الطائفية بين السياسى والدينى
الاختلاف سنة كونية قال تعالى فى سورة هود# ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لاملان جهنم من الجنة والناس اجمعين#
فيخبر الله تعالى انه قادر على جعل الناس كلهم امة واحدة من ايمان او كفران كما قال تعالى فى سورة
يونس #ولو شاء ربك لامن من فى الارض كلهم جميعا #فلايزال الاختلاف بين الناس فى اديانهم
واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وارائهم الا ان الاختلاف الطائفى كان على مدى القرون فى غالبه
بعيدا عن التصعيد والتحارب ولكن ما ان تدخل السياسة والمطامع حتى تذكى هذا الاختلاف لمصالح
دنيوية ليكون الجميع هنا وهناك حطب تدفئة لتلك السياسات الماكرة التى ليست بالضرورة سياسات
وطنية او قومية او حتى دينية وانما هى بدوافع استعمارية خارجية عرفت كيف تفرق من اجل ان
تتسيد
قد تكون السياسة هى المولدة للطوائف فضلا عن الطائفية كما انها الاقدر على تحجيمها وكذالكتضخيمها
وان كان العنصر الدينى هو الظاهر الا ان العنصر السياسى هو الباطن المحرك بدهاء لتلك الطائفيات
ولذا نرى اليوم كيف يستغل العدو الخارجى قبل الداخلى الاثنيات للاستعمار والابتزاز واشغال الجميع
عن المطامع وان كانت السياسة عبر التميز الطائفى بين المواطنين فى بعض البلاد العربية هى المشجعة
للصراع الا ان الخطاب الدينى وتعبئة الطائفية عبر الشحن فى نقاط الخلاف والاستحضار الدائم للتاريخ
هو الاخطر والاعمق
ان نبرة الخطاب الطائفى عبر العنصر الدينى بفتاوى تكفيرية وخطب متطرفة وبيانات للتخوين
تدفع البقية الباقية الى الابتعاد المعنوى وبلا وعى نحو الاخر على حساب اللحمة القومية واالمصلحة المشتركة
ان واجبنا الشرعى يكمن فى تفكيك المفخخات التى صنعها جميع الاطراف واذكاها متطرفوها بسب
وبدون سبب حتى بتنا نعيش فى ردود الافعال هنا وهناك دون مراعاة للسنن الكونية والاحكام الشرعية
تجاه هذه الخلافات ولايعنى هذا الوحدة العقدية لكونها متعذرة وانما الوحدة الحياتية والتعاون على البر
والتقوى والتقارب فى المشتركات ومراعاة الطرف الاخر فى المختلفات والاتحادما امكن على المصالح
المشتركة ولن يتحقق ذلك بيد الغلاة من جميع الاطراف وانما عبر العقلاء المعتدلين الذين لايؤثرون
سلامتهمالشخصيةعلى حساب المصلحة العامة ولا يقدمون التناغم مع المشاعر الطائفية العارمة بين
وقت واخر لظروف طارئة عند الغوغاء والداهمة على حساب الحق
ان المصلحة المشتركة للجميع بان يتحدو ولو كانو مختلفين وما حصل فى اوطاننا العربية خلال هذا العقد
من الزمان اكبر دليل على خطورة هذه الشخصيات الطائفية على الدين والدنيا ولاخرة ولابد من تعاون
الوسطيين المعتدلين فى جميع الطوائف على الالتقاء والتقارب والتعايش على ان يكون بثقة ونية صادقة
ودون ان يتساوق مع المشاغبين المتطرفين فى الطرفين
هناك الاثنيات القومية والقبلية والاقليمية وحتى دقائق الاختلافات الكونية والواقعية فى ميدان الحياة والى
بلوغ الاختلاف فى الذوقيات ومانعيشه هذه الايام من منافسات رياضية عالمية يعطينا النموذج الدنيوى
كدليل على الاختلاف التى لايلزم بالضرورة كونهامن منشا دينى ولذا نجد المحاولات الخارجية لمزيد
من اثارة الفتن الطائفية لمصالحها الخاصة على حساب جميع الاطراف سواها
ولكن فى الوقت ذاته بجب الانبرئ انفسنامن المشاركة فى انجاح تلك الايثارات فليس من العقل والحكمة
ان نرمى باخطائنا على غيرنا حتى لاتستمر معانتنا
واذا كان وراء كل استعمار شعب قابل للاستعمار ووراء كل استعباد مجتمع قابل للاستعباد ووراء كل
استبدادبيئة قابلة للاستبداد فان وراء كل صراع طائفى طوائف قابلة للصراع عبر مايغذيه البغض هنا
وهناك فى الطرفين من تعبئة قابلة للانفجار فى اى لحظة مع انه لا ديننا الحقيقى يقبل بذلك ولا دنيانا
الواقعية تسمح به ولكننا نخطئ حتى درجة الخطيئة حينما نترك للمتطرفين فى الطرفين تصدر القيادة
والتغذية الروحية والشحن العاطفى ضد الجميع
ومما لاحظته التبرير لكثير من الاخطاء باخطاء اكبر منها فتسمع من هذا الطرف ان الاخر ولاؤه لاخر
مخونا له ودافعا للكثيرين الى مزيد من الاحتضان الوجدانى قبل الفعلى للاخر ليفرح به ذلك عبر فرحه
بتلك التخوينات التى تقرب الاول له وتبعده عن اخيه بمثل هذه التصرفات الهوجاء
ان الانسداد السياسى لايتحمله سوى السياسى ولايجوز تحميل الافراد فضلا عن المجتمع باسره تلك التصرفات ولا يجوز تحميل طائفة تصرفات احد افرادها حينما يكون فى قمة الهرم السياسى او الدينى
والا فلن يستقيم لنا عدل ولا يتساى بيننا ميزان
انه من المتناقضات ان نجيز لانفسنا التعامل مع كل مختلف وحتى مخالف لنا سواء فى الدين او السياسة
او غيرهما ثم لانجد من يقيسه فضلا عن الاولى فى سبيل التعايش الدنيوى ان لم يجد بزعمه اى باب
للتعايش الدينى بين جميع الاطراف
ان السياسة والمطامع الدنيوية هى السبب الرئيسى الذى شارك فى التلقيح وبارك الولادة ورعى الحضانة
ووطف الفتى الطائفى لمصالح مادية على حساب الدماء والافئدة وان كان الاخر عنا جميعا لايريد بنا كلنا
اى خير فليس من الدين ولا السياسة ولا العقل والحكمة ان نعطيه طلبه على طبق من ذهب
فليس من المصلحة ولا الوطنية وحتى الدين ان نعبا الجموع على التنافر والتناحر ويصبح العقل اللاواعى هو الذى يقود الابصار والبصائر نحو المزيد من التفرقة والتباعد
ان النية الطيبة والقصد الكريم والهدف السامى والممارسة الحسنة هن اللواتى يكفلن التعايش بين الاخ واخيه
فى ظل راية واحدة ولو اختلفا فيما يعتقدانه فالدنيا حق مشترك وفى الاخرة لن يظلم احد عند ربك
اذا كنا نحمل السياسة والاطماع المسؤولية على واقع الصراع الطائفى اليوم فى كثير من البلاد العربية
فاننا نحمل العبء الاكبر والمسؤولية العظمى على من لم يريدو الدنيا من العلماء فى الجانبين والذين
تركو للمتطرفين هنا وهناك المجال للنيل من الاخر بدينه ودنياه وحتى حقوقه الانسانية
نقل