يقول تعالى:
(( ألا إن أولياء الله لا خوف
عليهم ولا هم يحزنون*الذين آمنوا وكانوا يتقون*لهم البشرى في الحياة الدنيا
وفي الآخرة ...)) سورة يونس 62-64
من تفسير ابن كثير
يخبر تعالى
أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم ربهم فكل من كان تقيا
كان لله وليا فـ " لا خوف عليهم " أي فيما يستقبلونه من أهوال الآخرة " ولا
هم يحزنون " على ما وراءهم في الدنيا
وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس وغير واحد من السلف أولياء الله الذين إذا رءوا ذُكِرَ الله
وفي قوله " لهم البشرى في الحياة الدنيا و ـ 64] {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ
لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا
وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي
الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ}
يخبر تعالى عن أوليائه وأحبائه، ويذكر أعمالهم
وأوصافهم، وثوابهم فقال: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ} فيما يستقبلونه مما أمامهم من المخاوف والأهوال.
{وَلَا
هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما أسلفوا، لأنهم لم يسلفوا إلا صالح الأعمال،
وإذا كانوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثبت لهم الأمن والسعادة، والخير
الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى.
ثم ذكر وصفهم فقال:
{الَّذِينَ آمَنُوا} بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر
خيره وشره، وصدقوا إيمانهم، باستعمال التقوى، بامتثال الأوامر، واجتناب
النواهي.
فكل من كان مؤمنًا تقيًا كان لله [تعالى] وليًا، و {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}
أما
البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين،
والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال
والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق.
وأما في الآخرة، فأولها
البشارة عند قبض أرواحهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}
وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم.
وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم.
_____________________________________________
قوله
تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) واختلفوا
فيمن يستحق هذا الاسم . قال بعضهم : هم الذين ذكرهم الله تعالى فقال :
( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) وقال قوم : هم المتحابون في الله عز وجل .
أخبرنا
أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن بشران ،
أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا معمر عن ابن أبي حسين [ ص: 140 ] عن شهر بن حوشب ، عن أبي
مالك الأشعري رضي الله عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "
إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء لقربهم
ومقعدهم من الله يوم القيامة " ، قال : وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على
ركبتيه ورمى بيديه ثم قال : حدثنا يا رسول الله عنهم من هم؟ قال : فرأيت في
وجه النبي صلى الله عليه وسلم البشر ، فقال : " هم عباد من عباد الله من
بلدان شتى وقبائل لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها ، ولا دنيا يتباذلون بها
، يتحابون بروح الله ، يجعل الله وجوههم نورا ، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ
قدام الرحمن ، يفزع الناس ولا يفزعون ، ويخاف الناس ولا يخافون " .
ورواه
عبد الله بن المبارك عن عبد الحميد بن بهرام قال : حدثنا شهر بن حوشب ،
حدثني عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم سئل : من أولياء الله؟ فقال : الذين إذا رءوا ذكر الله " .
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : " إن أوليائي من عبادي الذين يذكرون بذكري وأذكر في الآخرة " قال " الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " نسالكم الدعاء والفاتحة للامواتنا واموات المسلميناجمعين