الأديان من المشهد السياسي, هذه الظروف نحن كدول إسلامية ليست موجودة عندنا ولم نقتتل كمسلمين فيما بيننا علي دين,اقتتلنا علي كراسي, الدولة في الإسلام ليست دولة دينية ولكنها دولة ذات مرجعية دينية تنضبط فيها الأخلاق بالإسلام, لان كثيرا من المفاهيم الأخلاقية تختلف فيها النظرة الإسلامية عن الأخلاق الغربية الآن, انظر مثلا إلي موضوع الزنا تجده مبررا خلقيا واجتماعيا وقانونيا في الغرب, ولكن الإسلام لا يمكن ـ حتي بعد مليون سنة قادمة ـ أن يبرر ذلك وهذا اثر من آثار الدين في الدولة, ونفس الشيء مع قوانين الأسرة في المجتمع الإسلامي مصاغة بأسس دينية, بينما الأسرة في الغرب ليست لها أي أسس دينية. وهذا فارق بين الدولة المدنية في الغرب وبين الدولة المدنية في الإسلام. لا تعارض إذن بين الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية في مصر ونص المادة الثانية من الدستور ؟ إطلاقا, ويجب أن تبقي هذه المادة لأن غيابها لن يحدث فراغا في المجتمع فقط, ولكن سيحدث أيضا بلبلة وفتنة واضطرابا, وبعض الناس يتصور أنه لو أزلنا هذه المادة من الدستور سوف ننقلب بعد سنوات إلي مجتمع غربي تذوب فيه الأسرة والعلاقات الأخلاقية والقوانين الإسلامية هذا لن يحدث علي الإطلاق, ولن يكون, هذا ليس كلامي فقط, ولكنه أيضا كلام منظري الحضارة الغربية أنفسهم, الذين قالوا إن موقع الدين في الحضارة الشرقية مختلف تماما عن الحضارة الغربية, وقالوا أيضا إن الحضارة الشرقية قائمة علي الدين, إذا انهار الدين تنهار الحضارة كلها ولن تكون شرقية ولن تكون غربية.
| |
|