توفي شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أثناء مغادرته الرياض في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، إثر أزمة قلبية حادة فاجأته أثناء استعداده للسفر في قاعة كبار الزوار. وأمر الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، بنقله فورا بطائرة إخلاء طبي إلى مستشفى القوات المسلحة «العسكري» في الرياض، حيث حاول الفريق الطبي المعالج إنقاذه.
وكان شيخ الأزهر قد هم بالصعود للطائرة، وتوجه بالفعل إلى البوابة 25، قبل أن تفاجئه الأزمة، حيث كان في وداعه نائب السفير المصري لدى السعودية أسامة خليل، ومندوب عن المراسم السعودية ومؤسسة الملك فيصل الخيرية.
وقال السفير محمود محمد عوف، سفير مصر لدى السعودية الذي كان قد ودع الشيخ طنطاوي في فندق الفيصلية عند منتصف الليل قبل سفره بساعات وانتقل إلى المستشفى العسكري فور علمه بنبأ الوفاة «سيتم اتخاذ الإجراءات الخاصة بترتيب دفن الجثمان في المدينة المنورة بمقابر البقيع».
وكان الشيخ طنطاوي قد وصل إلى العاصمة السعودية الرياض عصر الثلاثاء الماضي لحضور حفل توزيع جائزة الملك فيصل العالمية الذي تم مساء اليوم نفسه.
وروى أسامة خليل، نائب السفير المصري، قصة آخر 30 دقيقة في حياة الشيخ طنطاوي، حيث اصطحبه من فندق الفيصلية حيث كان يقيم في الجناح الرئاسي رقم 620، إلى مطار الملك خالد الدولي، مبينا أن شيخ الأزهر كان نشطا كعادته بعد صلاة الفجر، وتحدث معه بشكل متواصل في عدة موضوعات سياسية والوضع في المنطقة، وعن جائزة الملك فيصل العالمية وأهميتها، مشيرا إلى أنه بدأ الحديث عن رسالته للدكتوراه، معبرا عن استيائه لما يحدث للإخوة الفلسطينيين ومعاناتهم في ظل التعنت الإسرائيلي، وحزنه للانقسام الفلسطيني - الفلسطيني.
وانتقل للحديث عن جائزة الملك فيصل العالمية وأهميتها، وسعادته بوجود مثل هذه الجائزة العربية والإسلامية، معتبرا أنها مشروع حضاري وثقافي مميز. وفي الحديث تطرق إلى اختياره موعد هذه الطائرة بشكل دائم عندما يأتي إلى الرياض لأنها تصل القاهرة في موعد مناسب للذهاب إلى مكتبه. كما تحدث الدكتور عبد الله التطاوي، المستشار الثقافي والتعليمي المصري في الرياض، عن لقائه الأخير في حفل الجائزة مع الشيخ سيد طنطاوي، بحضور السفير محمد عوف ورجل الأعمال المصري محمد أبو العينين، بعد انتهاء الحفل، مشيرا إلى أن السفير محمود عوف وجه له الدعوة لزيارة المكتب الثقافي المصري الجديد وإلقاء محاضرة فيه، ووعد بذلك في الزيارة القادمة للسعودية حيث إن تلك الزيارة كانت قصيرة وكان لديه ارتباطات في القاهرة أمس الأربعاء.
وروى حسين حتاتة، نائب الرئيس لشركة «الخزامى» لقطاع الفنادق، التابعة لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، والذي يعد أكثر شخص مصري تقابل مع الشيخ طنطاوي في الرياض منذ توليه منصبه، أن السفير المصري محمود عوف كان في مقدمة مستقبليه عند وصوله، حيث استقبله في مطار الملك خالد بالرياض عند الساعة الثالثة والنصف مساء الثلاثاء، واصطحبه بعد مغادرة السفير إلى فندق الفيصلية، ثم استراح نحو 4 ساعات ورفض تناول الغداء، وقال إنه تناول في الطائرة وجبة كاملة. واصطحبه حتاتة مرة ثانية إلى قاعة الأمير سلطان الكبرى بعد صلاة العشاء لحضور حفل الجائزة.
وقال «الشيخ منذ وصوله الرياض طلب هاتف الدكتور عائض القرني ليشكره على مقاله بعنوان (هنا القاهرة)، وقال الشيخ إنه من أجمل المقالات التي اطلع عليها، وواجب أن يشكر الدكتور عائض عليه». وأضاف أن حديثه في طريق المطار إلى الفندق تطرق إلى الإشادة بجامعة الأميرة نورة ووصفها بالمشروع التعليمي المهم، وقال «هذا البلد تظهر فيه الفضائل».
وقال حتاتة، الذي كان اشترى ملابس الإحرام له قبل منتصف الليل «دعاه رجل الأعمال محمد أبو العينين أن يصطحبه معه بطائرته الخاصة إلى جدة وأداء العمرة، فاعتذر لارتباطاته في القاهرة»، مشيرا إلى أنه كان يتفاءل بهذه الرحلة الصباحية التي تناسب بداية عمله في القاهرة صباحا.
وقال حتاتة إنه قبل أن يذهب للنوم سلم على جميع العاملين في الفندق، والتقطت له مع البعض صور التذكارية، وكانت آخر صورة تذكارية له مع السفير محمد عوف ورجل الأعمال محمد أبو العينين وحتاتة، وطلب من السفير ألا يرافقه للمطار لأن الرحلة مبكرة، كما رفض أن يصطحبه أحد إلى جناحه الذي يقيم فيه.
وحول عاداته في السفر قال حتاتة إن شيخ الأزهر يحضر ومعه شنطة صغيرة بها ملابسه فقط، ولا يزيد وزنها على 12 كيلوغراما. وإنه «كان لا يحب الشراء، وليست له طلبات خاصة، فقط يطلب أن نطمئن مكتبه بالسفر وساعة الوصول إلى القاهرة، وأيضا نطمئن أسرته بأنه وصل الرياض».