المزيد
شاهد عيان من قلب المجزرة الاسرائيلية
يناير 24th, 2009 كتبها مجلة الجورنالجى - هانى الطاهر نشر في , اخبار, سياسة, مجزرة غزة,
لا يوجد تعليق,
شاهد عيان من قلب المجزرة الاسرائيلية
عاش عشرين يوما يري فيها الموت أمامه وخلفه وفوق رأسه كل لحظة.. رأي بأم عينيه مجازر إسرائيل لإبادة أهالي غزة.. عاش الخراب والدمار.. ورأي الأبرياء العزل والأطفال تمزقهم القنابل أشلاء في الطرقات.. وجاء مرافقا لأحد أقاربه الجرحي للعلاج في مستشفي فلسطين أحد المستشفيات المصرية بمصر الجديدة.. جاء بعد كل ما سمعه عن مصر وقرأه وشاهده عبر الفضائيات ليفاجأ بصورة مغايرة تماما لما يراه علي الفضائيات، فوجئ برعاية طبية علي أكمل وجه، وبحب مصري لم يتوقع درجته.. فوجئ أن المعابر مفتوحة ليل نهار وتستقبل الجرحي والمصابين بأعلي درجة كفاءة وخدمات طبية.
»آخر ساعة« التقته لتسجل معه حوارا كشاهد عيان من قلب غزة ليحكي ويصف ما شاهده وما رآه من حقائق لم تتمكن الصحف والإذاعات العالمية من رصدها لما تقوم به إسرائيل من تعتيم بضرب أجهزتها وكاميرات تصويرها، حتي أنها استطاعت ضرب المركز الإعلامي الذي يعمل به وتدميره بالكامل.
ويؤكد علي بربرية ووحشية إسرائيل وجرائمها باستخدامها أسلحة محرمة دوليا.
هو الصحفي الفلسطيني عبدالله عمر شكشك ابن الشهيدة رويدة شكشك وشقيق الأسير إسماعيل شكشك من سكان مدينة رفح، يعيش بالقرب من الحدود المصرية الفلسطينية.
قبل أن نسأله.. انطلقت الكلمات سريعة علي لسانه:
غزة الآن تحترق احتراقا كاملا.. غزة دخلت فجأة إلي الحرب العالمية الثالثة.. الشهداء يدفنون وبعد لحظات من دفنهم نري قطعا من أجسادهم في الشارع من جراء قصف القبور.. ونحضر هذه القطع مرة أخري لنعيد دفنها.. غزة حزينة.. كل بيت فيها أصبح فيه أكثر من شهيد.. عائلات بأكملها استشهدت.
غزة الآن تحترق.. تعيش بلا ماء ولا كهرباء ولا غاز.. وتستنجد بالعالم العربي والإسلامي عبر بوابة مصر العظيمة.
غزة طوال الوقت في حظر تجول.. شوارعها فارغة من السيارات والمارة، المحلات مغلقة والسوق مغلقة تماما.. هناك شبه انعدام للحياة.. ورغم صور الدمار والمجازر التي تجري ليل نهار فهي في حالة عجيبة من الصمود.. عائلات تعيش في غرفة واحدة، هناك نقص في المواد الغذائية الأساسية وبرغم ذلك أصبح الطبق الذي يشبع شخصا واحدا يكفي خمسة أشخاص.
روح التكافل والإيثار ودرجات الالتقاء الأسري في كل شبر علي أرض غزة.. وإذا انقطعت غزة عن الجغرافيا والتاريخ فمنزل واحد يكفي لاستضافة جميع أسر المشردين والشهداء استضافة كاملة.
لم تفارقني حاستي الصحفية لحظة واحدة خلال عشرين يوما عشتها تحت القصف ووسط برك الدم وأشلاء الشهداء.. كنت أسأل شباب غزة عن أحلامهم فيجيبوني أنهم يحلمون بالزواج من ابنة شهيد.. أما فتيات غزة فأحلامهن تركزت علي الارتباط بشاب فلسطيني مقاوم.. غزة الآن تختلط فيها أسطورة للصمود والمقاومة بصور الحياة التي تنبض عروقها بالكبرياء..
