: " لو كانت الدنيا تساوى عند الله جناح بعوضة - جناح ذبابة - ما سقى كافرا منها شربة ماء " .. الدنيا حقيرة عند الله أعطاها للكافر والمؤمن على السواء لو
كانت الدنيا تساوى عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء .. لذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يوصى أصحابه بعدم الركون والطمأنينة إلى هذه الدار كما أوصى بذلك عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما - كما فى صحيح البخارى : " كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل .." وكان ابن عمر - رضى الله عنه - يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك .. إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنة .. نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحى
وطنا .. جعلوها لُجَّة واتخذوا صالحَ الأعمالِ فيها سفنا .. فالفطناء العقلاء الأذكياء هم الذين عرفوا حقيقة
الدار فحرثوها وزرعوها ، وفى الآخرة هنالك الثمار ، فالذم الوارد فى الدنيا فى القرآن والسنة لا يرجع إلى زماننا من ليل أو نهار ، فلقد جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو لمن أراد شكورا ، فالذم الوارد فى الدنيا فى القرآن والسنة لا يرجع إلى مكانها إلا وهو الأرض ، إذ إن الله جعل الأرض لبنى آدم سكنا ومستقرا ، والذم الوارد فى الدنيا فى القرآن والسنة لا يرجع إلى ما أودعها الله عز وجل من خيرات ، فهذه الخيرات نعم الله على عباده وعلى الناس ، وإنما الذم الوارد فى القرآن والسنة فى الدنيا يرجع إلى كل معصية تُرتكب على ظهرها فى حق ربنا جل وعلا لابد من تأصيل هذه الفهم لا سيما لإخواننا الدعاة وطلاب العلم الذين ربما يغيب عن أذهانهم حقيقة الزهد فى هذه الحياة الدنيا ، فنحن لا نريد أن نقنط أحدا من هذه الحياة ، لا نريد أن نثبت لكل عامل فى هذه الدنيا ولو كان فى الحلال أنه تجاوز فى طريقه عن طريق الأنبياء والصالحين والأولياء كلا كلا بل الدنيا مزرعة الآخرة.