الجمل: إلغاء تعاقدات المدرسين بأجر أو بالحصة
هشام شوقي - ناصر الكاشف وعماد الشاذلي ١٧/ ١٠/ ٢٠٠٨
أعلن الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم، أنه لا تعاقدات بالأجر أو العمل بالحصة، مؤكدًا إلغاء هذا النظام مع عدم تطبيق كادر المعلمين علي «العاملين بالأجر» حاليا.
وقال الجمل في تصريحات، أمس، علي هامش جولته التفقدية لمحافظة دمياط، إنه يجب الالتزام عند التعاقد لوظيفة معلم مساعد بقانون الكادر، مع ضرورة توافر شروط المؤهل التربوي العالي، وأن يتناسب المؤهل والتخصص مع المادة التربوية الدراسية التي يقوم بتدريسها
رد من معلم ذي خبرات.. علي رئيس لجنة السياسات
١٧/ ١٠/ ٢٠٠٨
جاء في جريدة «المصري اليوم» علي لسان السيد جمال مبارك أنه قال أخيرا في مؤتمر جمعية جيل المستقبل: «إن البعض يطالب بالتغيير، ولكنه يقاومه عندما يمسه شخصياً أو أسرته أو دخله، وضرب مثلاً علي ذلك بموضوع كادر المعلمين»
وأنا من واقع خبرتي الطويلة في مجال التعليم «٤٠ سنة» عملت فيها في دول كثيرة، وتنقلت فيها بين أكثر النظم التعليمية تخلفاً وأكثر النظم تقدماً.. أقول للسيد جمال مبارك إن هذه المقولة مقولة صحيحة، ولا يختلف عليها اثنان في العالم كله، فالكل يطالب بالتغيير، ولكن الإنسان لا يحب قطعاً أن يكون ضحية هذا التطوير.. فقد أطالب بإنشاء محطة كهرباء مثلاً في قريتي، ولكنني سأغضب وأقاوم إذا إنتزعوا أرضي لهذا الغرض.. مسألة بشرية في كل المجتمعات!!
ولكنني أختلف تماماً مع السيد جمال مبارك في تطبيق هذه المقولة علي كادر المعلمين!!. فالذي حدث في موضوع كادر المعلمين لم يكن رفضاً من المعلمين للتطوير.. ولم يكن مقاومة له، وإنما كان لعيوب واضحة في التخطيط والتنفيذ لموضوع الكادر، فالمعلمون يرون أن هناك أموراً في هذا الموضوع تستحق الدراسة منها علي سبيل المثال وليس الحصر:
أولاً: أن الجانب المالي من الكادر هو حق أصيل لكل معلم، لأنه هو حد أدني لآدمية المعلم ولا يجب ربطه بمدي الكفاءة ـ فهذه لها حافز مالي إضافي ـ كما لا يجب ربطه بامتحانات رأي معظمهم أنها تعجيزية وأن المدرس لم يعد لها الإعداد الكافي!
ثانياً: أي منطق في منح مدرس يعمل فعلاً بالتدريس منذ سنين طويلة شهادة صلاحية بمزاول مهنة، هو يزاولها فعلاً.. فالذي يحتاجها هو المدرس المتقدم حديثاً لمزاولة المهنة.. وهذا المدرس لايحتاج شهادة صلاحية بقدر مايحتاج لتدريب جاد ومتابعة وتقويم جاد.. ومن يجتاز التدريب والتقويم يرقي إلي الدرجة الأعلي ومعها حافزها المالي، ومن يرسب يعيد التدريب في العام التالي، ثم في العام الذي يليه إذا رسب ثانياً.. والذي يرسب ثلاث مرات لا يسمح له بالترقي، ويظل في مكانه ودرجته حتي يخرج للتقاعد، أو يحال إلي وظيفة أخري!
ثالثاً:المستجدون الراغبون في الالتحاق بمهنة التدريس والعاملون بعقود مؤقتة ويرغبون في تثبيت أوضاعهم علي الكادر، عليهم اجتياز الامتحانات المختلفة للحصول علي شهادة الصلاحية لمزاولة المهنة.. وعلي مدي معين من السنين سيصبح كل المعلمين حاصلين علي هذه الشهادة.
رابعاً: معني هذا أن تفاصيل التخطيط والتطبيق، هي التي خلقت ردود الأفعال، وليس رفض المعلم للتغيير ولا مقاومته له.. وستظهر سلبيات جديدة بعد إعلان النتائج في الجو المدرسي العام، خصوصاً مع الغش الجماعي في الامتحانات في بعض اللجان، وفي علاقة المدرسين ببعضهم!! هذا ناجح وهذا راسب، وأحقاد حول من راتبه ضعف راتبي.. وعلاقة المدرسين بالطلاب هذا ناجح وهذا راسب.. كلها أمور صغيرة، ولكنها تؤثر سلباً علي الجو المدرسي!
خامساً: في رأيي أن الجانب الأكبر من مشاكل التعليم في مصر سببه الإفراط في تسييس التعليم علي حساب الجانب الفني فيه.. تسييس الامتحانات، تسييس التصحيح، تسييس النتائج، ونسب النجاح والقبول بالثانوي والجامعات، تسييس التخطيط والمناهج وسحب البساط من تحت أقدام الإدارة المدرسية، مما أدي إلي عجزها تماماً عن ضبط المدرسة، فلا تستطيع إدارة مدرسة اتخاذ مواقف حاسمة ضد طالب أو مدرس إلا بمراجعة الإدارة التعليمية، التي تراجع بدورها وكالة الوزارة، التي تراجع بدورها الوزير، ولقد رأينا أموراً صغيرة جداً يبت فيها الوزير شخصياً وأحياناً رئيس الجمهورية!!.
هذا الإفراط في التسييس أضاع هيبة المدرسة، وهيبة الإدارة المدرسية، وهيبة المدرس، وهيبة المنظومة التعليمية كلها، وأصبح المطلوب منا ليس مجرد التطوير، وإنما معه بل وقبله علاج الفساد الذي شمل المنظومة التعليمية كلها، بسبب الإفراط في التسييس علي حساب الجانب الفني!!
المعلمون بخير ويعرفون مسئولياتهم.. ولكن يعلمون أيضاً ضرورة أن يكون التخطيط منطقياً والتنفيذ منطقياً، حتي يتحمسوا له ويدافعوا عنه.. وهذه هي مشكلتنا الرئيسية بشكل عام.. الخلل الواضح بين النظرية والتطبيق.. وبين التخطيط والتنفيذ!
عبدالحليم سعيد
الخبير التربوي
عضو مجلس الأمناء بمدرسة السنية الثانوية للبنات