هل يتصور أحد أن بعض التخصصات عالية التقنية التى يحتاجها بعض فروع الصناعة المصرية لا يتوفر لها كوادر مصرية؟، ورغم وجود خريجى مدارس صناعية فى المجال نفسه فإنهم غير مؤهلين، ولذلك فإن التعليم الفنى يحتاج إلى خطة قومية قادرة على معالجة مشاكله المتعددة، خاصة فى التعليم الصناعى.
والواقع أن أهم مشكلات التعليم الفنى هى القصور الواضح فى الجوانب التطبيقية والتكنولوجية، مما يحتم علينا أن نولى عناية خاصة بتطوير المدارس الفنية بأن نوفر لها المعامل والورش، ومعامل الكمبيوتر، وأن نوفر أحدث الأجهزة الفنية، كما يجب ألا تقتصر المدارس الفنية على قبول أقل الطلاب مجموعا، فالاتجاه نحو التعليم الفنى ينبغى أن يعتمد على ميل الشباب للأعمال الفنية.
وبالنسبة للمدارس الصناعية ينبغى أن يتعاقد كل قسم متخصص فى مجال معين مع مصنع من المصانع أو ورشة من الورش التى تقوم بتدريب طلابه فى المجالات الصناعية التى تخص هذا القسم، وقد تقوم هذه المصانع بتعيين العمال المتخرجين المتدربين لديها بعد تخرجهم، وهذا يعنى - وكما هو موجود فى المدارس الفنية فى البلدان المتقدمة - أن يتم إعداد المناهج والدراسات والتطبيقات العملية والامتحانات، مشاركة بين المصانع والمدارس الصناعية لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة فى سوق العمل، كنموذج مدارس مبارك كول فى مصر بعد معالجة بعض سلبياتها.
والواقع أن خريجى المدارس الصناعية فى مصر - بمستوى ونظام تعليمهم الحالى - فى حاجة إلى التدريب على الأعمال التكنولوجية الحديثة قبل التحاقهم بأى عمل، ورغم أنه يوجد فى مصر ما يزيد على ١٢٠٠٠ مركز تدريب، فإنه لا توجد خطة عامة تحكم عملها جميعا، فهناك ٢٦ جهة رسمية تتقاسم المسؤولية عن هذه المراكز مما يشتت عملها، ولا يحقق الأهداف المرجوة من ورائها.
ونحن نرى أنه من المناسب فى ضوء التطورات الحديثة ونظم المدارس الشاملة أن يدرس تلاميذ بعض التخصصات بالمدارس الفنية مواد الفيزياء والكيمياء والأحياء بنفس مستوى دراسة هذه المواد فى الثانوية العامة، كأن يدرس طلبة المدارس الزراعية مادتى الأحياء والكيمياء، ويدرس أيضا طلاب المدارس الصناعية مادتى الفيزياء والكيمياء، لأنها مواد مهمة مؤسسة للتكوين العلمى لطلاب هذه المدارس.
ويرى على محمود شعيب أن المتفوقين من طلاب التعليم الفنى يجب أن يفتح لهم الباب إذا رغبوا فى الدراسة فى الكليات الفنية، أو كليات خدمة المجتمع أو البيئة التى يجب أن يتم إنشاؤها فى كل محافظة أو إقليم على حدة، بحيث تكون مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات تتناسب مع التخصصات الفنية التى تحتاجها سوق العمل،
وأن يتم وضع نظم التعليم ومناهجه فيها حسب نوع الإنتاج المطلوب فى الإقليم أو المحافظة، فعلى سبيل المثال يمكن إنشاء كلية خدمة مجتمع صناعى فى محافظة الغربية حيث تعتبر الصناعة - خاصة صناعة النسيج - من أول اهتمامات هذه المحافظة، بينما يمكن أن تكون هذه الكلية الفنية لخدمة المجتمع الزراعى فى محافظة زراعية كالمنوفية، وتكون هذه الكلية متخصصة فى صناعة الأثاث فى محافظة دمياط، وهكذا.
ولابد لنا أن نستفيد من تجربة الصين فى دفع حركة الصناعة والتكنولوجيا فى شتى المجالات بتلك الدرجة التى أصبحت مدهشة، حتى فرضت الصناعات الصينية نفسها على أعتى دول العالم فى الصناعة، ونافست أكثرها تقدما فى عقر دارها كالولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإنجلترا.