محمد جلال مدير
العمر : 48 عدد الرسائل : 3199 تاريخ التسجيل : 20/08/2008
| موضوع: الأدب ماهيته وتعريفه ومسيرة تطوره 13/9/2008, 7:29 pm | |
| نتحدث بالحديث وندون العبارات ونكتب الجمل والمشاعر والأحاسيس والآهات والكلمات فنعلن للملأ بأن مانكتبه أدباً ونكتب في أقسام الأدب سواء في المنتديات أو في المجلات الأدبية المتخصصة ولكن هل ياترى الكلام الأدبي له قالب خاص يميزه عن غيره من الكلام العامي المستشري بين بني البشر؟
وهل الأدب له قواعد ومعالم ورؤى لكي نستطيع أن نقول عنه بأنه قالب أدبي.؟ وهل من يكتب الكلمات ويدون العبارت هو بالفعل أديب ؟
فما هو الأدب من وجهة نظر القارئ والمتابع لهذا الملتقى الأدبي؟ ماهي نظرتك كمتابع لما ينشر هنا وهناك بدعوى الأدب من شعر ونثر.
في هذه العجالة وددت أن أبين وجهة نظر اللغة العربية للأدب متى أطلق عليه هذا اللفظ ولماذا سمي أدبا ولم نطلق عليه لفظ كلاماً مرتباً أو منمقاً مثلا فدعونا نسرد واقع الأدب وتعريفه من قديم الزمان إلى وقتنا الحاضر مستلهمين المعنى الحسي واللفظي لما يطلق عليه لفظ الأدب..
أولا : التعريف اللغوي ففي لسان العرب لابن منظور وتاج العروس للزبيدي الأدب هو: الذي يتأدب به الأديب من الناس ، سمي به لأنه يأدب الناس إلى المحامد والمكارم وينهاهم عن المقابح واصل الأدب الدعاء ، ويقول: الأدب ملكة تعصم من قام به عما يشينه .
في المصباح المنير: أدبته أدباً : علمته رياضة النفس ومحاسن الأخلاق وأدبته تأديبا مبالغة وتكثير.
ثانيا: تطور لفظة الأدب..
لم يتطرق العصر الجاهلي إلى هذه اللفظة فكما نعلم أن الكثير من الألفاظ والأشعار قد فقدت ولم يصل منها إلا ماذكر عن طريق الرواية وليس عن طريق التدوين والدليل كما قال الدكتورهاسم صالح مناع في كتابه روائع من الأدب العرب بخصوص المعلقات وتسميتها فهذا ابن النحاس قال
(( لم يثبت ماذكره الناس بأنها كانت معلقة على الكعبة)) هذا بالنسبة للمعلقات المشهورة فماذا عن غيرها من الأشعار..
1- العصر الجاهلي لم يتطرق إليه إلى بقصة النعمان بن المنذر عندما خاطب كسرى قائلا له (( لقد اوفدت ايها الملك رهطا من العرب لهم فضل احسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم)).
ونجد كذلك اسم الفاعل منها (( آدب)) أي الداعي إلى الطعام أو صانع المأدبة نجد هذا في قول طرفة بن العبد(من الرمل):
نحن في المشئاة ندعو الجفلى..لاترى (( الآدب)) فينا ينتقر
اي يقول مفتخرا في قومه نحن في الشتاء وعندما يقل الطعام ندعو الكل ولا نخص أحدا بالطعام فهو للجميع غنيهم وفقيرهم.
((إذا هو المعنى الحسي الداعي إلى الطعام أو صانع المأدبة في العصر الجاهلي)).
2- العصر الإسلامي اخذت هذه الكلمة معنى ذهنيا بدلا من معناها الحسي وهو المعنى التهذيبي الخلقي قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم (( أدبي ربي فأحسن تأديبي))
أي علمني رياضة النفس ومحاسن الأخلاق الظاهرة والباطنة
وقد وردت بمعنى التدريب والتعليم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أدبوا اولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم، وحب بيته، ةقراءة القرءان فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لاظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه))
وقال عليه الصلاة والسلام(( لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع)) وهناك الكثير من الاحاديث من السنة النبوية المطهرة التي تتبعنا لفظة الأدب بها لطال بنا المقام. وقد ورد بمعنى حسن الأخلاق ، وفعل المكارم في قول سهم بن حنظلة الغنوي :
لايمنعُ الناس ُ مني ماأردت ولا.. أُعطيهم ماأرادوا حُسن ذا أدبا
والأدب هنا هو السيرة والطريقة
وقد تعني بالمعنى الخلقي التجريدي ، فهذه شاعرة من بني هزان تقول في ابن لها عقها: أنشأ يُمزق أثوابي ، يؤدبني..أبعد شيبي عندي يبتغي الأدبا
وهذا شاعر آخر من الفزاريين يقول: أكنيه حين أناديه لأكرمه ..ولا ألقبه ، والسوأة اللقبا كذاك أُدبتُ حتى صار من خلقي..أني وجدت ملاك الشيمة الأدبا
((إذا في هذا العصر تعني التأديب والخلق))
3- العصر الأموي عندما انتشرت الفتوحات وكثرت العائدات الإقتصادية للدولة الأموية وانتشرت الثقافة وانشغل الناس بطلب العلم ، حينذاك راح الخلفاء يتخذون لأبنائهم المعلمين فعرفوا بالمؤدبين ووضعوا شروطا لاختيار المؤدبين هنا اكتسبت اللفظة مدلولا جديدا وهو التعليم وهنا تطورت هذه اللفظة تدريجيا على النحو: المادي,,الخلقي،، التعليمي
العصر العباسي اخذت اللفظة تعني المعنيين معا : التهذيبي والتعليمي مع استبعاد اللفظ الحسي الذي ذكر سلفا ((إذا هنا في هذا العصر يعني التعليم واشتق منه بهذا المعنى المؤدبون)).
4- في اواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجريين اخذت لفظة الأدب تعريفها الطبعي نتيجة لما طرأ على الحياة من تطور ونمو وتغير فاصبحت تتصل اتصالا وثيقا بالأدب الذي نعرفه حاليا
فهذا ابن تمام( 131هـ-845م) يفرد بابا كاملا في ديوان الحماسة سماه باب الأدب يجمع فيه مختارات من طرائف الشعر، أما عن المعنى النهذيبي والتعليمي أورده البخاري (ت 256-870) في كتاب الأدب في مؤلفه المشهور والمعروف باسم الجامع الصحيح وكذلك بالنسبة لكتاب الأدب الذي صنفه ابن المعتز ( ت296-908) وهناك غيرهم اختصت بهذا المعنى أمثال: البيان والتبيين للجاحظ ، والكامل في اللغة والأدب للمبرد ، وعيون الأخبار لابن قتيبة ، والعقج الفريد لابن عبد ربه وزهر الآداب للحصري وغيرهم.
((إذا في هذا العصر دخل بمعنى التهذيب والتعليم معا كما هو الحال في ((الأدب الكبير والأدب الصغير)) لابن المقفع )) 5- عصر ابن خلدون ( ت808- 1405) اتسع مفهوم الأدب لديه كما هو الحال بالنسبة إلى اخوان الصفا ، وجاء تعريف ابن خلدون للأدب تعريفا مقنننا قال فيه(( الأدب : هو حفظ أشعار العرب وأخبارها من كل علم بطرف)) ((إذا تعني هناجميع المعارف الدينية والغير دينية )) 6- اخذت الكلمة منذ اواسط القرن الماضي تدل على معنيين : معنى عام يقابل معنى كلمة literature في الإنجليزية و literature في الفرنسية والتي تطلق على كل شي قيد الطبع أو كل مايكتب باللغة مهما كان اسلوبه ومهما يكن موضوعه. ((وهنا هي كل ماينتجه العقل والشعور منذ منتصف القرن التاسع عشر))
ثالثا: التعريف الإصطلاحي
عرف الدكتور شوقي الأدب على أنه : (( الكلام الإنشائي البليغ الذي يقصد به التأثير في عواطف القراء والمستمعين ، سواء أكان شعراً أم نثراً))
في حين يعرفه الدكتور محمد حسن عبدالله : ((إنه التعبير عن تجربة إنسانية بلغة تصويرية هدفها التأثير وفي شكل فني جمالي قادر على توصيل تلك التجربة))
وبالنهاية فأنه من العسير أن يتفق المؤرخون والأدباء والنقاد على وضع تعريف موحد للأدب على الرغم من محاولاتهم العديدة ومع ذلك فإنهم قد يتفقون على مفهومهم للأدب بدون أن يدونوه وحين يقومون بتدوينه فإنهم يتفقون على المعنى ويختلفون في اللفظ.
أما الدكتور هاشم صالح مناع استاذ الأدب العربي والنقد المساعد في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي فيقول: (( العمل الفني على اختلاف أنواعه - شعراً ونثراً- يبرزه الأديب من خلال اللغة المعبرة القادرة على التوغل في عقل السامع وقلب القارئ بطريقة ناجحة مؤثرة يستطيع من خلالها تجسيد العمل الفني وإحداث تفاعل - عند المتلقي_ الذي ينتج المتعة، وباختصار فهو الصياغة الفنية لتجربة إنسانية. | |
|
جمال عبدالراضى راوى مشرف سابق
العمر : 35 عدد الرسائل : 1676 تاريخ التسجيل : 25/12/2008
| موضوع: رد: الأدب ماهيته وتعريفه ومسيرة تطوره 13/1/2009, 9:13 pm | |
| | |
|