من روائع الأخلاق الإسلاميــة التي علمنا الله إياهـــا أن لا نسب الكافرين لأنهم جاهلــون لا يعلمون بقدر الله عز وجل ويظنــــون أنهم على صواب وبسبنا إياهم سنحرضهم على سب الله ولن يفيــد سبهم شيئاً والأفضل أن نجادلهم بالتى هي أحسن أو نعرض عنهم إن فقدنا الأمــل بتعليمهم .
قال تعالى :
" وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " سورة الأنعام : 108
ولم يحرمنـا الله من الإختلاط بالكافرين لضرورات الحياة والتقدم في العلم والعمل ضمن الأصــول الإسلاميــة الصحيحة ولكن علمنــــا كيف نـؤدبهم بطريقة غير مباشرة إذا ذكروا آيات الله بالكفر أو الاستهزاء بأن نقــــــوم من مجلسنا معهم وننسحب منــــه حتى يغيروا حديثهم الذي لا يرضى الله عنه ولا المؤمنين فقال تعالى :
" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" سورة النساء : 140
لأن الذي يقعد معهم ويخجل منهم يعتبر منافــقا وسيجمع معهم في نـــــار جهنم التي تتسع لجميع المنافقين والكافرين .
والكلمة الطيبة دومـاً هي كالشجرة الطيبة تثمر بما هو طيب وجميل تصل عنان السماء بأصلها الثابت وقــوتها التي تتحد الرياح العاتية وقال تعالى فيها :
" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء "
سورة إبراهيم : 24
وقرن الكلام الطيب بالعمل الصالح الذي يرفـع من قدر المؤمن ويصعد به إلى الله نفسه حيث قال تعالى :
" مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ " سورة فاطر : 10
أما رسولنا الكريم صلى الله عليــه وسلم معلم البشرية حسن الخلق قال :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره , ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه , ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) .
عن عدي أنه قال ، قال رسول الله : اتقوا النار ولو بشق تمرة , فإن لم يكن فبكلمة طيبة.
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )) .
ولا يحب الله الكلام السيء ولا يقبله إلا من المظلومين على ظالميهم ومع هذا أرادنا لو نستطيع إخفاءه أو العفو أسوة بعفوه لأن هذا خير لنا جميعاً فقال جل وعلا :
" لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا " سورة النساء : 148-149
وكم من كلمة طيبة جمعت بين الإخوة والأزواج وتسامحت فيها القلــــوب وتصافت أو أسلم بها الكافــــــرون العاقلون أو اهتــــدى بها المنافقــــون الضالـــون وتعلموا بها خير الدنيا والآخرة وتاب الله عنهم وارتقــــوا إلى صفــــوف المؤمنين الطائعين وكم من سب وشتم جـــرح مشاعر الآخرين وخلف البغضاء والقطيعة أو تسبب بقتـــــال وحرب لا هـــــوادة فيها راح ضحيتها الكثيرون فمن يكبر ويعي معنى الكلمة الطيبــة وأثرهـــا يكن الله قد أنعم عليـه بالحكمة والحلم وهما من زينة أخلاق المسلم الحق فهل من مؤيــد ؟ .