إن للتربية القويمة أهميتها القصوى في صلاح الجيل واستقامة سلوكه ، وإن أمر التربية خطير دقيق ، تقصر عنه عقول كثير من الآباء والأمهات ، فقد يعتبر كثير منهم أن التربية لا تبدأ إلا إذا بلغ الطفل سنّاً معينة هي سنّ التمييز أو ما بعدها ، وهذا خطأ فادح يقعون فيه ، فيقصرون في تربية أطفالهم في الصغر فينشأ الأطفال على عوج ، ثمّ يعجز الآباء والأمهات بعد ذلك عن تقويم العوج ، فينشأ الجيل ضعيف الإيمان ، هزيل الطاعة ، جريئا على المعصية والمخالفة ، سيء الأخلاق والطباع.
يقول الغزاليّ رحمه الله تعالى:
"إن الطفل أمانة عند والديه ، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة ، خالية من كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما ينقش فيه ، ومائل إلى كل ما يمال به إليه ، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وشاركه في ثوابه أبواه ، وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة مربيه ، والقيّم عليه .."