◄كشك جمع أغلب المميزات التى يريدها المصريون.. شيخ أزهرى يهاجم رأس الدولة ويسخر من المشاهير ويروى النكتة ببراعة ولا يقرأ خطبه من كراسة وزارة الأوقاف ومن القلائل الذين رفضوا أموال الخليج
◄كثيرون ونحن نوافقهم اختلفوا مع جانب كبير من أفكاره وعابوا على حدته وتشدده وحالة الاحتقار التى تعامل بها مع الفن والفنانين ولكن ذلك لا يمنع أبدا كونه أستاذ الخطابة
13 عاما مضت والمنابر فى مصر بشكلها الذى عهدناها عليه فى المساجد، أو بصورتها التى أصبحت عليها بعد ظهور الفضائيات، مازالت تبحث له عن خليفة.. عن الشيخ السياسى الشعبى، منذ وفاته فى ديسمبر من عام 1996 والناس فى الشارع- حتى الذين اختلفوا معه- تفتش بين ذقون شيوخ السلف، وعمائم شيوخ الأزهر، وميكروفونات الدعاة الجدد عن رجل مثله، لا يتكلم فى الدين بغير علم، ولا يخطب فى الناس بملل، ولا يخشى من تهديدات ضباط أمن الدولة، ولا يتلو آية «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم» فى أيام المظاهرات والانتخابات عمال على بطال.
صحيح أن كثيرين اختلفوا معه ومع جانب كبير من أفكاره، وصحيح أن التيارات الإسلامية المختلفة بإخوانها وسلفها وأزهرها لم يجتمعوا عليه، وصحيح أن كثيرين ونحن نوافقهم عابوا حدته وتشدده وحالة الاستحقار التى تعامل بها مع الفن والفنانين فى كثير من الأحيان، ولكن ذلك لم يمنع أحدا من خصومه الشرفاء أو محبيه أن يعتبره أستاذ الخطابة، لم يمنع كل ذلك من هاجموه وكرهوه وأحبوه ودعوا له أو عليه أن يحزنوا لرحيل الشيخ عبدالحميد كشك الذى مرت ذكرى وفاته أمس الأول الأحد فى هدوء، لا يتناسب أبدا مع حجم الصخب والجدل الذى أثاره الرجل على مدار 35 سنة من الدعوة، مازالت خطبه المسجلة وكتبه تستكملها حتى الآن.
لا أعرف إن كنت قد اندهشت وأنا أخبرك فى السطور السابقة أن الكثير من خصوم الشيخ كشك أو المختلفين معه قد حزنوا أم لا؟.. وسواء كنت من المندهشين أو الرافضين لتلك الفكرة أو الرافضين للشيخ كشك نفسه، يجب أن تعرف أن هذا الحزن لم يكن حزنا على فقدان شخص الشيخ عبدالحميد كشك، بقدر ماكان حزنا على فقدان نموذج لرجل الدين القوى الذى يدخل الشرف فى تكوينه الروحى، ويرفض تركيبه النفسى والجسمانى كل أنواع الظلم والقهر والكذب، وتخجل يده من أن تعانق السلطة، ويتعفف لسانه عن أن ينافق الدولة، أو أن يقرأ خطبه من كراسة وزارة الأوقاف، أو حسب تعليمات الفضائية التى تمنحه حق الظهور على الهواء مباشرة.
رجل دين مثل هذا، كان فى معظم خطبه وآرائه، حتى المتشدد منها، رافضا لفكرة الدولة الدينية، ومشجعا للديمقراطية والحرية المسئولة، هو حلم لأى فرد ولأى شعب مهما كانت ديانته، فالناس كثيرا مايحلمون برجل دين لايخشى فى خالقه لومة لائم، والشيخ كشك رغم اختلافنا مع الكثير من مواقفه وغلو بعض آرائه وسخريته التى كانت تصل إلى حد الشتائم المغلفة على المنبر، لشخصيات مثل أم كلثوم وعبدالحليم كان واحدا من هؤلاء الذين حظيت بهم مصر على فترات زمنية متباعدة، وكان مصيرهم دائما مكانة عالية فى قلوب الناس، ومطاردة مستمرة من السلطة، ومن الشيوخ الذين ارتدوا عباءة السلطان واستحموا بأمواله.