< وكالات الأنباء ذكرت أن قوات الاحتلال تستخدم الأسلحة المحرمة دوليا.. هل رأيت شيئا من ذلك؟
إسرائيل تستخدم جميع الأسلحة الفتاكة.. إنها تخوض حرب إبادة للفلسطينيين.. فهي تستخدم »الدمدم« وهذا الدمدم يدخل جسم الإنسان ويفتت اللحم والعظم، وتستخدم صواريخ مدمرة لها شظايا تدمر مباني وتدمر بجوارها مئات المباني الأخري.. وقد أكد الأطباء أن لهذه الشظايا تأثيرات مدمرة.. فهي تصيب الإنسان بمواد سرطانية ومواد أشعة نووية.. وهناك أعداد كبيرة من الجرحي أصيبت بهذه الشظايا، والمصيبة أن الأخطر لا يستطيع كشفه الآن حيث أن لها تأثيرات خطيرة علي المرأة الحامل ويؤكد ذلك انتشار سرطان الأطفال بشكل مخيف في فلسطين.. إسرائيل تستهدف البشر والحجر.. وتستهدف الشجر هناك قذف لمبني الجامعة الإسلامية وهناك استهداف لمبني وكالة تشغيل اللاجئين، لا تحترم أماكن العبادة وتستهدف مراكز الإيواء التي تضم نساء وأطفالا برغم من أنها تشاهدهم جيدا من خلال تصوير طائراتها، إلا أنها تختلق المبررات.. وتستهدف الصحفيين حتي لا يقوموا بنقل صورة الحقيقة الموجودة بغزة ويراها العالم عبر الفضائيات والصحف والمجلات.
< ماذا عن تجربتك تحت القصف.. وكيف ضربوا المركز الإعلامي الذي تعمل به؟
لقد تم قذف المركز الإعلامي الذي أعمل به بمدينة رفح في وقت لم يكن به أشخاص ولكنهم استهدفوا الأجهزة حتي يكون هناك نقص في أجهزة الكمبيوتر ونقص في الكاميرات.. لقد استهدفوا النساء العجائز والأطفال الصغار والشيوخ الطاعنين في السن.. الدكتور »نزار الرياني« استشهد هو ونساؤه الأربع وأطفاله الخمسة عشر، قبل لحظات من استشهاده كان يري ثلاجة الموتي وكان يقول لبناته وأطفاله ممازحا: كيف يمكن لهذه الثلاجة أن تتسع لجسدي السمين أو الكبير.. قالها مداعبا وبعد لحظات استشهد الدكتور.. هذا الكلام جاء علي لسان إحدي بناته التي أصيبت بقذف صاروخي وهي علي سريرها بمستشفي الشفاء بغزة.
< عبرت معبر رفح مع أحد أقاربك المصابين، ورافقته إلي مستشفي فلسطين بمصر الجديدة.. كيف رأيت المعاملة المصرية؟
حينما دخلنا مصر رأينا صورة مغايرة لما نراه في الفضائيات.. رأينا استقبالا جماهيريا وشعبيا علي بوابة معبر رفح أطفال وشباب ونساء مصر الذين هجموا علينا بالورود والمواد الغذائية الأساسية وبالعصائر والماء استقبلونا استقبال الأبطال، كانوا مجهزين لنا حقائب بها ملابس وحقائب بها أجهزة اتصال مع أهالينا وتعاملوا معنا بشكل فيه كل الاحترام وقدموا لنا وجبات ساخنة بمجرد دخولنا أرض مصر الطيبة.
لقد رأيت بعيني رأسي العائلات المصرية تدخل غرف الجرحي.. كل غرفة بغرفتها، هناك تزاحم شديد من قوافل الخير وكرم مصري أصيل، ظهر في سائق التاكسي وبائع الجرائد وبائع السندوتشات الذي أبي أن يأخذ جنيها واحدا مني.. وللأمانة أنا لم أكن أعرف من قبل أن هذا الشعب يحبنا بكل هذه الدرجة.. عندما طلبنا فقط وحدة دم واحدة أمام مستشفي فلسطين أكثر من ألف شخص يريدون التبرع.. كل هذا له تأثير إيجابي علي مشاعرنا وعواطفنا.
بعض الفضائيات تحرص علي إظهار أن هناك سوء فهم بين الشعب المصري والشعب الفلسطيني.. وفضائيات أخري توجه سهامها إلي الحكومة بالدرجة الأولي.. لكن ما رأيته بأم عيني يختلف تماما عما نراه في الأخبار، المعبر كان مفتوحا لكل الجرحي الفلسطينيين بدون استثناء وطوال الوقت كان المعبر مفتوحا.. كان يستقبل الحالات المصابة.. وأقصي درجات الطواريء كانت
للذكرى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]