تركب التاكسي أو الميكروباص.. يشغل السائق الكاسيت.. تسمع صوته.. تعرفه.. تميزه في الحال صوت عشقه الملايين من المسلمين وغير المسلمين جاهد في سبيل الاسلام بصوته العذب الرخيم استغل حب الناس لصوته لحث الناس لسماع القرآن.. انه القاريء الشيخ عبد الباسط عبدالصمد.
في أقاصي الوجه القبلي من العام1346 هـ-1927 م وبالتحديد بمدينة أرمنت محافظة قنا كان ميلاد الشيخ عبد الباسط حفظ القرآن الكريم صغيرا وأتمه وهو في العاشرة من عمره علي يد الشيخ محمد سليم وتلقي علي يديه القراءات السبع وقد بدأ الشيخ يدعي إلي المحافل العامة ولم تتجاوز سن الرابعة عشرة وبدأت شهرة الشيخ في صعيد مصر مع إحياء ليالي شهر رمضان الكريم كان يمشي من اربعة الي خمسة كيلو مترات اذا سمع شيخا جاء إلي المحافظة لتلاوة القرآن وقد كان الشيخ مغرما بصوت القاريء العظيم محمد رفعت حيث كان يقطع ثلاثة كيلو مترات ليستمع في مقهي إلي الشيخ محمد رأفت في الراديو.
بدأت رحلته داخل القاهرة في العام1950 وحضر الاحتفال بمولد السيدة زينب كان الشرارة التي انطلق منها الشيخ إلي الشهرة حيث اشترك في المقرأة بتلاوات من آي الذكر الحكيم من سورة الاحزاب وبهر كل من حوله بصوته العذب الرخيم ومن الطريف انه كان محددا له القراءة لمدة عشر دقائق إلا أن الناس استزادوه فأخذ في القراءة لمدة تزيد علي الساعتين ثم استأنف التلاوة حتي الفجر وأخذ الناس يقبلونه الذين لم يصدقوا أن هذا صوت قاريء مغمور وخرج من المسجد في الصباح معه أكثر من عقد لاحياء الليالي هنا وهناك ولأول مرة أيضا وصلت إلي يديه عشرة جنيهات كاملة ثم عشرون ثم ثلاثون ثم خمسون وعند ذلك قرر اعتزال الصعيد والبقاء إلي الأبد في القاهرة, ونام الشيخ عبد الباسط في لوكاندة الشرق في السيدة زينب ولم يمض عامان حتي وصل صوته إلي الاذاعة ووصل أجره إلي12 جنيها كل نصف ساعة, ووصل أجره في الليلة إلي مائة جنيه, وغادر الشيخ عبدالباسط القاهرة إلي أرمنت, ثم عاد ومعه كل العائلة شقيقان وزوجته ونصف دستة من الاطفال وذاع صيت الشيخ في كل مكان, وقفز أجره إلي مائتي جنيه ثم الي ثلاثمائة جنيه تقدم الشيخ إلي الاذاعة سنة1951 م بناء علي طلب الشيخ الضباع شيخ عموم المقاريء المصرية وأجازته اللجنة وتم اعتماده قارئا حيث ذاع صيته مع أول تلاوة يقرأها الشيخ وصار له وقت محدد مساء كل سبت يقوم فيها بالتلاوة.
سرعان ما اشتهر الشيخ عبد الباسط بين الناس بصوته وتلاوته المميزة وقد ارجع حب الناس له الي حبه إلي القرآن الكريم واتقان تلاوته ويروي الشيخ عبدالباسط في احدي تسجيلاته ان استحسان الناس لصوته شجعه في الاجتهاد في حفظ وتلاوة القرآن وكان يسهر الليالي الطويلة لحفظ القرآن واتقان تلاوته ويقول انه عرض عليه قبل ان يحضر إلي القاهرة ويتقدم إلي الاذاعة المصرية انه رفض لانه كان مشهورا في الصعيد من اسوان الي بني سويف فلماذا يذهب إلي القاهرة ولم يكن مقتنعا بالاذاعة ونصحه رفاقه انه سوف يصبح معروفا للعالم اجمع اذا انتقل إلي الاذاعة المصرية وبالفعل التحق بالاذاعة المصرية في العام1951 وكان عمره20 عاما تقريبا وذلك بعد ان درس فنون التلاوة واحكامها في العام1985 عين قارئا للمسجد الحسيني خلفا للشيخ محمود علي البنا وكان له الفضل بعد الله في إنشاء نقابة لمحفظي القرآن الكريم وانتخب كأول نقيب للقراء عام1984 حتي وفاته في1988/11/30.
زار الشيخ عبدالباسط الكثير من البلاد العربية وأكثر البلاد الإسلامية كما زار أغلب دول أوروبا والامريكتين ورتل القرآن الكريم في مساجد باريس ولندن. ويحمل عدة نياشين من البلاد التي زارها. وله في كل البلاد الإسلامية أصدقاء كثيرون يبادلهم الحب والوفاء وكان يراسلهم من وقت لآخر.
وكان الشيخ مثالا لحسن الخلق والتواضع جوادا كريما من القريب والغريب الصغير قبل الكبير المسلم وغير المسلم وكان يحب القراءة وأحسن كاتب قصة في نظرة هو عباس العقاد وطه حسين/ أيضا وهو مدمن قراءة صحف وأحسن كتاب الصحف هو محمد حسنين هيكل, وأكثر ما كان يضايقه في الجرائد الكذب ويقول انها تكذب كثيرا وروت عنه اخبارا ملفقة وقصصا من نسج الخيال وأطلقت عليه اسم براندو وهو يشعر بالأسف لاطلاق هذا الاسم عليه لأن براندو ممثل امريكاني ولكن الشيخ يتسامح مع الصحفي مطلق اللقب عليه حتي بالرغم من الاساءة اليه.
أما عن زياراته خارج البلاد فقد كانت أول زيارة للشيخ عبد الباسط عبدالصمد خارج مصر بعد التحاقه بالاذاعة عام1951 كانت لأداء فريضة الحج ومعه والده فطلب منه السعوديون أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة تذاع عبر موجات الإذاعة ولم يتردد وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف لقب بعدها بصوت مكة ثم تعددت الزيارات ما بين دعوات رسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام