بعض المفاهيم الخاطئة لبعض آيات الله واحاديث الرسول...!
ان من اخطر ما تواجهه أمتنا الاسلامية الآن أفراداً وجماعات، هو فصل العبادات بمعناها المعهود عن الاخلاق والسلوك، بحيث تكون مجرد قوالب واشكال خالية من الجوهر والمضمون والثمرة ونجد كثيرا من المسلمين فى عصرنا هذا يخطئ فى فهم معاني بعض الآيات القرآنية، ويعملون بما وصل الى اذهانهم من المفاهيم الخاطئة المتعلقة كذلك ببعض الاحاديث النبوية الشريقة، فيجدون عقولهم وقد انساقت وراء استدلال في غير موضعه. ومن ابرز المفاهيم غير الصحيحة ما تعلق بقوله تعالى: “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها” فبعض المسلمين اتخذ من هذا الجزء من الآية مندوحة لتسويغ تقصيرهم في أداء التكاليف التي كلفنا الله بها سواء كانت بالسلب أو بالإيجاب. بالسلب كالكف عما نهانا الله عنه، والإيجاب كفعل ما أمرنا الله به.فنرى البعض مثلاً يقصر في أداء الصلاة في وقتها، ويحتج بأن عمله شاق ولا يتيح له أدائها في وقتها، ويستدل بقوله تعالى “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”. مثال رجل اعمال او مدير ورئيس ولديه اجتماع ويأتى وقت الصلاة ويسمع المؤذن وتكون حجة فى نفسه فهذا فهم خاطئ للآية الكريمة واستدلال في غير موضعه. فقد كلفنا الله تبارك وتعالى بالصلاة في وقتها، حتى في أشد الظروف ضراوة. ففي ميدان القتال تؤدى الصلاة في وقتها في جماعات متتالية جماعة تحرس وجماعة تصلي. وهذا الامر ليس فيه تهاون الا في الأعذار الشرعية المعروفة لأن الله تبارك وتعالى قال “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً”. هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة لبعض ، أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليت الامر توقف عند الفهم الخاطئ بل تعداه الى الممارسة الخاطئة لأن العمل يترتب على الفهم.ومن المفاهيم الخاطئة التي يجب ان تصحح خصوصاً في عصرنا هذا، حيث يلهث الناس وراء فتاوى التيسير والتخفيف من أعباء التكاليف الشرعية نظراً لانشغالهم بأمور الدنيا. الجزء من حديث “ولكن يا حنظلة ساعة وساعة” فما صحيح المعنى المقصود؟! فهذا الحديث الذي بين ايدينا الآن، والذي اختتمه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله للصحابي الجليل حنظلة كاتب الوحي (يا حنظلة ساعة وساعة) تم تحريفه وتحويله الى شعار في بادئ الأمر فقالوا (ساعة لقلبك وساعة لربك) ثم نسبوا ذلك الشعار المخترع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “من كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار”.وبناء على هذا وغيره أصبح فهم الناس للعبادة مبتوراً، حيث قصروها على الشعائر المعروفة، ثم لا يبالون ما قصروا فيه بعد ذلك من أوامر الله ونواهيه واحكامه ووصاياه. إن الجمع بين العبادات وارتكاب الفواحش والمنكرات أمر خطير جدا لمن استمرأه، ويدل دلالة قاطعة على ان العبادات تحولت الى عادات تؤدى دون ادراك لمعناها ومقتضياتها، بالاضافة الى ان من يفعل ذلك يعيش بشخصيتين متناقضتين: شخصية المسلم الملتزم حين يؤدي العبادات، وشخصية الماجن المتمرد وهو يؤدي الفواحش والمنكرات، وهذا مرض نفسي يعرف بازدواج الشخصية يجب ان يعالج منه.ويتضح هذا بجلاء بأنك تجد مصليا زانيا، ويفصل بين الأمرين بقوله (هذه نقرة وتلك نقرة اخرى) او يقول (ما لله لله وما لقيصر لقيصر) وكذلك تجد الصائم الذي يشرب الخمر والمزكي الذي يأكل الربا والحاج الذي يحج الى بيت الله الحرام عاما ويحج الى دار الفسوق والفجور والعصيان عاما، كل ذلك تحت هذه الشعارات الزائفة التي يحمل رايتها ابليس اللعين وأعوانه.فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها، أبان الثمرة التي تترتب على فعلها، فقال سبحانه وتعالى “وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” وقد نصّ القرآن الكريم على الغاية من اخراج الزكاة، وهي تطهير النفس وتزكيتها من الحقد والغل والحسد والشيم المنكرة، وغرس مشاعر المحبة والمودة والرحمة، وتوطيد العلاقات بين شتى الطبقات.وشرع الاسلام الصيام، ولم ينظر اليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الاطعمة والاشربة، بل اعتبره خطوة الى حرمان النفس دائما من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكرة.وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بقوله “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة ان يدع طعامه وشرابه” وقال صلى الله عليه وسلم “ليس الصيام من الأكل والشرب انما الصيام من اللغو والرفث”. وقد بين القرآن الغاية من فرض الصيام بقوله سبحانه وتعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” ولعل في قوله تعالى: “لعلكم تتقون” معنى لكي او لأجل ان تتقوا، وتقوى الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه في السر والعلن.ورحلة الحج ليست مجردة عن المعاني الخلقية فقد قال تبارك وتعالى “الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوني يا أولي الألباب”.والمتأمل في نص الحديث الشريف الذي نحن بصدده، يعلم الهدف من استخدام الجزء الاخير منه وترك الباقي فالحديث له قصة.فقد رواه الامام مسلم في صحيحه عن أبي ربعى حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب.. احد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لقيني ابوبكر رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة!قال: سبحان الله ما تقول؟! قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي العين. فإذا خرجنا من عنده، عافسنا (لاعبنا) الأزواج والاولاد والضيعات ونسينا كثيرا. قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه: فوالله انا لنلقى مثل هذا، فانطلقت انا وابو بكر حتى دخلنا على رسول صلى الله عليه وسلم. فقلت نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماذاك؟! قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فاذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والاولاد والضيعات ونسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تداومون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة على فراشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات”.أي ساعة لأداء العبادات المعهودة وساعة اخرى للقيام بما يحتاجه الانسان في حياته، وفعل المباحات التي تدخل السرور على أولادك وأهل بيتك من العبادة.
[size=18]الإسم : خلف الله عطا لله عبد العليم[/size]