تطالعنا وسائل الإعلام بين اللحظة والأخرى أخباراً عن حال المسلمين والأمة الإسلامية، ويتعجب المرء من تحول هذه الأمة التي كانت تسود وتقود الأمم إلى أمة تُقاد من أعدائها ويُتحكم في كل صغير وكبير يهم هذه الأمة الإسلامية.
وما من مسلمٍ غيور إلا ويجد في نفسه حرقة على حال هذه الأمة، فتجده يفكر في كيفية عودة الأمة الإسلامية إلى حالها وعزها ومكانتها.
ولكن هلا سألنا أنفسنا قبل أن نضع الأسباب، والمعوقات، والحلول، هذا السؤال:
ماذا فعلنا نحن من أجل هذه الأمة الإسلامية ؟
لا يكفي الحديث عن الأسباب والمعوقات، والحلول، بل يجب أن نبدأ العمل ونشمر بجد واجتهاد حتى تعود لنا هذه الأمة عزيزة شامخة.
إن كل مسلم مسئولٌ عن هذه الأمة، الصغار والكبار، الرجال والنساء، الغني والفقير.
كل واحد من هؤلاء عليه عبء النهوض بهذه الأمة.
ولكن كيف يعيد كل واحد منا مجد هذه الأمة ؟
أقول:
أولاً: على المسلم الغيور أن يبدأ بنفسه بالتوبة الصادقة من القلب، بالتوبة من كل ذنب وتقصير، فهاهو نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم، كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة ، فهل هذا يصعب عليك أخي المسلم وأختي المسلمة.
إن الله يفرح بتوبة العبد، فلا تأخر توبتك، بتوبتنا أخي وأختي نبدأ أول خطوة للنهوض بهذه الأمة، فهيا بنا نبدأ بأنفسنا بالتوبة الصادقة.
ثانياً: على كل شخص منا أن يبدأ بإصلاح نفسه، وينظر لحال سلفنا الصالح كيف نهضوا بهذه الأمة ؟
ونعمل بعملهم، ونقتدي بهداهم، وقد قال الإمام مالك رحمه الله : ((لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)).
لابد من إصلاح قلوبنا، ونوايانا، ونجعلها معلقة بالله، ومخلصة لله، لا نريد من أي عمل إلا وجه الله، لا نريد الثناء من الناس أو أي أمر آخر.
وصلاح سلفنا الصالح كان بإتباعهم للكتاب والسنة، ولكن ما معنى إتباع الكتاب والسنة ؟
يكون الإتباع بفعل ما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، واجتناب نهيهما، فكان الصحابة رضوان الله عليهم ما أن يسمعوا أي أمر من أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو نهي إلا امتثلوا لهذه الأوامر واجتنبوا هذه النواهي، لقد جعل سلف هذه الأمة أهوائهم تبع لما جاء في الكتاب والسنة .
فهل حالنا مثل حالهم ؟
قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : الذين يؤخرونها عن أوقاتها . فهل نتهاون ونؤخر الصلاة بعد أن علمنا بخطورة التهاون في الصلاة أو تأخيرها.
فهيا يا أخي المسلم وأختي المسلم نبدأ بإصلاح أنفسنا ونعودها ونحببها لما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونبعدها عن كل ما يغضب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً: على كل شخص بعد أن بدأ بالتوبة وإصلاح النفس، عليه أن يبدأ بأهله وأقاربه والأصدقاء، يحاول إصلاحهم ويدعوهم بالتي هي أحسن، وأحق من يدعوهم والديه الذين سهروا الليالي من أجله، وتكبدوا المتاعب حتى يكبر هذا الابن وتكبر هذه البنت، ألا يستحقون دعوة منا لإصلاحهم، ألا يستحقون الدعاء لهم ؟
كذلك إخواننا لماذا ننساهم ؟ ألم نعش معهم في هذه الحياة حلوها ومرها، ألم يدافعوا عنا عندما كنا صغاراً، ألا يستحق هؤلاء أن نقف معهم ونمد لهم يدي العون على الطاعة ؟ وكذلك الحال مع الأقارب والأصدقاء، فلا ننساهم ولو بدعوة ونحن سجود لله، فأقرب ما يكون العبد لله وهو ساجد، فلا تناسهم من الدعاء.
رابعاً: بعد أن بدأنا مشوارنا للنهوض بهذه الأمة بالتوبة وإصلاح النفس والأهل والأقارب والأصدقاء، فيا ترى ماذا علينا ؟
هناك مسئولية كبرى تقع على عاتق كل فرد من هذه الأمة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
فالأب راع وهو مسئول عن أهل بيته، مسئول عن زوجته، وأبناءه، فعليه أن يقف مع زوجته، وتتكاتف جهودهما لتربية جيل يعتز ويفتخر بإسلامه، لا أقصد مجرد الانتماء إلى الإسلام فقط دون قول وعمل، بل يزرعون في قلوب أبنائهم حب هذا الدين، ونصرته، وبذل كل نفيس للنهوض براية الإسلام.
والمُدرس والمُدرِسة مسئولون عن الطلبة وإعدادهم إعداداً جيداً ليكونوا نواة خير لهذه الأمة، نواة يعز فيها الإسلام بهؤلاء الطلبة.
الطالب والطالبة المسؤولية عليهم أيضا فعليهم الجد والاجتهاد في دراستهم لا لأجل الشهادة والحصول على وظيفة، بل ليكونوا سبباً لرفعة المسلمين بعلمهم وإخلاصهم لهذا الدين.
المسؤولون والموظفون تقع على عواتقهم المسئولية، فلابد أن يكون عملهم خالصاً لله، ولو كان أدنى مستويات العمل الذي يقومون به، فعليهم أن يعملوا لرقي المؤسسات الموجودة في دول الإسلام والمسلمين، عليهم بالصدق والأمانة، وعدم الغش والخيانة، فكيف بأمة نريد النهوض بها، ونحن نغش في أعمالنا مع بعضنا، ولا يكون هدفنا مصلحة المسلمين وبلاد الإسلام.
فكل شخص بحسب تخصصه فالأمة بحاجة له، ولعل بإخلاصه وصدقه وأمانته، تتوحد الأمة على الحق، ويعود لنا عزها وشرفها.
حقاً هل سألنا أنفسنا ماذا فعلنا للنهوض بهذه الأمة ؟
هل سنجلس مكتوفي الأيدي ننتظر بطلاً من الأبطال ليخلص لنا الأمة من هذا الذل؟!، لا، بل علينا أن نشترك جميعاً في هذا الدور حتى ننهض بهذه الأمة.
هيا نبدأ العمل، بجد واجتهاد، ونقول: سنكون سبباً لنهوض هذه الأمة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول ..