احمد يوسف عضو مميز
العمر : 53 عدد الرسائل : 174 تاريخ التسجيل : 31/01/2009
| موضوع: لمحة من اخلاق خير البشر 28/3/2009, 11:42 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله تعالى على سيدنا نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ,,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمحة من أخلاق خير البشر ظهر من هذه التعاليم أن الأسلام جاء لينتقل بالبشر خطوات فسيحات الى حياة مشرفة بالفضائل و الأداب ، و أنه اعتبر المراحل المؤدية الى هذا الهدف النبيل من صميم رسالته ، كما أنه عد الإخلال بهذة الوسائل خروجا علية و أبتعادا عنة.
فليست الأخلاق من مواد الترف، التى يمكن الأستغناء عنها، بل هى أصول الحياة التى يرتضيها الدين ، و يحترم ذويها..
و قد وأحصى الأسلام بعدئذ الفضائل، و حث أتباعه على التمسك بها واحدة واحدة.
ولو جمعنا أقوال صاحب الرساله فى التحلى بالأخلاق الذكية لخرجنا بسفر لا يعرف مثلة ، لعظيم من أئمه الأصلاح.
و قبل أن نذكر تفاصيل هذه الفضائل ، و ما ورد فى كل منها على حدا نثبت طرفا من دعوتة الحاره ، الى محامد الأخلاق ، و محاسن الشيم :
عن أسامه بن شريك قال : كنا جلوسا عند النبى صلى الله عليه و سلم كأنما عل رؤوسنا الطير ، ما يتكلم منا متكلم ، اذا جائه إناس فقالوا : من أحب عباد الله الى الله تعالى ؟ قال : ((أحسنهم خلقا)).
و فى روايه : (( ما خير ما أعطى الأنسان ؟ قال: خلق حسن )).
قال : (( إن الفحش و التفحش ليسا من الأسلام فى شئ ، و إن أحسن الناس أسلاما أحسنهم خلقا)).
و سئل : (( أى المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال: أحسنهم خلقا)).
و عن عبدالله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( الا أخبركم بأحبكم الى ، و أقربكم منى مجلسا يوم القيامة ؟ - فأعادها مرتين او ثلاثا - قالوا نعم يا رسول الله ؛ قال : أحسنكم خلقا)).
و قال : (( ما من شئ أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، إن الله يكرة الفاحش البذئ، و إن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم و الصلاة )) .
هذا التصريح لو صدر عن فيلسوف يشتغل بشؤون الإصلاح الخلقى فحسب لما كان مستغربا منه ، إنما و جه العجب أن يصدر عن مؤسس دين كبير ، و الأديان – عادة – ترتكز فى حقيقتها الأولى على التعبد المحض.
ونبى الأسلام دعا الى عبادات شتى ، و أقام دوله أرتكزت على جهاد طويل ضد أعداء كثيرين، فإذا كان – مع سعه دينة ، و تشعب نو احى العمل أمام أتباعة، يخبرهم بأن أرجح ما فى موازينهم يوم الحساب، الخلق الحسن، فإن دلالة ذلك على منزلة الخلق فى الأسلام لا تخفى..
و الخلق أن الدين إن كان خلقا حسنا بين أنسان و أنسان ، فهو فى طبيعته السماويه صله حسنه بين الأنسان و ربه، و كلا الأمرين يرجع الى حقيقه واحده إن هناك أدياناً تبشر بأن أعتناق عقيده ما ، يمحو الذنوب، و أن أداء طاعه معينه يمسح الخطايا.
لكن الأسلام لا يقول هذا، الا أن تكون العقيدة المعتنقة محواراً لعمل الخير، و أداء الواجب، و أن تكون الطاعه المقترحه غسلا من السوء ، و أعدادا للكمال المنشود ، اى أنه لا يمحق السيئات الا الحسنات التى يضطلع بها الأنسان، و يرقى صاعدا ، الى مستوى أفضل .
و قد حرص النبى صلى الله عليه و سلم على توكيد هذة المبادئ العادله، تتبينها أمته جيدا، فلا تهون لديها قيمة الخلق و ترفع قيمة الطقوس.
عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخره، و أشرف المنازل، و أنه لضعيف العباده، و أنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة فى جهنم)).
و عن عائشه رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( أن المؤمن بحسن خلقه درجة الصائم القائم )) ..
و فى روايه : (( إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل و صائم النهار)).
و عن بن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات بحسن خلقه و كرم طبيعته )).
و روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( كرم المؤمن دينه ، و مروءته عقله ، وحسبه خلقه)).
و روى عنه أبو ذر : (( قد أفلح من أخلص قلبه للأيمان ، و جعل قلبه سليما، و لسانه صادقا، و نفسه مطمئنه، و خلقه مستقيمه)).
