وبعد فترة من الارتباك والتردد، اضطرت الحكومة المصرية أثناء الحرب العالمية الأولى إلى منح موظفيها علاوات غلاء معيشة. الطريف أن الحكومة رأت في الوقت نفسه أن تستقطع من الموظف الذي يزيد مرتبه على 15 جنيهاً رُبع المرتب والذي يزيد مرتبه على 50 جنيهاً ثلث مرتبه، ثم قرر قومسيون بلدية الإسكندرية توفير المستخدمين الذين لايزيد مرتب الواحد منهم على 14 جنيهاً في الشهر، بحجة التدابير الاقتصادية. حدث ذلك في وقتٍ كان أكثر موظفي بلدية الإسكندرية يتقاضون فيه راتباً شهرياً يتراوح بين 40 جنيهاً و100 جنيه[8]
المشكلة أنه حتى المعونات التي قررت الحكومة أن تعطيها للبعض ما لبثت أن قطعتها، فعلى سبيل المثال "جعلت محافظة القاهرة للمدعوة فاطمة زهرة وأولادها إعانة يومية قرشان، فلم ينقض إلا وقت قصير بمنحها إياه حتى قطعتها"[9]
الأخطر أن شركات المرافق العامة راحت تضغط على الشعب، فقطعت شركة المياه خدماتها عن الأهالي[10]، وطرد أصحاب المساكن الأهالي منها فافترشوا الأرصفة[11]
ترتب على اشتداد الأزمات الاقتصادية كثرة الجرائم
وإذا ذهب الفقر إلى بلدٍ، قال له الكفر خذني معك
فقد قالت إحدى الصحف: "توالت أخبار الجرائم في أنحاء القطر لدرجة لم يعهد الناس لها مثيلاً، فقد عددنا أمس في إحدى جرائد العاصمة اثنتي عشرة حادثة وقعت في الأرياف والمدن متباينة النوع ما بين قتل وسطو وجرح، واشتد الرعب في بعض القرى خصوصاً في مديرية الشرقية ومدينة الزقازيق نفسها، فقام الأهالي يضعون قضبان الحديد وراء أبوابهم غير مكتفين بالأقفال