منذ فتره لم أره ضاحكا، نعم يتبسم أحيانا، لكن الحزن والكآبة أبدا ظاهران على محياه، يكثر السؤال عن أحوال المسلمين، يتتبع أخبار الاضطهاد والقتل والتشريد.. قال لي يوما:
!.. أولسنا على الحق وأعداؤنا على الباطل؟ قلت: بلى!!
- أولسنا في صف الرحمن، وهم في صف الشيطان؟ قلت: بلى!!.
- أولسنا ندعو إلى الفضيلة وهم يدعون إلى الرذيلة؟ أولسنا مسالمين لا نعتدي ولا نظلم وهم السفاحون الخونة؟.. قلت: بلى.. بلى !!
- فلماذا لا ينصرنا الله عليهم؟ لماذا نبقى في اضطهاد وتشريد؟.. أكاد أجن ! بل لو جاز قتل النفس لفعلت، مانفيق من ألم
صفعة إلا تتبعها أخرى! من الاعتداء على فلسطين وعلى أفغانستان إلى مذابح العراق و كشمير، وهدم المساجد في الهند، و.. و.. وآلام وويلات في بلاد الإسلام، حتى بلغنا من الذل أن ذبحنا ذبح الشياه في البوسنة والهرسك، ثم في كوسوفا..ثم في العراق وتايلاند ووو ...... ولاندري أين يكون الجرح القادم..
أطفال يتامى.. نساء أرامل.. فتيات يحملن في أحشائهن أبناء المعتدين ! لم يستطعن أن يحصلن ولو على حبوب منع الحمل..
إلى متى يستمر حال الأمة هكذا؟! صارالمسلم الآن لاينتظر إذا أصبح إلا خبرا مبكيا، أو موتا منسيا.. لاحول ولا قوة إلا بالله..
ثم بكى !.. بل اشتد بكاؤه.. وهو ينظر إلي.. ينتظر أن أشاركه النياحة!!..
أدخلت يدي في جيبي وناولته منديلا يمسح به بقية همه وغمه، ثم قلت له:
- خالد! لاتحزن إن الله معنا .. إن نصر الله قريب.. إي والله إنه قريب، وما يصيب أمة الاسلام الآن إلا آلام ماقبل الولادة.. نعم ولادة النصر والتمكين لهذا الدين
والدين منصور وممتحن فلا *** تعجب فهذي سنة الرحمن
واستمع إلى هذه البشائر:
قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:8-9]، وقال سبحانه: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون [الصافات:171-173]، وقال عز وجل: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:155].
فهذه كلها وعود جازمة بالنصر والتمكين، وعدنا بها من بيده ملك السماوات والأرض، وعدنا بها من قلوب العباد، وعقولهم، ونواصيهم، وقواتهم، وأسلحتهم، وتخطيطاتهم، بيده وحده لاشريك له.. فهل تنكر من ذلك شيئا؟..
ثم لا تنبهـر عينك من كثرة الكافرين وتألبهم على المسلمين، ولا تخش من أسلحتهم، وتطورهم، وظهورهم، فإن كيدهم مهما عظم فهو ضعيف: إنهم يكيدون كيدا، وأكيد كيدا، فمهل الكافرين أمهلهم رويدا [الطارق:15-17]، نعم أمهلهم رويدا.. وقد يكون هذا الرويد سنة أو سنتين أو عشرأ أو عشرين أو ألفا.. لكنه رويد مهما طال، وهم مع اجتماعهم، واتفاقهم على حربنا، إلا أنهم والله يوشكون أن يختلفوا ويقتتلوا، ويكفي الله المؤمنين القتال تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى [الحشر:14].
واستمع إلى هذه البشائر:
عن تميم الداري رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { ليبلغن هذا الأمر مابلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الشرك } [أخرجه أحمد والحاكم، وصححه الألباني].
وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، تكون ماشاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ماشاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة } [أخرجه أحمد، وصححه العرا قي، والألباني].
وعن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لايضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك } [رواه مسلم].
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { بشر هذه الأمة بالنساء، والنصر، والتمكين، ومن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا؟ لم يكن له في الآخرة نصيب } [أخرجه أحمد، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني].
هل تعلم؟!! سوف نقاتل اليهود ! نعم اليهود، الذين نجري الآن وراءهم نستجديهم السلام ! سوف نقاتلهم، بل سوف نقتلهم، ويقاتلهم معنا كل شيء حتى الحجر والشجر!.
عن أي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { لاتقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبأ اليهودي من وراء الحجروالشجر! فيقول الحجرأو الشجر: يامسلم ! ياعبدالله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود } [رواه البخاري ومسلم].
وسوت نفتح مأرز النمرانية، ونسيطر على أرض الفاتيكان، سوف نملك "روما " ونحكمها بالاسلام، نعم.. النصارى الذي يرسمون الصلبان بالسكاكين على صدور المسلمين في كوسوفا، وقبلها في البوسنة، وقبلها في بقاع كثيرة.. سوف يؤدون لنا الجزية عن يد وهم صاغرون، إلا أن يدخلوا في الإسلام..
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال: { بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سئل: أي المديتتين تفتح أولا: أقسطنطينية، أم رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينة هرقل تفتح أولا، يعني القسطنطينية. } [أخرجه أحمد، والحاكم وصححه ووافقه ا لذهبي، والألباني].
(من كتاب لا تحزن عائض القرني
منقووول9