و حسن الخلق لا يؤسس فى المجتمع بالتعاليم المرسله، أو الأوامر و النواهى المجردة، اذ لا يكفى فى طبع النفوس على الفضائل أن يقول المعلم لغيره: أفعل كذا، او لا تفعل كذا، فالتأديب المثمر يحتاج الى تربيه طويله، و يتطلب تعهدا مستمرا.
و لن تصلح تربيه الا اذا أعتمدت على الأسوه الحسنه، فالرجل السئ لا يترك فى نفوس من حوله اثرا طيبا.
و إنما يتوقع الأثر الطيب ممن تمتد العيون الى شخصه، فيروعها أدبه و يسبيها ليله و تقتبس- بالأعجاب المحض من خلاله، و تمشى بالمحبه الخالصه من أثاره.
بل لابد- ليحصل التابع على قدر كبير من الفضل- أن يكون فى متبعه قدر أكبر و قسط أجل..
و قد كان رسول الأسلام بين أصحبه مثلا أعلى للخلق الذى يدعو اليه، فهو يغرس بين أصحابه هذا الخلق السامى، بسيرته العاطره، قبل أن يغرسه بما يقول من حكم و عظات.
عن عبد الله بن عمرو قال :إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن فاحشا و لا متفحشا، و كان يقول (( خياركم أحاسنكم أخلاقا )) .
و عن أنس قال : خدمت النبى صلى الله عليه و سلم عشر سنين. و الله ما قال لى : أف قط، و لا قال لشئ : لم فعلت كذا؟ و هلا فعلت كذا ؟
و عنه: إن الأمة كانت لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فتنطلق به حيث شائت، و كان إذا أستقبله فصافحه، لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل ينزع يده، و لا يصرف وجهه عن وجهه، حتى يكون الرجل هو الذى يصرفه، و لم ير مقدما ركبتيه بين يدى جليس له - يعنى أنه يتحف ظ مع جلسائه فلا يتكبر- .
و عن عائشه رضى الله عنها قالت: ((ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه، و ما أنتقم رسول الله صلى الله عليه و سلم لنفسه فى شئ قط ، الا أن تنتهك حرمه الله فينتقم، وما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، الا أن يجاهد فى سبيل الله تعالى)) .
و عن أنس: كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و عليه برده غليظه الحاشية ، فأدركه أعرابيا فجذبه جذبه شديدة، حت نظرت الى صفحه عاتق رسول الله، و قد أثرت بهل حاشيه البرد من شده جذبته، ثم قال : يا محمد مر لى من مال الله الذى عندك ! فألتفت إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ضحك، و أمر له بعطاء .
و عن عائشه: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(( إن الله رفيق، يحب الرفق، و يعطى على الرفق مالا يعطى على العنف، و مالا يعطى على سواه )) .
و فى روايه: (( إن الرفق لا يكون فى شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلا شانه))
و عن جرير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ((إن الله عز و جل ليعطى على الرفق ما لا يعطى على الخرق – الحمق – و إذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير كله )) .
و سئلت عائشه رضى الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل فى بيته؟ قالت : (( كان يكون فى مهنة أهله – أى خدمتهم- فإذا حضرت الصلاه يتوضا و يخرج الى الصلاه )) .
و عن عبد الله بن الحارث : ((ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه و سلم!)) .
و عن أنس : كان رسول الله أحسن الناس خلقا، و كان لى أخ فطيم، يسمى أبا عمير ، لديه عصفور صغير اسمه النغير، فكان رسول الله يلاطف الطفل الصغير و يقول له: يا أبا عمير، ما فعل النغير! .
و المعروف فى شمائل الرسول صلى الله عليه و سلم أنه كان سمحا لا يبخل بشئ أبدا، شجاعا لا ينكص عن حق أبدا، عدلا لا يجور فى حكم ابدا، صدوقا أميناً فى أطوار حياته كلها.
و قد أمر الله المسلمين أن يقتدوا به فى طيب شمائله و عريق خلاله فقال:
﴿ لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا ﴾ (الأحزاب : 21).
قال القاضى عياض:
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن الناس، و أجود الناس، و أشجع الناس، لقد فظع أهل المدينة ليلة، فانطلق ناس ِقبل الصوت، فتلقاهم رسول الله راجعا، قد سبقهم إليه و استبرا الخبر على فرس لأبى طلحة عري و السيغ فى عنقه، و هو يقول لن تراعوا.
و قال على رضى الله عنه: إنا كنا – إذا حمى البأس و احمرت الحدق- نتقى برسول الله صلى الله عليه و سلم، فما يكون أحد أقرب الى العدو منه.
و عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :لا
و قد قالت له خديجة: (( إنك تحمل الكل و تكسب المعدوم، و تعين على نوائب الحق)) .
