رغم مخالفتها للقانون
الدية.. هل تمنع المفتي من الموافقة علي الإعدام؟
فجأة بدأ بعض القانونيين يعلو صوتهم مطالبين المشرع بوضع تعديل تشريعي يجعل الدية ضمن العقوبات المعترف بها في القانون والتي يمكن ان تنقذ القاتل من حبل المشنقة.. استند هؤلاء في مطالبهم إلي ان قانون العقوبات يصطدم في بعض مواده مع المادة الثانية من الدستور التي تنص علي ان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وان اغفال القانون لعقوبة نصت عليها الشريعة صراحة يخالف الدستور.
غير ان القانون وان كان قد اغفل الدية التي تطبقها بعض الدول الإسلامية فإنه اعطي للمدعي بالحق المدني حق المطالبة بالتعويض من الجاني وإن كان هذا التعويض لا ينقذه ايضاً من الإعدام.
كما ان التصالح بين الجاني وأهل المجني عليه تراعيه المحكمة في حكمها وان كان غير ملزم للقاضي.. غير انه من ناحية أخري فإن دفع الدية وارضاء أهالي المجني عليه بها لا شك يمكن ان يكون له رد فعل مهم لدي فضيلة المفتي الذي يناقش القضية في ضوء احكام الشريعة الإسلامية والذي عادة ما تطمئن إلي تقديره الهيئة القضائية وان كان رأيه استشارياً فقط.. فماذا لو احيلت الأوراق إلي المفتي وبينها مستندات تؤكد التصالح ودفع الدية المطلوبة والمحددة شرعاً.. رغم ان هذا لا أثر له في القانون؟ فما تأثيره علي المفتي.
تعديلات أخري
سألت المستشار زكريا الفقي رئيس محكمة جنايات القاهرة هذا السؤال فأجاب بصراحة لم تحدث سوابق في أي قضية لمثل هذا التساؤل ولكن لو حدث اعتقد سيكون لفضيلته رأي مهم لا استطيع ان اجزم به أو استنتجه غير ان القانون المصري وان كان لا يعرف الدية إلا أنه لا يصطدم ايضاً مع الدستور ولو كانت هناك مادة مخالفة لحكم بعدم دستوريتها.
أضاف ان وضع تعديل بهذا الشكل لن يقتصر علي ذلك بل ستتبعه تعديلات أخري ليحدث التوازن المطلوب.
المستشار محمد فهيم درويش رئيس محكمة جنايات الجيزة يؤكد ان الجريمة ملك للمجتمع ولا يجوز التنازل عنها بأي حال من الأحوال سواء بدية أو غيرها وحتي ان الصلح في الجرائم لا يؤثر ايضاً علي العقوبة بل تظل الجريمة قائمة ويحق العقاب علي الجاني.
اضاف ان قضايا الثأر يتم التصالح في بعضها وتوقع العقوبة ايضاً وإن كانت المحكمة تراعي التخفيف قال إن هذا ايضاً لا يختلف مع الدستور لأن الدية في الإسلام ليست الأصل في العقاب ولكن الاصل هو القصاص والاستثناء دفع الدية أي أنها ليست وجوبية.
المستشار مصطفي تيرانا رئيس محكمة الاستئناف يقول الدية وإن كانت وردت بنص القرآن الكريم إلا انه لا اصل لها في القانون الوضعي غير أنه عندما يتم التصالح فهذا مفاده لدي المحكمة ان المجني عليه حصل علي التعويض المناسب وغالباً لا تتشدد معه المحكمة اثناء الحكم وان كان لا يوجد نص يلزم المحكمة بذلك.. من ناحية اخري فإن المحكمة يكون لها نظرة موضوعية في بعض الجرائم مثل قضايا الثأر مثلاً فالذي يقتل ثأراً لمقتل والده مثلاً لا يمكن ان تساويه المحكمة بالقاتل الأول فلكل واقعة ظروفها وملابساتها.. كما ان التصالح الذي يتم احياناً يتضمن التنازل ايضاً عن الحقوق المدنية أو يخلو المحضر من أي اشارة لذلك ولكن هذا يراعي عند اصدار الحكم.
قال ان انتشار الجريمة بهذا الشكل لا يردعها غير القصاص الفوري والتعويض الفوري ايضاً ويقترح ان تتكفل الدولة بهذا التعويض ثم تحصله من الجاني ليكون التعويض بشكل أسرع لأن الدعوي المدنية تستغرق وقتاً طويلاً.. قال ان القانون الوضعي وان كان يعطيني فرصة لتجميع الادلة إلا ان العدالة الناجزة في هذه الجريمة بالذات التي انتشرت بشكل غريب تكون رادعة حتي نقلل منها.
المستشار خيري حسين فخري رئيس محكمة جنايات الجيزة يقول ان نظام الدية معمول به في بعض الدول الإسلامية بحيث إذا وافق ولي الدم علي دفع الدية يسقط القصاص عن المتهم.
غير انه في القانون المصري فإن المشرع اعترف بالتصالح في بعض الجرائم مثل جرائم الشيك مثلاً بحيث تنقضي الدعوي الجنائية بالتصالح.
غير انه في جرائم القتل فإن الاصل في الشريعة القصاص واجازت الشريعة ايضاً ان تحل محل عقوبة القصاص التعزيز وهو السجن وهذا متفق عليه اضاف انه لا توجد أي مخالفة دستورية في هذا الشأن مع القانون المصري لآن قانون العقوبات صدر قبل عام 1971وهو العام الذي صدرت فيه المادة الثانية من الدستور ولذلك فلو تمت إقامة دعوي عدم دستورية في هذا الشأن اعتقد انه سيحكم بعدم قبولها لهذا السبب.
جرائم الخارج
ذكر أنه بالنسبة للجرائم التي يرتكبها المواطن المصري في الخارج فإن القانون ينص علي محاكمته في المحاكم المصرية وعقابه بشرط ألا يكون قد تمت محاكمته في بلد الجريمة التي ارتكبها ولم يصدر عليه حكم أو صدر ولم ينفذ أو نفذ جزء منه فقط.. اما إذا حوكم في الخارج ونفذ العقوبة فلا يحاكم مرة أخري هنا.. ولابد لكي تتم محاكمته ان يكون الفعل الذي ارتكبه مجرماً في الخارج ومصر حتي أنه لو كان غير مجرم في البلد الذي ارتكب فيه الفعل لا يجوز محاكمته حتي لو كان العقل مجرما في مصر ويضرب مثلا بالقات مثلاً فهو غير مجرم في اليمن مثلاً ولكنه مجرم في مصر.