هنا وفى تلك المنطقة الخاصة بالسياسة، وكلمة الحق، والشجاعة ،والقدرة على جذب الناس والتأثير فيهم، كان اسم الشيخ عبدالحميد كشك يلمع كواحد من الخطباء ورجال الدين المشهود لهم بالنزاهة، وقوة الحجة، وحلاوة الصوت والأداء، كان حالة خاصة وكان تقبل الشعب المصرى المعروف عنه وسطيته لشخصيته بكل شوائبها شيئا مدهشا، ولا تفسير له سوى أن الناس فى الشارع صدقت هذا الرجل، وأن الشيخ كشك نفسه سحر الناس بامتلاكه زمام الكلمة، وشجاعته فى استخدامها، فلم يكن من الصعب أن تتقبل بلد تعشق خلط كل ما هو دينى بكل ما هو سياسى شيخا مثل الشيخ كشك، لا تخلو خطبة له من هجوم صريح وواضح على أحد رجال الدولة، لم يكن من الصعب على شعب يمتلئ تاريخه بنماذج مختلفة لرجال دين، أصبحوا أبطالا بالخطب السياسية لا بالفقه ولا الفتوى، أن يمنح الشيخ عبدالحميد كشك كل هذه الشهرة، وكل هذا الانتشار، وكل هذا الاستمرار الذى يتجسد فى حالة الاستدعاء الدائمة لسيرة الشيخ أو خطبه، كلما ظهر أحد المشايخ الجدد وهو يتحدث فى كل شىء إلا ماله علاقة بأمور الحكم والسياسة، أوكلما ظهر أحد مشايخ السلف ليتلو آيات المبايعة وطاعة ولى الأمر على شعب مكوى بنار مسئوليه وحكامه، أو كلما شاهدوا إحدى العمائم الأزهرية وهى تشدو شعرا فى وجه الحكام، بدلا من كلمة الحق التى يجب أن تقال فى وجه كل جائر.
جزء كبير مماحصده الشيخ عبد الحميد كشك من شهرة وحب، يعود إلى تلك النقطة، إلى عشق المصريين للسياسة، وافتتانهم بكل جرىء وشجاع، فمابالك والشيخ كشك صرخ واعتقل فى زمن الستينيات، حيث كانت الوشوشة فيه كافية بأن تذهب بصاحبها وبالأذن التى سمعته إلى ماوراء الشمس، وهو ما حدث مع الشيخ كشك مرتين، الأولى كانت عام 1965، وظل بالمعتقل لمدة عامين ونصف العام، تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبوزعبل والقلعة والسجن الحربى، وتعرض لتعذيب قاس، ولكنه رغم كل ذلك خرج من السجن ليعود إلى وظيفته كإمام لمسجد عين الحياة، على عكس ما حدث فى المرة الثانية التى اعتقل فيها ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، وتم الإفراج عنه فى عهد الرئيس مبارك، ليجلس فى بيته مجبرا فى إشارة لا معنى لها سوى أن خصومة زمن عبدالناصر والسادات كانت من نوع آخر يدل على قوة الدولة، وعدم خوفها من داعية أو شيخ، على عكس ماحدث فى عصر الرئيس مبارك ومازال يحدث الآن مع شيوخ ودعاة مثل وجدى غنيم، وعمرو خالد، وعمر عبدالكافى، ويوسف القرضاوى.