و حمل اليه سبعون الف درهم، فوضعت على حصير، ثم قام اليها يقسمها، فما رد سائلا، حتى فرغ منها.
وجائه رجل فسأله، فقال له: ما عندى شئ، ولكن اتبع علي، فإذا جائنا شئ قضيناه، فقال عمر: ما كلفك الله مالا تقدر عليه! فكره النبى صلى الله عليه و سلم ذلك، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخف من ذى العرش إقلالا، فتبسم النبى ، و عرف البشر فى وجهه، وقال: بهذا أُمرت .
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤلف أصحابه ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم.
و يحذر الناس و يحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ولا خلقه.
يتفقد أصحابه و يعطى كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه.
من جالسه، أو قاربه لحاجه صابره، حتى يكون هو المنصرف عنه.
ومن سأله حاجه لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول.
قد وسع الناس بسطه و خلقه، فصار لهم أبا، و صاروا عنده فى الحق سواء.
وكلن دائم البشر، سهل البع، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهى، ولا يقنط منه قاصده.
وعن عائشه رضى الله عنها: ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله، ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال : لبيك.
و قال جرير بن عبد الله رضى الله عنه: ما حجبنى رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ أسلمت، ولا رآنى الا تبسم.
وكان يمازح أصحابه ويخالطهم و يجاريهم، ويداعب صبيانهم و يجلسهم فى حجره.
و يجيب دعوة الح و العبد و الأمه و المسكين، و يعود المرضى فى أقصى المدينه، و يقبل عذر المتعذر.
قال أنس: ما ألتقم أحد أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فينحى رأسه حتى يكون الرجل هو الذى ينحى رأسه، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الأخر، و كان يبدأ من لاقيه بالسلام، و يبدأ أصحابه بالمصافحة.
لم ير قط مادا رجليه بين أصحابه فيضيق بهما على أحد.
يكرم من يدخل عليه، و ربما بسط له ثوبه، و يؤثره بالوسادة التى تحته، و يعزم عليه فى الجلوس عليها إن أبى.
و يكنى أصحابه و يدعوهم بأحب أسمائهم تكرمه لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، حتى يتجوز فيقطعه بأنتهاء أو قيام.
و عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أتى بهديه قال: اّذهبوا بها الى بيت فلانه، فإنها كانت صديقه لخديجه، إنها كانت تحب خديجه.
و عن عائشه رضى الله عنها قالت : ما غرت من امرأة، ما غرت من خديجة، لما كنت أسمعه يذكرها، و إن كان يذبح الشاه فيهديها الى خلائلها، و استأذنت عليه أختها فأرتاح اليها، و دخلت عليه امرأة فهش لها و أحسن السؤال عنها ، فلما خرجت قال: إنها كانت تأتينا أيام خديجة، و إن حسن العهد من الأيمان.
وكان يصل ذوى رحمه، من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم.
و عن أبى قتاده: لما جاء وفد النجاشى قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يخدمهم، فقال له أصحابه: نكفيك، فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، و أنى أحب أن أكافئهم.
و عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم متوكئا على عصا، فقمنا له فقال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضا.
وقال: أنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، و أجلس كما يجلس العبد، و كان يركب الحمار، و يردف خلفه، و يعود المساكين، و يجالس الفقراء، و يجلس بين أصحابه مختلطا بهم، حيثما انتهى به المجلس جلس.
و حج رسول الله صلى الله عليه و سلم على رحل رث عليه قطيفه ما تساوى أربعه دراهم، فقال: الهم حجه لا رياء فيها ولا سمعة.
و لما فتحت عليه مكه و دخلها بجيوش المسلمين، طأطأ رأسه على راحلته حتى كاد يمس قادمته، تواضعا لله تعالى.
وكان كثير السكوت لا يتكلم فى غير الحاجه، و يعرض عمن تكلم بغير جميل.
و كان ضحكه تبسما، و كلامه فصلا، لا فضول فيه ولا تقصير.
و كان ضحك أصحابه عنده التبسم، توقيرا له و أقتداء به.
مجلسه مجلس حلم و خير وأمانه، لا ترفع فيه الأصوات، لا تخدش فيه الحرم.
إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير.
و إذا مشى مجتمعا، يعرف فى مشيته أنه غير ضجر ولا كسلان.
قال بن أبى هالة: كان سكوته على أربع: على الحلم، و الحذر، و التقدير، و التفكر.
و قالت عائشه كان يتحدث حديثا، لو عده العاد أحصاه.
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحب الطيب و الرائحه الحسنه؛ و يستعملها كثيرا.
و قد سيقت له الدنيا بحذافيرها، و ترادفت عليه فتوحها، فأعرض عن زهرتها، ومات و درعه مرهونه عند يهودى فى نفقة عياله.
المصدر: كتاب خلق المسلم (محمد الغزالي)
| |
|