منحة القاضي مشرف سابق
العمر : 57 عدد الرسائل : 913 تاريخ التسجيل : 28/03/2009
| موضوع: من معالم التوحيد فى الحج 8/11/2009, 6:37 pm | |
|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد :
فإن المسلم يُعظِّم شعائر الله امتثالاً لقوله تعالى : ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [ الحج : 32 ] ، وتعظيمها بأداء العبادة التي شرعت فيها وعندها، كالسعي بين الصفا والمروة، فقد أخبر الله تعالى أنهما من شعائر الله، كالحجر الأسود، والركن اليماني، والملتزم، ومقام إبراهيم، فيتبع ما ورد فيها من السنة، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم من استلام الركن اليماني والحجر الأسود، وكذا تقبيله عند القدرة، أو الإشارة إليه، والدعاء عند الملتزم، والصلاة خلف المقام، وكلها عبادة للرب سبحانه، ولهذا روي عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول إذا استلم الحجر الأسود : (اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، واتباعًا لسنة نبيك ) رواه الطبراني عن الحارث الأعور عنه، والحارث فيه مقال، ولكنه ذكر مناسب، ففيه أن هذا الاستلام إنما فعلناه إيمانًا بالله إلهًا وربًا وخالقًا ومعبودًا، وتصديقًا لكتاب ربنا سبحانه وتعالى، حيث أمرنا أن نصدق بالقرآن، ونتبع ما فيه من إقامة هذه العبادات في هذه المشاعر، ونوفي بما عهد الله تعالى، لقول الله سبحانه : ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ﴾ [ النحل : 91 ]، ونستلم هذه الأركان اتباعًا لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس عبادة للبيت ولا لهذا الحجر السود، وإنما يفعل ذلك اقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن استلمه فكأنها قبل يمين الله عز وجل)، يعني أن التقبيل والاستلام معاهدة لله تعالى ألا يخرج المعاهدون عن شرعه، ولا يعصون ربهم تعالى، فهكذا يكون الاستلام والتقبيل عبادة لله سبحانه، فإن تعظيم شعائره عبادة له وحده، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ)) الحج:30، وقال تعالى : ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [ الحج : 32 ].
وقد ذكر الله سبحانه أن الصفا والمروة من شعائر الله، فلابد لها من عبادة تخصها، ولهذا أمر تعالى بالسعي بينهما، وسماه طوافاً بها، وهو في الحقيقة عبادة لله وحده، ولهذا ذكر جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقف على الصفا كبر ثلاثًا ثم قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"، ويقول ذلك إذا وقف على المروة في كل شوط، رواه مسلم وغيره، وروى مالك عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يدعو على الصفا يقول: ( اللهم إنك قلت: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [ غافر : 60 ] ، وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم)، وزاد بعضهم: كان يكبر ثلاث تكبيرات ويقول : (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) سبع مرات، وكذا على المروة في كل شوط، وذلك إحدى وعشرون تكبيرة، وتسع وأربعون تهليلة، وابن عمر رضي الله عنهما كان حريصًا على اتباع أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله.
وهذا التكبير والتهليل دليل على أن هذا السعي عبادة لله تعالى، حيث اشتمل على تكبير وتهليل وتوحيد وتعظيم لله تعالى، واعتراف بأن الملك له وحده، وله الحمد وله الثناء والمجد، لا شريك له في ذلك، ففيه تذكر وتذكير بعظمة الرب سبحانه وتوحيده له، وتأكيد لوحدانيته وأهليته للعبادة، دون أن يكون له شريك، أو أن يصرف لغيره شيء من العبادة، حيث يشتمل الطواف والسعي على ذكر الله تعالى، كما ذكرت عائشة رضي الله عنها، وهو كل ما يذكر بعظمته ووحدانيته، فالطائفون يدعون الله تعالى ولا يدعون غير الله، ويسألونه وحده المغفرة والرحمة والجنة، والنجاة من النار، ويسألونه إصلاح دينهم الذي هو عصمة أمورهم وإصلاح دنياهم وأخراهم، فهم مدة الطواف والسعي يشتغلون بالدعاء مع التضرع والخشوع، وصدق الرغبة، وإحضار القلب.
[size=16]نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
قاله وكتبه
شَيخُنَا عَبدُ اللَّـهِ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَن بْنِ جِبْرِينٍ
12/11/1429هـ
[/size] | |
|
محمد جلال مدير
العمر : 48 عدد الرسائل : 3199 تاريخ التسجيل : 20/08/2008
| موضوع: رد: من معالم التوحيد فى الحج 18/11/2009, 4:10 pm | |
| | |
|