وللإنصاف لا يمكن أن نحصر ما جمعه الشيخ كشك من شهرة وانتشار فى خانة السياسة فقط، فالرجل جمع أغلب المميزات التى يريدها المصريون أو العرب والمسلمون عموما فى رجال الدين.. أولها كارت المرور الأزهرى الذى كان يفتح أبواب الاطمئنان فى قلب كل مسلم، فهو خريج كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وهو الطالب المتميز الذى يحصل على المركز الأول طوال سنوات الدراسة، والذى عين معيداً بكلية أصول الدين عام 1957، ولكنه فضل الخطابة والدعوة والدراسة ولبى نداء المنبر فعمل إماماً وخطيباً بمسجد الطحان بمنطقة الشرابية بالقاهرة، ثم انتقل إلى مسجد منوفى بنفس المنطقة، وفى عام 1962 تولى الإمامة والخطابة بمسجد عين الحياة، بشارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة. وظل فى هذا المسجد حوالى 20 عاما، ليبدأ انتشاره الشعبى عام 1972 بخطب مكثفة، ساهمت بصورة واسعة فى حضور حشود هائلة من المصلين، ليأتى عام 1976 كسنة فاصلة فى تاريخ الشيخ كشك، حيث بدأ فى تلك السنة حالة الاشتباك السياسى والاصطدام بالسلطة، خاصة بعد معاهدة كامب ديفيد، وبدأت خطبه تتهم الحكومة بخيانة الإسلام، وتستعرض صور الفساد فى مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة.
وما بين شجاعته وعلمه، بقيت تفاصيل حياتية صغيرة شاركت فى صياغة تلك الأسطورة التى تحمل اسم الشيخ كشك، فقد كان الرجل نموذجا آخر لرجل الدين الذى إذا حاولت أن تضع الشيوخ المنتشرين على الساحة فى مقارنة معه، لأصبت بوجع الخسارة، وحسرة ما نعانيه الآن مع هؤلاء الذين استحلوا التجارة بالدين الإسلامى، إما كسبا للشهرة أو للمال، فلا يمكن بأى حال من الأحوال مهما كانت درجة اختلافك مع الشيخ كشك ومنهجه الفكرى والدينى، أن تضع اسمه فى قائمة واحدة مع مشايخ هذا العصر، ففى الوقت الذى ينهل فيه دعاة الفضائيات من خير الفتاوى التى تصب فى مصلحة المسئولين، كان الشيخ كشك حازما وصارما وواضحا فى التعامل مع أهل الحكم، فلم ينج منه الرؤساء الثلاثة عبدالناصر والسادات ومبارك، ومن معهم من مسئولين خذلوا الناس، أو سقطوا فى شرك الفساد، وفى الوقت الذى يهرول فيه دعاة هذا العصر نحو الخليج أرضا وفضائيات، تحمل الشيخ كشك مصيبته فى بصره وفقره، واجتهد وارتقى أفضل المنابر علميا، ولما جاءته أموال الخليج تطلب منه الرحيل عن مصر، رفض أن يسافر، وكان حازما حينما قال إن الخروج من مصر وترك الدعوة فيها يشبه التولى يوم الزحف، وعاش بدخله البسيط رغم أسرته الكبيرة التى تكونت من سبعة أولاد غيره وغير الزوجة، حتى بعد أن أصبح ممنوعا من الخطابة، رفض عرض وزير الأوقاف بالعودة إلى المنبر بشروط كان أغلبها يتعلق بالبعد عن السياسة، والتركيز فى خطب الإسراء والمعراج وكيفية الوضوء، رفض قائلا: «لا أصعد منبر رسول الله إلا بما يرضى الله، وما اشترطه رسول الله».
بخلاف ذلك نجح الشيخ كشك فى تحقيق حالة واسعة من الانتشار فى مختلف بلدان العالم الإسلامى، بداية من مصر والدول العربية ومرورا بمسلمى أوروبا والمسلمين فى إندونيسيا والجمهوريات الإسلامية التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى وماليزيا وغيرها من بلدان آسيا، فى زمن لم يكن فيه فضائيات ولا رجال أعمال، ينفقون على الدعاة مقابل الظهور بجوارهم على شاشات التليفزيون أو صفحات الجرائد، لدرجة أن كتابا يحمل اسم «النبى والفرعون» الصادر 1984 وعن مكتبة مدبولى سنة 1988 لمؤلف أوروبى اسمه «جيلز كيبل» تمت ترجمته إلى العربية على يد أحمد خضر، ورد به فصل كامل من عشرين صفحة عن الشيخ كشك، يتحدث عن هذا الانتشار الرهيب الذى حققه الشيخ فى الدول الإسلامية المختلفة ومما جاء فيه: (إنهم يستمعون لكشك فى القاهرة, وفى الدار البيضاء, وفى مارسيليا, فهو نجم الدعوة الإسلامية. وقد كان لكشك بالطبع مقلدوه, ولكن لم يتوافر لأحدهم أحباله الصوتية التى لا تُضاهَى, أو ثقافته الإسلامية الواسعة, وقدرته غير العادية على الارتجال, وروحه الجسور فى نقده للأنظمة, والديكتاتورية العسكرية, ولمعاهدة السلام مع إسرائيل, ولتواطؤ الأزهر).
الأسلوب وبراعة الصوت ومهارة استخدام النكتة واستحضار الإفيه وجودة اختيار الموضوع وربط الأشياء ببعضها، وخلط ماهو دينى بما هو سياسى وما هو تاريخى ببراعة.. أشياء كان لها الأثر الأكبر ولا يمكن تجاهلها كأحد أهم أسباب شعبية الشيخ عبدالحميد كشك واستمرارها حتى الآن، فالرجل هو أستاذ الخطابة بلا منازع، فمن يستطيع أن ينسى صوته وهو يجلجل بكلمته الاستهلالية الشهير (أما بعد فيا حماة الدين وحراس العقيدة.. صلى عليك ربى وسلم يا علم الهدى ما هبت النسائم وناحت على الأيك الحمائم.. ومن هنا وما أدراك ما هنا، هنا مدرسة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم).
كان للشيخ كشك بصمة واضحة فى مجال الخطابة، بصمة جعلت من أسلوبه مدرسة حاول كثيرون تقليدها ففشلوا، ويمكنك أن تراجع خطب شيوخ مثل وجدى غنيم، ومسعد أنور والشيخ محمد حسين يعقوب لتدرك ذلك على الفور، لم يستطع أحد فيهم أن يقترب من أسلوب الشيخ كشك الذى كان ينطلق فى خطبه مستخدما آيات القرآن الكريم، والحديث الشريف، مع قدرة غير عادية على التمثيل والاستشهاد بهما دون افتعال، مع براعة وسرعة فى استدعاء الشواهد الشعرية من التراث والشعر الحديث والأمثال والحكم لتدعيم آرائه وتنويع تشبيهاته، بالإضافة إلى إمكانية واضحة على استخدام التاريخ والفقه والعلوم الاجتماعية لتدعيم أطروحاته، وبناء خطوط هجومية لا تعتمد فقط على الآيات والأحاديث، كان يدمج كل ذلك بمهارة، ويلقيه على مسامع الناس مستخدما أحبالا صوتية قادرة على التنوع والتلاعب بالأحسايس والمشاعر والألفاظ دون أن تحرم الجاهل حق الاستمتاع والتعلم.
كان يفعل كل ذلك مستندا إلى عدة أشياء يمكن تلخيصها فى التالى:
1 - موهبة لا يمكن لأحد أن ينكرها أو ينكر فضلها على الشيخ كشك، فلقد أثبتت التجارب أن كل خريج أزهر ليس بالضرورة خطيبا جيدا.
2 - الكوميديا والنكتة.. وتلك النقطة تحديدا لها الفضل الأول فى تحقيق هذا الانتشار الشعبى للشيخ كشك، فنحن شعب يعشق النكتة والسخرية والشيخ كشك لم يحرم المصريين من ذلك، وملأ خطبه بكثير من القفشات والنكت التى وصل بعضها إلى حد الاستهزاء غير المقبول، وتعرض الشيخ كشك للنقد كثيرا بسببها، ففى إحدى خطبه قال: (كنا نبحث عن إمامٍ عادل قام طِلِعْلِنا عادل إمام) وفى خطبة أخرى قال عن أم كلثوم: امرأة فى السبعين من عمرها وتقول:خدنى لحنانك خدنى.. ياشيخه خدك ربنا، وقال عن عبدالحليم حافظ: هذا العندليب الأسود عندنا ظهرت له معجزتان، الأولى أنه يمسك الهوى بإيديه، والتانية أنه يتنفس تحت الماء.
