كثيرا ما نرى هذه الكلمة أو الجملة تتردد على ألسنة البشر … هذه المعلمة ما شاء الله { شخصيتها قوية } ؟!
هذه الموظفة فلانة ما شاء الله { شخصيتها قوية }
أخي ما شاء الله شخصيته في المنزل قوية ؟!! وغيره وغيره الكثير
وإذا اقتربت من هؤلاء وعرفتهم من قرب والله تجدهم قساة متسلطين
غاليتي ماهو مفهوم قوة الشخصية عندنا ؟
للأسف أن جملة من المفاهيم الجميلة قد شوهت وعبث بها ومنها { قوة الشخصية } فرغناها من معانيها الجميلة الحقيقية فإذا وصف ما أحدهم حاليا بأنه قوي سواء رجل أو امرأة بهذا الوصف فلا ريب فأنه يمدح !
وإذا أبحرنا على شواطئ قوي الشخصية هذا وسبرنا غور صفاته !
فعلى ماذا ستقع عليه أبصارنا ؟طوري ذاتك لتكون شخصيتك قوية
طويل اللسان , شرس الأخلاق , سالب للحقوق , يهابه الكبير قبل الصغير , الكلمة الأولى والأخيرة له , يأخذ حقه كاملا غير منقوص
بأس وسيلة كانت !! الكلمة يردها بعشر عجاف ملتهبات تحرق ما أمامها !
إذا كان أب أطفاله مذعورون خائفون حتى من التفكير في السلام عليه وملاعبته !
ربما زوجته تأنس بالجميع إلا به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تزوير للحقائق وتلاعب بالقيم وتسميم للمعاني !
ولنتأمل قليلا في شخصية سيد البشر – صلى الله عليه وسلم – ؟ أليس صاحب أجمل وأروع شخصية قوية عرفها التاريخ ؟ قد هابه الكل حبا واحتراما وتقديرا فقد كان من أحلم الناس وألطفهم بأبي هو وأمي
محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهي فلا أحد أبر في قول لا منه ولا نعم
إن مفهوم قوة الشخصية الحقيقي غاليتي هو أن يملك الشخص قلبا يفيض حنانا ودا وروحا تشع تسامحا وحبا ولسانا عفا رقيقا
قوة في الحجة وقوة إقناع دون مصادرة الآخرين آرائهم , لا يجرؤ عليه السفيه ولا يطأ حماه البذئ الفاحش , مستعينا بالله في كل صغيرة وكبيرة صابرا محتسبا على المصائب , متفائلا يمتلك روح المبادرة ومستقلا برأيه دون استغناء عن مشورة العقلاء متسلحا بثقافة وعلم
سلامة القلب والنظر إلى الآخرين بنظرات الاحترام وتقديرهم بغض النظر عن معتقداتهم وأوطانهم ومهنهم وحتى ممتلكاتهم الشخصية
غاليتي قوة الشخصية لا تعني العناد والإصرار والثبات على الرأي إن كان خاطئا فقوي الشخصية يغير رأيه إذا اتضح له الصواب في غيره
وسيرة الرسول تشهد بذلك فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم – في غزوة بدر يغير موقع المعسكر ويأخذ برأي الحباب بن منذر بعدما اتضح له صوابه
قوي الشخصية مؤمن بقدراته لا يجلد نفسه عند الخطا ولا يكثر من تقريعها بل يؤمن بأن الخطأ من طبع البشر وان من لا يعمل لا يخطئ واثق من نفسه تتكسر على دروعه المتينة سهام النقد الجارح فلا تهتز له شعرة ولا تنزل له دمعة وهو في المقابل لا يتكبر ولا يتعالى على النقد الهادف
ولا تجده يدافع عن نفسه عند وضوح الخطأ
لديه القدرة على ضبط انفعالاته وإدارة مشاعره إدارة جيدة يتحمل المسؤولية ولا يتنصل منها ولا يلقي اللوم على الآخرين في حال الإخفاق
غالياتي تلكم هي قوة الشخصية وما عداها فهو ضعف ونقص
هل عرفت أين تكمن قوة الشخصية الحقيقية لنصنع إنسان المتحضر ونبني القيم الجميلة الخالدة زادنا ربي حكمة وبصيرة
الحكيم هو الذي إذا صدق صبر لا الذي إذا قذف كظم .