مقال جميل للامام الاكبر الشيخ احمد الطيب قال الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر فى مقال بصحيفة واشنطن بوست، إن التعايش السلمى هو التزام على المسلمين وليس مسألة اختيار. فالنبى محمد "صلى الله عليه وسلم" لم يوص فقط بالترابط مع أتباع الإسلام لكن أيضا مع أتباع المسيحية واليهودية.
وأوضح الطيب أنه كان فخورا ليكون جزءا من قمة الحوار المسيحى الإسلامى التى عقدت فى واشنطن هذا الأسبوع، قائلا: "إنه يشرفنى أن أكون جزءا من هذا الحوار وأن انضم لأصوات لا تعد من الزعماء الدينيين البارزين لمناقشة سبل العمل سويا لتعزيز جهود السلام فى جميع انحاء العالم".
وأضاف أن رسالة 2007 المفتوحة التى تم توقيعها من قبل 138 زعيما مسلما، "كلمة واحدة"، قد مهدت الطريق نحو فهم أفضل للتنوع الدينى بين المسلمين. مؤكدا على أن وصية القرآن الكريم واضحة حول الحث على العلاقات الطيبة بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات السماوية الأخرى ، مشيراً إلى أن هناك مبدأين مهمين حول وجهة النظر الإسلامية فى حوار الأديان يجب التأكيد عليهم ، وهما أن الغرض من الحوار بين الأديان ليس بالضرورة أن نخلص إلى رابح وخاسر، أو تحويل الآخرين لديانات أخرى، وإنما هو التشارك فى مبادئ واحدة. فالحوار الصادق ينبغى أن يعزز عقيدة الشخص ويكسر فى نفس الوقت الحواجز.
كما أن الحوار لا يجب ألا يقتصر على الدوائر الأكاديمية والفكرية. فالغرض منه هو إزالة الغموض عن الإختلافات الدينية فى الحياة اليومية للناس. فالحوار لا يمكن إلا أن يقود الناس لفحص هوياتهم الدينية على نحو أعمق.
وأوضح الطيب أن جامعة الأزهر ظلت نشطة فى الوصول إلى الطوائف الدينية المختلفة، سواء داخل العالم الإسلامى أو على الساحة الدولية. وروح هذا الحوار تتضح فى الفتاوى الصادرة من قبل شيوخ الأزهر بالإضافة إلى أنشطة علمائها.
وعلى سبيل المثال، أصدر شيخ الأزهر محمود شلتوت عام 1959 فتوى تعلن أن المدرسة الفكرية التى يتبعها المسلمون الشيعة مقبولة لدى السنة، مؤسسا عهدا جديدا من الحوار والتعاون بين الطوائف. وقد زار البابا يوحنا بول الثانى الأزهر عام 2000 بعد تأسيس لجنة الحوار المسلمة الكاثوليكية التى لا تزال تجتمع حتى الآن.
وفى عام 2007، كان رئيس دار الإفتاء أول من وقع على مبادرة حوار الأديان "كلمة واحدة" تلك المبادرة التى دعت إلى الحوار بين المسلمين والمسيحيين استنادا إلى مبادئ محبة الله ومحبة الجار. وفى سلسلة من المؤتمرات التى تقام على هذه المبادرة، تقابل مفتى الديار المصرية وغيره من علماء المسلمين من مختلف أنحاء العالم مع الزعماء المسيحيين بالولايات المتحدة وبريطانيا، ومع البابا فى الفاتيكان، حيث ناقش الجانبان أهمية الحوار بين الأديان من خلال المنح الدراسية والمحبة الأخوية.
وعلاوة على ذلك، فإن جامعة الأزهر لم تحد من مشاركتها فى مسألة الحوار بين الأديان مع أتباع الديانات المختلفة، لكنها عملت على ربط هؤلاء بالمجتمع المسلم نفسه. كما خصصت جامعة الأزهر قبل عام مؤتمر الخريجين الدولى السنوى لموضوع الحوار بين الأديان. المؤتمر الذى جمع الطلاب السابقين من مصر ومختلف أنحاء العالم الإسلامى، وعمل على استكشاف مصادر التوتر بين الطوائف فى مختلف أنحاء العالم، وشدد على أهمية التوعية بالقيم المشتركة بين جميع الديانات السامية فى العالم.
ويؤكد الطيب فى ختام مقاله إن الإسلام ليس سبب مشاكل العالم، كما قد يرغب البعض فى تصويره، وإنما بدلا من سوء الفهم فإن الحوار بين الأديان يمكن أن يضع أسسا لتحقيق مستوى أعلى من التفاهم بين الأديان المختلفة على الصعيد العالمى، الأمر الذى من شأنه أن يفضى بمزيد من التسامح وقبول الآخر وتقدير للبشرية جميعا.