وفى إحدى خطبه كان يتكلم عما يتعرض له من مضايقات أمنية فقال: (كان بيحقق معاى ضابط جديد، فقال لى: ما اسمك، فقلت: عبدالحميد كشك، فقالى: بتشتغل إيه، فقلت له مساعد طيار) ولكى يكتمل لك الإفيه فى النكتة السابقة لابد أن تتذكر أن الشيخ كشك كان أعمى.!
3 - عدم تجاهل الأحداث.. الشيخ كشك كان نموذجا متفردا فى ذلك، فهو ليس كهؤلاء المشايخ الذين يصيبونك بالملل، وتجدهم يحدثونك عن الحيض وبأى رجل يدخل المسلم الحمام، وهل كانت النملة التى تحدثت مع سيدنا سليمان ذكرا أم أنثى، على عكس الشيخ كشك الذى كان يهتم بالحدث الذى يعيشه الناس، ولا تنتهى خطبته دون أن تشارك الناس همومهم.
4 - استغلال صوته.. راجع خطب كشك وستعرف أنك أمام مطرب يلحن كلمات خطبته بصوته، فيجذب الناس بنبرات صوته التى تتنقل ما بين الحماسة والهدوء والترغيب والترهيب والنعومة والخشونة.
5 - الشجاعة.. وكأنه كان يفهم عقل المواطن المصرى، أجاد الشيخ كشك اللعب على ذلك الوتر ببراعة شديدة، وكان يداعب مشاعر المصريين المحبة للسياسة فى كل خطبة بهجمة سياسية هنا وغمزة أمنية هناك، ففى إحدى خطبه قال ساخرا من أسماء رؤساء مصر: (حسنى مبارك، حيث لا حسن ولا بركة، أنور السادات حيث لا نور ولا سيادة) وفى خطبة أخرى كان المسجد فيها مزدحما قال: (إخونّا بتوع المباحث فى الصف الأول يتقدموا علشان إخوانهم المصلين فى الخارج) وفى خطبة أخرى قال: (اللهم صلى على الصف الثانى، والثالث، والرابع فقيل له: والصف الأول يا شيخ، فقال: ده كله مباحث يا اخونّا).
أشياء كثيرة جعلت من الشيخ كشك خطيبا مميزا، ربما تكون الخمسة السابق ذكرها أهمها، ولكن يتبقى شىء أخير ربما يكون هو أكثر الأشياء التى جعلت من الشيخ كشك أسطورة شعبية كاملة، تستدعيها الذاكرة المصرية بلا ملل، وهى الطريقة التى توفى بها الشيخ فى السادس من ديسمبر سنة 1996،حيث جاءت الوفاة بالشكل الذى يعتبره المسلمون فى كل أنحاء الأرض حسن الخاتمة الذى يمنحه الله لأحبائه ومخلصيه فقط.
توضأ الشيخ كشك فى بيته لصلاة الجمعة وكعادته، كان يتنفل بركعات قبل الذهاب إلى المسجد، فدخل الصلاة وصلى ركعته الأولى، وفى الركعة الثانية سجد السجدة الأولى وانتهى منها، ثم سجد السجدة الثانية وفيها توفى.. ويمكنك وأنت مغمض العينين أن تؤكد أن وفاة الشيخ كشك بهذه الطريقة منحته صدقا أبديا فى قلوب الناس، لأنه من الصعب لدى المسلمين أن تشكك لهم فى نية أحد مات وهو ساجد لله رب العالمين.
رحم الله الشيخ عبدالحميد كشك، الذى لم يشفع له علمه لدى الدولة، لأن تنعيه بأكثر من سطر فى صفحة الوفيات بجريدة الأهرام، نشر بعد الوفاة بيومين، وكان الله فى عون الشعب المصرى الذى فقد آخر شيوخ السياسة منذ 13 عاما ومازال حتى الآن يبحث عن رجل دين من أولئك الذين لا يخشون فى الله والحق لومة لائم!