العمر : 70عدد الرسائل : 717تاريخ التسجيل : 08/08/2009
موضوع: حفظ اللســان 30/3/2010, 8:58 am
حفظ اللســان
إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب جملةعظيمة قالها لقمان عليه السلام لابنه وهو يعظه، ولا شك أنها وصية عظيمة جليلة لوعمل بها الناس لاستراحوا وأراحوا، ألا ترى أن اللسان على صغره عظيم الخطر، فلا ينجومن شرِّ اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، فيكفه عن كل ما يخشى عاقبته في الدنياوالآخرة. أما من أطلق عذبة اللسان، وأهمله مرخيَ العنان، سلك به الشيطان في كلميدان، وساقه إلى شفا جرف هارٍ، أن يضطره إلى دار البوار، ولا يكب الناس في النارعلى مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
فعن معاذ رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلىاللّه عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول اللّه أخبرنيبعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: (لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على منيسره اللّه عليه: تعبد اللّه ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصومرمضان، وتحج البيت)، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئالخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال: ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} السجدة:16، حتى بلغ (يعملون) ثم قال: ألا أخبركم برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه: قلت: بلى يا رسول اللّهقال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبركبملاك ذلك كله، قلت بلى يا رسول اللّه، قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي اللّه وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبالناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم)
أحـفظ لسـانك أيهـــا الإنســان لا يلــــــدغنك إنــهثعبــــان كم في المقابر مـن قتيل لسانه كانت تخاف لقاءهالشجعان
أطايبُ الكلام تُورث سكنى أعالي الجنان: عن رسول الله صلى الله عليهوسلم: (إن في الجنة غُرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطُنها من ظاهرها، أعدَّها اللهتعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، صلَّى بالليل والناسُنيام) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أطِب الكلام، وأفشِ السلام، وصِل الأرحام، وصلِّ بالليل والناس نيام، ثم ادخلالجنة بسلام) ومما يدل على عظم خطورة اللسان قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجلليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتُبُ الله لهبها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظنُّأن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه).
وعن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله! حدِّثني بأمرٍ أعتصم به، قال: (قل: ربيالله ثم استقم) قلت: يا رسول الله! ما أخوفُ ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه ثمقال: (هذا) ومن حفظ اللسان طول الصمت إلا عن خير: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم: (عليك بُحسن الخلُق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده، ما تجمَّل الخلائقبمثلهما) وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي المسلمينأفضل؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده(
وعن عبد الله بن عمرو بن العاصرضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون منلسانه ويده) وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلىالله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: (الصلاة على ميقاتها) قلت: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: (أن يسلم المسلمون من لسانك).
وعن البراءبن عازب رضي الله عنه قال: جاء أعرابيٌُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! علِّمني عملاً يدخلني الجنة. قال: (إن كنت أقصرتَ الخُطبة لقد أعرضتالمسألة، اعتقِ النسمة، وفُكَّ الرقبة، فإن لم تُطِق ذلك، فأطعم الجائع، واسقِالظمآن، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم تُطق ذلك، فكُفَّ لسانك إلا عنخير). وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله! ما النجاة؟ قال: (أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك(. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (لا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبُهحتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جارُه بوائقه). وعن معاذ بن جبل رضيالله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تزال سالمًا ما سكتَّ،فإذا تكلَّمت كُتِبَ لك أو عليك). وعن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوصني. قال: (اعبدالله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وإن شئت أنبأتك بما هو أملك بك من هذا كله (قال: (هذا) وأشار بيده إلى لسانه صلى الله عليه وسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضيالله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاءكلها تُكفِّر اللسان؛ فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإناعوججت اعوججنا(. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يضمنُ لي ما بينلحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة(.
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال صلىالله عليه وسلم: (ليس شيء من الجسد إلا يشكو ذرَب اللسان على حدَّته). وصح عنعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (والذي لا إله غيره؛ ما على ظهر الأرض منشيء أحوج إلى طول سجنٍ من لسان). وعن أسلم أن عمر رضي الله عنه دخل يومًا علىأبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه، فقال عمر: مَه، غفر الله لك. فقال لهأبو بكر: إن هذا أوْردني شرَّ الموارد
أقسامالكلام: ويدلك على فضل الصمت أمرٌ، وهو أن الكلامأربعة أقسام:
1. قسم هو ضررٌ محض.
2. وقسم هو نفع محض.
3. وقسم هوضررٌ ومنفعة.
4. قسم ليس فيه ضررٌ ولا منفعة.
أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعةلا تفي بالضرر وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فُضُول، والاشتغال به تضييع زمان،وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع؛ فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقيرُبع، وهذا الربع فيه خطر، إذ يمتزجُ بما فيه إثم، من دقيق الرياء والتصنُّعوالغيبة وتزكية النفس، وفضول الكلام، امتزاجًا يخفى دركُه، فيكون الإنسان به مخاطرًا ومن عرف دقائق آفات اللسان، علم قطعًا أن ما ذكره صلى الله عليهوسلم هو فصلُ الخطاب، حيث قال: (من صمت نجا). فلقد أوتي والله جواهر الحكم، وجوامعالكلم، ولا يعرف ما تحت آحاد كلماته من بحار المعاني إلا خواصُّ العلماء تعلمواالصمت كما تعلمه الأسلاف: قال مورّق العجْلي رحمه الله: تعلمت الصمتَ في عشر سنين،وما قلتُ شيئًا قط -إذا غضبتُ- أندمُ عليه إذا زال غضبي إبراهيم بن أدهم: قال أبوإسحاق الفزراي: كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يطيل السكوت، فإذا تكلم ربَّماانبسط. قال: فأطال ذات يومٍ السكوت، فقلتُ: لو تكلَّمتَ؟ فقال: الكلام على أربعةوُجوه: فمن الكلام كلامٌ ترجو منفعته، وتخشى عاقبته، والفضل في هذا: السلامة منه. ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته، فأقلُّ ما لك في تركه خِفَّةالمؤنة على بدنك ولسانك. ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته وتأمن عاقبته، فهذا قد كفيالعاقل مؤنته. ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته، فهذا الذي يجب عليك نشره. قال خلف بن تميم: فقلتُ لأبي إسحاق: أراهُ قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام؟ قال: نعم
عن أم حبيب زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمرٌ بالمعروف، أو نهي عن منكر،أو ذكر الله".
الصمـت زيـن والسـكوت سـلامةفإذا نطقتفلا تكــن مكثـاراً فـإذا نـدمت على سـكوتك مـرةفلتندمـن على الكلام مـــراراً
وقال محمد بن النضر الحارثي: كان يقال: كثرة الكلام تذهب بالوقاروقال محارب: صحبنا القاسم بن عبد الرحمن، فغلبنا بطول الصمت، وسخاء النفس، وكثرةالصلاة وعن الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يجلسون فأطولهم سكوتًا أفضلهم في أنفسهم. وقال فضيل بن عياض رحمه الله: ما حجٌّ ولا رباطٌ ولا اجتهاد أشد من حبس اللسان، ولوأصبحت يُهمُّك لسانُك أصبحتَ في غمٍّ شديد وقال رحمه الله: سجن اللسان سجن المؤمن،وليس أحد أشدَّ غمًّا ممن سجن لسانه وعن عمر بن عبد العزيز قال: إذا رأيتم الرجليُطيل الصمت ويهرب من الناس، فاقتربوا منه؛ فإنه يُلَقَّن الحكمة وقال رجل لعبدالله بن المبارك رحمه الله: ربما أردتُ أن أتكلَّمَ بكلام حسن، أو أُحدِّث بحديثفأسكتُ، أريد أن أُعوِّد نفس السكوت. قال: تُؤجَرُ في ذلك وتشرُف به.
وقالعبد الله بن أبي زكريا: عالجتُ الصمت عشرين سنة، فلم أقدر منه على ما أريد وعن مسلمبن زياد قال: كان عبد الله بن أبي زكريا لا يكاد أن يتكلَّم حتى يُسأل، وكان منأبشِّ الناس وأكثرهم تبسُّمًا وقال خارجة بن مصعب: صحبت ابن عون ثنتي عشرة سنة، فمارأيته تكلّم بكلمة كتبها عليه الكرامُ الكاتبون قال محمد بن واسع لمالك بن دينار: يا أبا يحيى، حفظ اللسان أشدُّ على الناس من حفظ الدينار والدرهم ترك الكلام فيمالا يعني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منحسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه) وقال الأوزاعي: كتب إلينا عمر بن عبد العزيزرحمه الله: أما بعد: فإن من أكثر ذكر الموت، رضي من الدنيا باليسير، ومن عدَّ كلامهمن عمله قلَّ كلامُه إلا فيما يعنيه.
وقال عطاء بن أبي رباح لمحمد بن سُوقةوجماعة: يا بني أخي، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضولالكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه أو تأمر بمعروف، أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتكفي معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ) الانفطار:10، 11، (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِقَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق:17، 18 .أمَا يستحي أحدكم أنه لو نشرت عليه صحيفته التي أملى صدر نهاره، كان أكثر ما فيها،ليس من أمر دينه، ولا دُنياه. وقد مر بنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلمالذي رواه عنه بلال بن الحارث: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله....)الحديث. وكان علقمة يقول: كم من كلام منعنيه حديث بلال بن الحارث رضي اللهعنه. وعن الحسن قال: يا ابن آدم، بُسطت لك صحيفة، ووُكِّل بك ملكان كريمانيكتبان عمَلك، فأكثر ما شئت أو أقلَّوكان رحمه الله يقول: من كثر ماله كثرتذُنُوبه، ومن كثر كلامه كثر كَذِبُه، ومن ساء خلُقه عذَّب نفسه وكان طاووس يعتذر منطول السكوت، ويقول: إني جرَّبتُ لساني فوجدته لئيمًا راضعًا، واللئيم الراضع هوالخسيس الذي إذا نزل به الضيف رضع بفيه شاته لئلا يسمعه الضيف فيطلب اللبن، وقالإبراهيم التيمي: المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان كلامه له تكلم، وإلا أمسكعنه.
حماده شحات مشرف سابق
العمر : 42عدد الرسائل : 5680تاريخ التسجيل : 10/08/2009
موضوع: رد: حفظ اللســان 31/3/2010, 8:25 pm
السلام عليكم ورحمة الله اخي الحبيب واستاذنا الفاضل /حماده دياب تقبل منا وافر الاحترام والتقدير وبارك الله لنا فيكم ودائما للامام بأمر الله وسلمت يداك علي هذا الطرح الرائع وتقبل مروري