[]«كانوا الأكثر قدرة على اصطياد صدام حسين، لمعرفتهم الدقيقة بتضاريس العراق وثقة صدام بهم أكثر من ثقته بضباط العشائر» هكذا تحدثت وثائق أمريكية نشرتها دراسات مركز البحوث السياسية والعسكرية فى واشنطن عن الدور المزعوم لبعض ضباط الأمن المصريين السابقين فى محاولة اغتيال الرئيس العراقى السابق صدام حسين.
المصادر الأمريكية لم تشر إلى أسمائهم صراحة لكنها تحدثت عن دوافع الحاجة إلى المال التى دفعت هؤلاء إلى العمل بالعراق والذى استفاد من خبراتهم الأمنية السابقة. فى فترة ازدهار العلاقات المصرية العراقية قبل غزو الكويت عام 1990، وقد ظل هؤلاء بعد الغزو ولم يعودوا إلى القاهرة.
هذه الوثائق التى تكشف للمرة الأولى تتحدث عن عدد هائل من الجواسيس من مختلف الجنسيات تورطوا فى مهام داخل العراق قبل الغزو وكان منهم هؤلاء المصريون الذين هاجروا إلى بغداد بعد أن تركوا مواقع السلطة فى مصر.
الخبير الأمنى العراقى د.معتز محيى الدين القيسى أستاذ العلوم الأمنية بالجامعة المستنصرية ورئيس المركز الجمهورى للدراسات الأمنية ببغداد قال لـ«اليوم السابع» إن هناك بعض ضباط الأمن المصريين السابقين التحقوا بعد تقاعدهم المبكر من وزارة الداخلية المصرية للعمل كمستشارين فى وزارة الداخلية العراقية، وبعض المؤسسات الأمنية. لكنه نفى أن تكون أى جهة قد جندتهم لاغتيال صدام حسين. مبررا ذلك بأنهم كانوا بعيدين تماما عن مناطق صنع القرار. فضلا عن أنه لم تكن لهم مصلحة فى اغتياله، حتى لو توافرت الإغراءات فإن ما رأوه من قسوة التعامل مع محاولات الاغتيال التى قام بها ضباط عراقيون تجعلهم ينأون بأنفسهم عن الوقوع فى أى شرك أو مخطط مثل هذا مهما كان المقابل والضغوطات المادية والنفسية.
د.القيسى أشار إلى أن محاولات اغتيال صدام كانت من داخل النظام السابق نفسه وبدعم معلوماتى وتمويل وتسليح من أطراف خارجية مثل الولايات المتحدة وإيران وبعض الدول العربية. وكلها محاولات فاشلة ومن أشهرها ماقام به فاضل البراك رئيس المخابرات العراقية السابق وبعض الضباط العراقيين لاغتيال صدام وكذلك ثبوت قيام فرق التفتيش الدولية على الأسلحة العراقية وأثناء زياراتهم المتعددة لقصور صدام الرئاسية بأنهم حاولوا الوصول إلى مكان اختبائه خلال فترة الحصار الدولى فى التسعينيات وحتى ما قبل الغزو الأمريكى البريطانى فى عام 2003، وهناك محاولات أخرى قامت به حركة الضباط العراقيين من عشيرة الجبور، وقد استطاعت المخابرات الحربية والعامة العراقيتين اكتشافهم وتم إعدامهم رميا بالرصاص دون محاكمة.
أما الخبير الاستراتيجى اللواء سامح سيف اليزل فقد نفى أى معلومات أو تسريبات من جهة غربية عن مشاركة ضباط أمن مصريين سابقين فى محاولة اغتيال صدام، بل اتهم اليزل جهات أجنبية بالسعى لتشويه سمعة مصر والتشكيك فى أبنائها.
اليزل أوضح لـ«اليوم السابع» أنه فى حدود علمه ومعلوماته لم يعمل أى ضابط سابق فى العراق فى تلك الفترة، ولكن ربما يكون هناك مدنيون أو أصحاب نفوس ضعيفة، لكنه استبعد تماما مشاركتهم فى أى عمليات من هذا النوع. متسائلا عن الهدف من من تلك الأكاذيب وتوقيتها وهل يرتبط ذلك بمحاولات بعض الأطراف المعادية محاولة صرف الأنظار عما تقوم به مصر من دور إقليمى ودولى، مشددا على ابتعاد المصريين خصوصا فى تلك المواقع ومهما كانت الإغراءات عن الزج بهم فى مثل هذه الأعمال الغير شريفة.
وتكشف وثائق أرشيف الأمن القومى الأمريكى التى كشف عن بعضها بموجب قانون حرية تداول المعلومات فى عهد أوباما أن إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش كانت صريحة فى التعبير عن هدفها بالتخلص من صدام. حيث قال آرى فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض «إن سعر رصاصة واحدة سيكون أقل، إذا قام العراقيون بتحقيق ذلك الهدف بأنفسهم». وأثار هذا التصريح جدلاً حول تبنى الإدارة الأمريكية لسياسة الاغتيال. وحسب التقديرات الأمريكية، فإن تكاليف تحقيق هذا الهدف 9 مليارات دولار شهريا أنفقت على الحرب ضد العراق. لكن الرصاصة ثمنها أقل من دولار واحد فقط.
لقد كان هناك ممن سبقوا بوش وحاولوا التخلص بدون جدوى من صدام، إذ إن القائمة الرسمية الأمريكية فى وثائق الأرشيف القومى تشير إلى أن هناك ما يقل عن تسع محاولات اغتيال وانقلاب عسكرى ضده، لكن الرئيس العراقى تمكن من النجاة منها وتعلم منها دروسا. ونُقل عنه أنه قال لأحد شيوخ العشائر قبل عدة عقود لمنعه من السعى للانتقام من عملية قتل قام بها أفراد من عائلة صدام «عليك أن تنتظر فى طابور طويل كى تقتلنى. هناك آلاف قبلك يريدون قتل صدام حسين».[/color][/size]